" تلعب الإدارة التعليمية دورا هاما في عملية التربوية وسير النظم التعليمية وعلاقتها بالنظم الاجتماعية والاقتصادية والفنية والسياسية التي بدورها تقوم بالضبط المسبق لكل ما يتعلق بسير النظم التربوية والتعليمية من خلال المراحل التعليمية التي يمر بها كل فرد من أفراد المجتمع في عصرنا الحالي من الواضح جدا دورها في القضاء على الأمية بالإدارة المدرسية، ودورها في المؤسسة التعليمية ونظام التعليم بالمدرسة.
يعتبر ميدان الإدارة المدرسية من ميادين الدراسات الحديثة وليدة القرن العشرين، وإن كانت الممارسة الفعلية لها، قد بدأت منذ عصر ما قبل التاريخ، يوم إن كان الإنسان يعيش معيشة بدائية، فكانت تربيته تدور حول هدفين رئيسين هما لقمة العيش وتوفير الأمن وكانت فلسفة التربية يحددها الأب والأم فكأنهما المدرسين وأبنائهم التلاميذ وحجرات الدراسة هي تلك الطبيعة الواسعة التي يعيشون فيها وقد تطور مفهوم الإدارة المدرسية تطورا سريعا بفضل تطور مفاهيم إدارة الإعمال والصناعة من جانب وتوافر كثير من الدراسات والبحوث في ميدان الإدارة المدرسية.
وعلى كل حال فان اهتمام رجال التربية بالمستقبل لا يقل عن اهتمام غيرهم في المجالات الأخرى إن لم يرد عليه ذلك إن للتربية دورا هاما في تشكيل صورة المستقبل ومما يعكس هذا الاهتمام ظهور مؤلفات تربوية متعددة تحمل عبارات المستقبل في عناوينها وفي مقدمة هذه الكتب المجلدات السبع وفي العالم العربي بصفة عامة الاهتمام أيضا بمستقبل التربية وفي مصر محاولة لتخطيط التعليم لعام 2000 وإذا كانت ملامح هذا العصر المعرفي وتفجر الآمال والمطامح فان هذه الأبعاد الثلاثة ستظل سعة مميزة للمستقبل أيضا. وهذا يعني أشياء كثيرة بالنسبة للإدارة التعليمية والتفجر السكاني يعني زيادة في إعداد التلاميذ.
وما يترتب على ذلك من ضرورة توفير الفرص التعليمية اللازمة لهم وما يرتبط بذلك من توفير المدارس والتجهيزات والبرامج للمعلمين وغيرها، والتفجر المعرفي هي مواجهة السلطات التعليمية بمشكلة التوصل إلى صيغة مناسبة تتكافأ مع التضخم الكمي والتعقد النوعي للمعرفة المعاصرة، ويرتبط بذلك أيضا ازدياد الطلب الاجتماعي على التعليم نتيجة التحسن المستقر في مستويات المعيشة وزيادة إهمال الناس ومطامحهم في الحياة وهذا يعني لا مجرد المزيد من الفرص التعليمية أي الامتداد الأفقي وإنما يعني أيضا الامتداد الرأسي بمعنى إطالة سنوات التعليم الإلزامي المجاني الذي توفره الدولة للأفراد.
وسيترتب على ذلك تضخم في الاستثمارات التعليمية ونمو في حجم المؤسسات التعليمية وتنوع في البرامج الدراسية، ومرونة في الامتحانات والنقل وإلغاء الحواجز التقليدية بين الفرق الدراسية وبين أنواع المدارس ليتحقق في النهاية نموذج مدرسة تتلاشى فيها الحواجز المصطنعة لتقسيمات الفرق الدراسية والمواد الدراسية وتتسم بالشمول في تلاميذها وبرامجها معا.
ولعل أهم التطورات المستقبلية التي ستشهدها ميادين التعليم بما فيه الإدارة التعليمية هو تعميق الجانب المهني فيه بحيث يتحقق بهذا الميدان في النهاية والاعتراف الكامل بحقوقه المهنية كما سيزداد أيضا اعتماد التربية على التكنولوجيا والاستفادة من الخبرات التكنولوجية في مجال التعليم.
أن النظرة التقليدية لوظائف المدير على أنه يخطط وينظم ويوجه ويراقب نظرة لا تفيد كثيرا في تحليل عمله ومعرفة متطلباته وإن كانت تفيد في معرفة محتوى عملية الإدارة التي تقوم بها مجموع المديرون فمن خلال معرفتنا لمشكلات الإدارة المدرسية في التعليم الأساسي تبين أن النظرة التقليدية لما يفعله المديرون نظرة فيها تبسط أكثر من اللازم كما أن المشاهدات العملية عما يفعله المديرون تفعل في ربط الأجزاء ببعضها فالمدير يقوم بعدة ادوار أي يمثل الكل المتكامل بمساعدة المدرسين والآباء والتلاميذ.
فيجب أن تتغير نظرة المجتمع التقليدية للمديرين وتصبح النظرة الديناميكية هي السائدة ".(1)
(1) الجوانب السلوكية في الإدارة المدرسية، ندى عبدالرحيم المحامدة، دار صفاء للنشر والتوزيع، ط1، الأردن، 2005م، ص305-308، (بتصرف).