*بديل العقاب البدني :إن اللجوء إلى العقاب البدني لن يمنح المعلم إلا طفلا مضطربا نفسيا تتنازعه مخاوفه في كل لحظة يومئ فيها المعلم بيده من غير قصد بل أن الانعكاسات السلبية قد تحول دون إيجاد علاقة حميمة بين المعلم ومدرسته وقد تمتد معه إلى مراحل متقدمة من التعليم ناهيك عن حالات التسرب من المدارس والتي كانت بسبب ممارسات قاسية من قبل المعلـم .
وفي الصفوف المبكرة لن يعجز المعلم عن إيجاد الكثير من الأساليب التربوية المؤثرة والتي تعينه على ضبط فصله والسيطرة على تلاميذه أساليب لا تخلو من الرفق والرأفة بهؤلاء الصغار ويكفي أن يتعامل المعلم مع تلاميذه الصغار على أنهم رجالا ويمنحهم الثقة في أنفسهم لتحمل المسؤولية أو إسناد مهمات قيادية لهؤلاء الصغار الذين يحتاجون إلى تكثيف الجهد والعمل الدؤوب من خلال الاتصال بولي أمر التلميذ والمرشد الطلابي في حالات نادرة توجب تدخلهما لأن المعلم هو المعني بمجابهة كل ما قد يعترض سير أبنائه التلاميذ .
قال صلى الله عليه وسلم : ( ما دخل الرفق في شيء إلا زانه ، وما نـزع من شيء إلا شانه ) .
وتحية إجلال لكل معلم ينظر إلى هؤلاء الصغار نظرة الأب الحاني العطوف .
*العقاب بالنقد والتجريح :وهو أحكام سلبية على ما قاله الطالب أو عمله فعندما يطلق المعلـم رداً على ما قاله الطالب أو عمله كلمات مثل : ( ضعيف / خطأ / غير صحيح ) كان في هذا إشارة موحية إلى أن المعلم غير راض عن ما قـام به الطالب مما يضع حدا لتفكير الطالب حول الموضوع الذي يفكر فيه أو السؤال الذي يحاول الإجابة عنه . وقد نخفف من أثر ذلـك بأسلوب آخر ينم عن الحذق والذكاء بعيدا عن اللوم والتجريح فنقول مثلا : لقد قاربت على الإجابة الصحيحة / من منكم لديه إجابـة أفضل / لقد أجبت بما فيه الكفاية / لقد قلت ما عندك .
وقد تحمل ردود الفعل السلبية هذه معنى السخرية والتهكم حين نقول يا لها من فكرة تافهة أو : لم تحسن كما يجب أن تكون . وقد تتضمن ردودنا أحيانا تغيرا في لهجة الصوت ونبرته تنم عن الاستهزاء حين نقول : من الذي يريد أن يساعدك ما دمت تجيب هكذا ؟ أو من أين أتيـت بهذه الأفكار المبدعة ؟ أو مادام هذا قد أنهى إجابته فمن الذي يعطينا الإجابة الصحيحة ؟. لقد ظهرت العديد من الدراسات حول هذا الموضوع أن النقد والتقريع لا يساعد على رفع مستوى الإنجاز أو مستوى التعلم عند الطالب وفي ذلك يقول عليه السلام : ( لقد بعثت معلمـا ولم أبعث معنفا ) .
إن في استخدام اللوم والتجريح ما يخلق عند الطالب اتجاهات سلبية قد يدوم أثرها إذا ما تكررت وتكون عامل إحباط عنده وعلى تدني مستوى الإنجاز والتحصيل . إن استخدام أسلوب النقد القاسي والمباشـر أو التجريح والإهمال ليس أسلوبا مناسبا لمعالجة المشاكل المدرسية والصفية عند الطلبة وبخاصة فيما يتعلق بالتحصيل الأكاديمي .
فمثل هـذا الأسلوب يضعف ثقة الطالب بنفسه ويعمل على خلق صـورة ضعيفة على الذات والشعور بالإحباط والفشل وبالتالي فهـو لا يشجـع الطالب على أن يفكر أو يعمل على تقوية حافز التفكير عـنده .
