عندما أصبحت المدرسة مؤسسة إجتماعية تتحمل العبء الأكبر في عملية التنشئة الإجتماعية، وصارت لها وظائفها الاجتماعية المتعددة التي يترتب على آدائها إعداد المواطن الصالح، بدأت تستفيد المدررسة من كل تطور يظهر في العلوم المختلفة التي تساعدها على أداء وظائفها بالصورة المنشودة، وكان علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي على رأس العلوم التي أفادت الميدان التربوي بدرجة كبيرة وخاصة تلك الأبحاث والتطبيقات التربوية التي كان من نتائجها ظهور بعض المصطلحات الجديدة مثل الأدوار الاجتماعية والجو الاجتماعي في المدرسة.
ويقصد بالجو الاجتماعي في المدرسة نسيج العلاقات القوى المتشابك والمترابط بين مجموع أفراد المجتمع المدرسي من مدرسين وأخصائيين اجتماعيين وتلاميذ وكل من يتصل بهؤلاء جميعا من أولياء الأمور من أهالي المجتمع المحيط بالمدرسة ومن ممثلي السلطات المحليه والمركزية المشرفة على التعليم، على أن يسود الحب والتعاون والتفاعل الايجابي المثمر بين الجميع، وهذه العلاقات القوية المتشابكة لا تتم عشوائيا وانما يخطط لها وتصمم لها البرامج والأنشطة المناسبة للتحكم في روابطها وتحديد قوتها وطابعها ومداها عن طريق دستور المدرسة ممثلا في القرارات والتعليمات والتقاليد والقيم التي تسير على هديها و الأساليب التي تتبع والحقوق والواجبات التي تمارس والمسئوليات التي يضطلع بها.
ومن هنا ظهرت أهمية الخدمة الاجتماعية في المدرسة حيث أنها هي النظام الاجتماعي القادر على خلق هذا الجو الاجتماعي في المدرسة والقادر على تهيئة الجو المدرسي بحيث يصبح جوا تسوده العلاقات الطيبة وينتشر فيه الحب والتعاون والإخلاص بالصورة التي تسمح لأفراده بممارسة أدوارهم الاجتماعية بما يؤدى إلى تطور المجتمع واستمرار بنائه ونمائه.
وهكذا تصبح المدرسة مؤسسة اجتماعية تحتوى النظام التربوي وتطبقه، وأصبح لها وظائفها الاجتماعية التي لاتقل أهمية عن وظيفتها التعليمية بعد أن توفر الجو الاجتماعي بالمدرسة، وأصبحت التربة صالحة للغرس والنماء، وتساندت المدرسة وظيفيا مع الخدمة الاجتماعية واستعانت بطرقها الثلاث للانسان كفرد، وكعضو في جماعة، ومواطن في المجتمع، ومن هنا تم تخطيط وتنفيذ برامج و أنشطة الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي بما يضمن خدمة التلاميذ وتنمية شخصياتهم وفق قدراتهم وظروفهم واحتياجاتهم كأفراد وكأعضاء في جماعات يتفاعلون فيها وكأعضاء في الوقت ذاته في مجتمع عام يعيشون فيه ويشاركون في بنائه وإنمائه.
المرجع: عبد الخالق محمد عفيفي: الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي،جمهورية مصر، المكتبة العصرية،ط2007