تكثر المخاوف عادة في مرحلة الطفولة المبكرة،نتيجة عدم قدرة الطفل على إدراك العالم الخارجي وفهم ما يدور فيه.
وهذا أمر طبيعي فهناك الخوف من الحيوانات والخوف من الظلام.. والخوف من الغرباء..والخوف من الوحدة..وهذه المخاوف سرعان ما تزول وتختفي بشيء من الرعاية والتوجيه والإرشاد.
لكن بعض المخاوف تظهر في مرحلة الطفولة المتوسطة.
وأكثر المخاوف انتشاراً في هذه المرحلة هي الخوف من المدرسة أو رفض الذهاب إليها..وهذا الأمر الذي يؤثر على التحصيل العلمي.
ويمكن ملاحظة هذا الخوف في السلوك كمظاهر الاحتجاج والرفض والبكاء والعناد،والتذرع بحجج غير مقنعة أحياناً أخرى
الخوف من المدرسة يعيق نمو الطفل من الناحية النفسية والاجتماعية والانفعالية ولا يزول في كثير من الأحيان مع مرور الوقت.
لإلقاء الضوء على هذه المشكلة أجرينا هذا الاستطلاع في ثانوية أم الزيتون،التقينا عدداً من الطلاب:
ــ الطالبة (ر – ج)الصف التاسع،قالت:عندما كنت صغيرة،كنت أكره القدوم إلى المدرسة،كنت أكره الابتعاد عن أمي وعن المنزل حيث ألعابي وتسليتي،فأستيقظ صباحاً على ألام شديدة في معدتي أو في رأسي ولكن أمي كانت تعطيني الدواء وتأخذني بنفسها إلى المدرسة ولم تترك لي مجالاً للغياب.
ــ الطالب (أ ـ ع)الصف التاسع،قال:أنا لا أحب التحدث عن هذا الموضوع لأني أشعر بالحرج كلما ذكرته،فعندما كنت في الصفين الأول والثاني كنت أكره القدوم إلى المدرسة،كنت أبكي باستمرار وأقدم الحجج لوالدتي التي كانت تسمح لي بالغياب أحياناً عند إصراري الشديد،الأمر الذي أقلق والدي وجعله يكثر من زياراته للمدرسة،ظناً منه أن أحد المعلمين يضربني أو أحد زملائي في المدرسة.
ــ الطالبة (ر) –الصف العاشر،قالت:أمي معلمة،وبسبب ظروف عملها وضعتني في الروضة في سن مبكرة جداً،كانت الروضة قريبة من المدرسة وكانت تزورني باستمرار في فترات الاستراحة،كنت ألهو وألعب مع الأطفال وكنت أرسم كثيراً وعندما دخلت المدرسة لم أعانِ من خوف أو قلق..ولم تكن البيئة الجديدة في المدرسة غريبة عني بالإضافة إلى تواجد أمي في المدرسة باستمرار،وأنا أحب المكان الذي تتواجد فيه أمي.
كانت تشجعني دوماً وتهتم بي وتشتري لي والقصص الملونة وتقرأها لي باستمرار،الأمر الذي جعلني،أحب المدرسة وأحب المعلمة وأشعر بمتعة العلم والتفوق وإلى الآن أنا من المتفوقات في مدرستي.
كنت أشعر بخجل شديد عندما يسألني معلمي عن سبب خوفي الغير مبرر،فهو كان يهتم بي جداً ويعاملني بلطف.
بعدها أدركت أني على خطأ واعتدت القدوم إلى المدرسة في كل يوم،والفضل لمعلمي ولأسرتي.
ــ الطالب (ر – م)،الصف التاسع قال:أنا كنت أنتظر الساعة السابعة والنصف بفارغ الصبر،كي انطلق راكضاً إلى المدرسة،حيث مساحة الحرية أكبر مما هي عليه في المنزل،كان يترتب عليّ دوماً التزام الهدوء في المنزل حيث وجدت المدرسة باباً مفتوحاً للحرية واللعب.