*العلاج بالمديح والثواب :يمكن أن نعرف الثناء (المديح) بأنه نقيض للنقد والتجريح لأنه يستخدم الجوانب الإيجابية في أعمال الطلبة حين الحكم عليها . مثل قولنا : حسنـا / ممتاز / عظيم وهكذا . وإليك بعض العبارات الدالة علـى ذلـك : لقد كانت هذه إجابة حسنة / لقد أبدعت في الرسم أو في كتابة موضوع الإنشاء / لقد كنت متفوقا في تفكيرك / لقد كنت لطيفا في التعامل مع زملائك / لقد جئت بما هو أفضل ما جاء به طالب في الصف .....الخ . يؤيد العديد من المعلمين استخدام المدح والثناء لتعزيز نوع معين من السلوك وبناء التقدير الذاتي والكيان الذاتي عند الطلبة .
إن استخدام الثناء أمر مناسب في ظل ظروف معينة وقد يكون من المستحدث والمرغوب فيه أن لا يستخدم المعلمون الثناء إلا في ظل هذه الظروف وبشكل لا يخرج عند حد الاعتدال ومن أجل الهدف الذي وضع له ومن المفيد أن يستبدل المعلم الثناء أحيانا بتقارير تتناول ردود فعل المعلم على أعمال الطالب التي تقضي بشكل أكبر إلى تنمية مهارات التفكير عند الطالب . ويبدو أن أفضل استخدام الثناء يكون مع طلبة معينيـن وفي أعمال معينة وبناء على التقدم الذي يحرزه الطالب بالنسبة لإنجازاته السابقة وليس بالمقارنة مع إنجازات غيره ففي ذلك ما يشجع الطالب على السير قدما للأمام وما يخلق عنده وازعا ذاتيا للقيام بالواجب والجهد المطلوب دون أن يتعرض لأية ضغوط خارجية أو مواقف محرجة . إذ يجب أن نبقي عنده الأمل حيا في التقدم والتفـوق وخصوصا لأولئك الذين هم من متوسطي الذكاء أو من الضعيفين فيه فقد تمنح جائزة للفائز الأول أو الثاني مثلا وكذلك من حصل على المرتبة الأخيرة .
وفيما يلي ظروف ثلاثة يكون فيها استخدام المديح والثواب وهـي :
1) الطالب المتردد الذي فقد الدافعية للعمل ويعتمد على الغير حيـن يتعلـم .
2) مع طالب الصفوف الدنيا : يدرك الأطفال في مراحل حياتهم الأولى معنى الصواب ومعنى الخطأ ويميزون بينهما بما يلقونه مـن ثواب أو يتعرضون له من عقاب على تصرفاتهم على أيدي الكبار فـي البيت والمدرسة ويدركون في مرحلة لاحقة نوع تصرفاتهم وما إذا كانت سليمة أم لا من خلال ما تحدثه هذه التصرفات من آثـار على غيرهم وبذلك يصبحون قادرين على إدراك حقيقة السلوك السوي الذي يتمشى مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده .
3) الأعمال المعرفية الدنيا : نحن نطرح أسئلة على الطالب في موضوع ما بهدف الوقوف على مستوى معرفته بهذا الموضوع وقد نطرح السؤال للحصول على إجابة له من خلال ما استمد الطالب من معرفة عن طريق الحواس أو عن طريق المعرفة المختزنة في الذاكرة فيتذكر هذه المعرفة ويسترجعها للوصول إلى الإجابة وقد يطرح الطالب إجابة صحيحة للسؤال من خلال توقعاته وتنبؤاته دون أن يستند على خلفية معرفية عنده .
المراجع : 1 - المدرسة وتعليم التفكير . ( تأليف محمد عبد الرحيم عدس ) ..
2 - الكفايات الأساسية للمعلم الناجح . ( تأليف:محمود عطية طافش ) ..
3 - العقاب البدني في الصفوف المبكرة . ( تأليف : عبد الله أحمد الغامدي ) ..