حب المدرسة

يملك الأطفال إمكانات عقلية كبيرة ،وقدرات هائلة، لكن نفاجأ بهم يجمحون عن الذهاب إلى المدرسة في السنة الأولى ؤ يستثقلونها في السنوات التالية ؤ حيث يرونها شيئا مخيفا يرتاعون منه ، فالطفل يسعد كثيراً في الأيام التي يستعد فيها للدراسة ونراه يستمتع باقتناء مستلزماته المدرسية ، وما أن تأتي ساعة الصفر حتى ترى الأقدام جامدة والدموع تنهمر كالسيل رغبة في البقاء في الحضن الدافئ.
يعد علماء النفس اليوم الأول للمدرسة في السنة الأولى يوما حاسما في حياة الطفل ،له ما بعده ﻣ̉نَ حب أو كره لها، فهي تجربة جديدة يخوضها الطفل لوحده بعد أن اعتاد علىٓ ﻣ̉نَ يلبي له طلباته ويراقبه في حركاته وسكناته ، فهو بحاجة ماسة إلى فتره ﻣ̉نَ الزمن حتى يتكيف مع الوضع الراهن .
تشير إحدى الدراسات في هذا المجال أن الطفل يرفض الذهاب إلى المدرسه لأنه يواجه للمرة الأولى في حياته مناخا مختلفا فيه نظام مختلف ، ومعاملة مختلفة ووجوه لم يألفها ﻣ̉نَ قبل فلا أحد يعرف اسمه ويناديه به ؛ لذلك يصاب بأعراض الخوف والقلق واضطرابات في المعدة وشحوب اللون والصداع والغثيان والقيء والتبول اللاإرادي ، فذهابه إلى المدرسة يشكل صدمة الانفصال عن الأسرة ،وصدمة بالبيئة الجديدة.
ﻣ̉نَ هنا كان لزاما علىٓ الأسرة أن تتحكم في مشاعر الطفل وعواطفه وعلاقاته الاجتماعية فالدلال الزائد، والحرص المبالغ فيه علىٓ الطفل هي ﻣ̉نَ أهم أسباب الخوف ﻣ̉نَ هذا العالم الجديد ورفض الطفل للمدرسة .
ومن أهم الإجراءات الواجب العمل بها حتى يصل الطفل إلى درجة التعلق بالمدرسة ما يأتي :
1. تجنب الإفراط في تدليل الطفل منذ السنين الأولى ؛ وذلك بإتباع أساليب تربوية متوازنة، كما يجب أن لا نشعر الطفل بالخوف الشديد عليه والحرص ، ونتوقف عن التنبيهات المستمرة (أفعل كذا ولا تفعل كذا)حتى نعطيه فرصة التجربة والاعتماد علىٓ النفس.
2. تهيئة الطفل لدخول المدرسة نفسيا، وعدم تخويفه منها ، وتجنب الايحاءات السلبية حول المدرسة والرفاق والمعلمين ؛ إذ يسهم الإعلام أحيانا في إعطاء صورة سلبية عن المدرسة والمعلم .
3. تعويد الطفل علىٓ الأجواء الاجتماعية المختلفة ، وإعطائه الفرصة للحياة في أوساط أخرى غير العائلة والأقارب، وذلك قبل الدخول للمدرسة.
4. عدم تأخير سن الفطام عن السنتين ؛ لأن ذلك يؤدي إلى تأخر النضج الانفعالي عن الطفل ، ونتعجب أحيانا عندما نرى بعض الأطفال في الروضة ويحملون الرضاعات معهم.
5. علىٓ المدارس أختيار معلمين أكفاء لتدريس المرحلة الأولى؛ لأنها المرحلة التي تقوم عليها عملية التربية فيما بعد.
6. التركيز علىٓ تكييف الطفل في المدرسة، وتجنب إرهاق كاهله ﻣ̉نَ البداية بالواجبات والالتزامات الدراسية ، والتي تزيد ﻣ̉نَ توتره وقلقه.
7. توظيف الأساليب الحديثة في التعليم سواء أكان في البيت أم المدرسة مثل أسلوب التعلم باللعب ، ويراعى عدم المبالغة في توظيف هذه الأساليب حتى لا يقع في نفس الطفل أن عملية التعليم تقوم علىٓ اللهو وبعيدة عن الجد .
والحقيقة أن نزع فتيلة الرهبة ﻣ̉نَ المدرسة عملية لها ثمارها في مستقبل الطفل؛ إذ ينشأ علىٓ حب المدرسة والعلم،فلا يصدق أن تنقضي ليلته كل يوم حتى يهب إلى حقيبته المدرسية مغتبطا مسرورا.



المرجع :البطاشي،خليل،2009،تأملات في التربية والإبداع ،ط1،دار جرير للنشر والتوزيع،عمّان.