السيدة "زهى حرب"المرشدة الاجتماعية والنفسية في ثانوية أم الزيتون:
ظاهرة الخوف المرضي من المدرسة ظاهرة شائعة وأسباب خوف التلاميذ من المدرسة كثيرة ومن أبرزها:خوف الطالب من الامتحان،خوفه من بناء علاقات اجتماعية جديدة حيث لم يعتد في طفولته على هذا العدد الكبير وهذا يقلق الكثير من الأطفال،أو خوف التلميذ من المعلم وهذه مشكلة خطيرة،وهي من أكثر المشاكل التي واجهتنا وفي كثير من الأحيان يقع اللوم على الأهل،الكثير من الأمهات من يخوفهن أبناءهن المدرسة كوسيلة للعقوبة أو الترهيب،كأن تقول لطفلها:عندما تذهب إلى المدرسة سيضربك المعلم إن فعلت هذا الشيء أو إن رفعت صوتك،فيرسم الطفل في ذهنه صورة سيئة عن المدرسة مرتبطة دوماً بخوف من العقوبة التي سيتلقاها من المعلم،فيفقد ثقته عندها بالمعلم وبمن حوله.
*وكيف عالجت المشكلة؟
بالتعاون مع المعلم طبعاً..المعلم يجب أن يكون بديلاً عن الأب والأم بالأسلوب المثالي وتشويق الطالب للحصول على المعلومة واكتسابها وبتعزيز مكانة الطالب بين رفاقه بالمكافأة والتشجيع.
*يعاني الكثير من الأطفال من انعدام الثقة بالذات ، الأمر الذي يجعل الطفل خجولاً دوماً ويجعله أيضاً عرضة للنبذ والاضطهاد من قبل رفاقه،برأيك ما سبب هذه المشكلة؟وهل واجهت حالة مشابهة في المدرسة؟
الحقيقة أنها من أصعب الحالات التي واجهتنا بسبب:إن مرحلة تكوين شخصية الطفل هي في السنوات الخمس الأولى وتنعدم ثقة الطفل بنفسه نتيجة اعتماده الشديد على والديه وعلى الأم بشكل خاص،علينا تعليم أبنائنا الاعتماد على أنفسهم وإن بدر منهم أخطاء في البداية علينا تشجيعهم لتجاوزها،وبهذا ننمي ثقتهم بأنفسهم وينعدم الخوف لديهم تدريجياً عند الإقدام على شيء جديد أو عندما نضعهم في بيئة جديدة كالمدرسة مثلاً.
كان لدينا مشكلة مع أحد الطلاب في المدرسة،كان خجولاً ومنعزلاً عن رفاقه دعوت زملاءه ليتعاونوا معه بنشاطات مختلفة،أذكر أني طلبت منهم الاجتماع في بيته وصنع مجلة حائط يشاركون فيها جميعاً
وقمت بإخبار مدرسه فكان يعمل دائماً على تعزيز ثقته بذاته ويشجعه باستمرار.
*على النقيض تماماً،قد يميل بعض الأطفال في سلوكهم إلى العدوانية،والطفل العدواني يرهب رفاقه ويخيفهم ويضربهم أحياناً،كيف نتعامل مع الطفل العدواني في تصرفاته؟
يجب أن نبتعد في البداية عن توبيخ الطفل وضربه،لأن الضرب والتوبيخ يزيد من عدوانيته،الطفل العدواني هو طفل جريء في أكثر الأحيان ولديه طاقة كبيرة،أنا أحاول الاستفادة من طاقته بأشياء مفيدة،أحاول أن أنمي روح التعاون بينه وبين رفاقه من خلال دروس الرياضة مثلاً،والموسيقى..
*بالنسبة للطفل الذي يشكو من صعوبات في النطق ،كيف يتم التعامل مع هذا الطفل؟
هذه المشكلة لها سببان:عضوي ونفسي،إذا كان السبب عضوياً فهو يحتاج إلى طبيب مختص لمعالجة(مشاكل في اللسان أو ما شابه) أما إذا كانت نفسية فالمشكلة بحاجة لحل وقد تبين لنا أن من أكثر المشاكل النفسية التي تجعل الطفل يعاني من صعوبة في النطق ظلم الأهل ومعاقبتهم المستمرة للطفل،أو الخلافات الحادة بين الزوجين.
*أما بالنسبة لرفاقه،قد يتعرض للسخرية والاستهزاء من قبل رفاقه فما هو الحل؟
نقوم بشرح حالته لرفاقه ـ خاصة إذا كان السبب عضوي ـ وندعوهم للتعامل معه برفق ولطف،ونساعده على تجاوز مشكلته.
أظهرت دراسة مؤخراً أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يشهدون المشاجرات المستمرة بين أبويهم يخافون الذهاب إلى المدرسة ليس بسبب المشاجرة بل خوفاً على الأم من ظلم وبطش الأب،ما رأيك بهذه المشكلة؟
هي مشكلة موجودة وشائعة لدى معظم الأسر،يجب أن يعلم الآباء أن احترام مشاكلهم أمام أبنائهم تولد في نفس الطفل مشكلة كبيرة لا تزول بسهولة مع مرور الوقت وقد ترافقه طوال حياته،يظل الطفل خائفاً..مشوش الذهن.. الأمر الذي يؤثر على سلوكه وتحصيله العلمي.
وبشكل خاص الطفل الأصغر في عائلته،لاحظت أن أكثر مشاكل الخوف من المدرسة والتعلق الشديد بالأم لدى الطفل الأصغر فنحن نعطيه النصيب الأكبر من الرعاية والاهتمام،الأمر الذي ينعكس سلباً عليه. ...
الخدمات الإرشادية والتوجيه:
- الخوف شيء طبيعي يمكن إزالته والتغلب عليه بعد دراسة أسبابه.
- تعليم الطالب كيفية التغلب على التوتر.
- الاستعانة باللعب لتعويده على المواقف والأمور التي تثير خوفه،حتى يألفها ويتعلم التعامل معها بكفاءة كبيرة.
- تعريض الطالب بشكل تدريجي للمواقف التي يخاف فيها.
- تعويده على مشاهدة وملاحظة الأفراد الذين لا يعانون من الخوف ،ليرى كيف يتعامل هؤلاء مع المواقف المختلفة ،لاتخاذهم كنموذج يقتدي به.
- الممارسة المتواصلة والتمرين المستمر يشعر الخائف بالراحة ويزيلان توتره .
- التمثيل فرصة طيبة للتعبير عن انفعالاته ومخاوفه .
- استعمال الطالب لخياله بصوره إيجابية وتصوره لأشياء محببة يقلل المخاوف لديه
- المدح والمكافأة أمران هامان لا غنى عنهما لتبديد الخوف .
- تعلم الطالب الحديث الصامت والإيجابي مع النفس حيث يحول الشعور بالعجز والخوف الى شعور بالثقة والاستقلالية والكفاءة والهدوء والشجاعة والإيجابية والتصميم .
- يفيد أسلوب الاسترخاء في تقليل الخوف وتهدئة الأعصاب.
- التنفس المنتظم والعد البطيء يؤديان إلى تبديد الخوف وزيادة التركيز وتقوية الانتباه.
-أن يوفر البيت للطالب جواً فيه الأمن والاحترام والحرية للتعبير عن مشاكله وإشراكه في النقاش وسماع وتقدير آرائه مما يرفع ثقة الطالب في نفسه ،ويزيد من قدرته على مواجهة مواقف الخوف
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
المراجع:
مطويات الاخصائي أحمد السالمي مدير مدرسة المر المالكي
www.swaida.com/index.php?news=4347