الانحرافات الاخلاقية

نعنى بالانحرافات الاخلاقية النواحى المرتبطة بالقيم الاخلاقية التي لا تقبل التغيير مهما تغيرت الظروف والاوضاع ولهذا تتصف بالشمول مهما اختلفت النظم السياسية والاجتماعية ومهما تباينت أنماط الحياة وتعددت معايير المجتمع وقيمه ومن أمثلة هذه الانحرافات نذكر:
الغش والسرقة والوشاية والكذب وشهادة الزور والانحراف الجنسي وتؤدي طريقة خدمة الفرد في الخدمة الاجتماعية دورا علاجيا بالغ في مواجهة هذه الانحرافات,نذكر أهم أساليبه فيما يلي :


1- الغش:
الذي يظهر في صور متعددة من أبرزها الغش في أمثلة الامتحانات ويعتبر الغش انعاكسا لمشكلات يعانيها الطفل فهو تعبير عن سوء التوافق في حياة التلميذ الاسرية او المدرسية.وبالرغم من أن النظام المدرسي يقضى بعقوبات صارمة في حالة التلبس بالغش إلا أن دور الاخصائي الاجتماعي لا يعفيه من خاتمة هذه المأساة التي قد تقبل إلى حد الفصل والحرمان من متابعة الدراسة ومن الضروري الوقوف على جميع الظروف الاجتماعية والتربوية التي تحيط بالتلميذ .إذ أن الغش قد يكون نتيجة لخوق الرعاية الاسرية وانعدام المثل العليا التي يمكن أن يجد فيها الناشئ الصغير المنهل الذي يقيم منه قيمة الاخلاقية فيبحث عن أيسر السبل التي تؤدي للنجاح الرخيص الذي لا يبدو فيه أي جهج يتناسب مع النجاح الذي يريد تحقيقه.
والجانب العلاجي في حالة الغش يتمثل في تخليص التلميذ من العوامل التي تؤدي به إلى هذا الانحرافومساعدة الاسرة في تقدير دورها التربوي بزيداة درجة الربط والرعاية الموجهة للتلميذ . ومن الضروري العمل على تخفيف حدة الشعور بالنقص الذي يصاحب هذا الانحراف بعد الوقوع فيه والاخذ بيد التلميذ لكي يعدل نظرته إلى نفسه ونظرته إلى اسلوب العمل والتحصيل الدراسي بحيث يصبح النجاح في الامتحانات وسيلة للحصول على التقدير والشعور بالرضا النفسي دون أن يتحول إلى غاية في ذاته تبرر أي وسيلة يسلكها التلميذ لتحقيق هذا النجاح.



2- السرقة:
كثيرا ما يشكو التلاميذ من فقد كتبهم وأدواتهم المدرسية وقد يصل الامر إلى فقد نقودهم عندما يرتدون ملابس الرياضة أو المعامل ويخلعون ملابسهم اليومية.ويتكرر وقوع هذه الحوادث في فصل معين بالذات مما يدفع المدرسة إلى فرض رقابة شديدة على تلاميذ هذا الفصل وتفتيشهم من قبل مغادرة المدرسة.وقد يحدث أن يضبط تلميذ أو أكثر متلبسين بالسرقة وغالبا ما يتعرض مثل هذا التلميذ المنحرف إلى عقاب شديد من جانب المدرس من جهة وإلى أحتقار وإزدراء الجماعة له من جهة أخرى وبالرغم من شدة آثار العقاب المادي المدرسي ,إلا أن العقاب المعنوي الذي يتمثل في نبذ الرفاق له وازدرائهم له ولسلوكه يؤثر تأثيرا عميقا في علاقته بالمجتمع المدرسي بوجه عام.
ولهذا فإن تناول حالات السرقة التي تظهر في محيط المدرسة وبيد واعية ماهرة تساعد في كشف العوامل الدافعة إلى السرقة والعمل على علاجها في وقت مبكر قبل أن تتعمق جذورها وتصبح عملا يوميا عاديا في تصرفات التلميذ . ومن أهم ما يواجه مالاخصائي الاجتماعي وستلزم منه دراية كافية في اسلوب التأثير والاقناع هو العمل على تحويل الصد المشكوف من جانب الرفاق وحرمانه من تعاملهم وتقديرهم.وكلما استطاع أن يخفف الآثار الانفعالية الناجمة عن كشف حالات السرقة والعمل على إحاطتها بالسرية الكافية بحيث لا تتم عملية التفتيش في حضورجميع التلاميذ بل تتم بصورة انفرادية أمكن تجنب السارق ما يتعرض له من احتقار وازدراء الجماعة. وفي الوقت نفسه يقدر التلميذ الذي انحرف إلى السرقة موقف المدرسة بوجه عام من سلوكه ,وموقف الاخصائي بوجه خاص في تجنبيه الوصمة التي كان سيتعرض لها لو اكتشف الجماعة أمره وبهذا يمكن إثارة فاعليته حتى يتلخص من العوامل التي تجفع به إلى الانحراف والسرقة.



3-الوشاية والكذب وشهادة الزور:
تعتبر هذه الانواع من الانحرافات الخلقية من قبيل الانحرافات الثانوية التي لا تواجه عادة من هيئة المدرسة بالتقويم او العقاب الذي يتناسب مع درجة خطورتها,فهي من قبيل المخالفات الروحية التي لا تنظم التشريعات أساليب الرقابة عليها إلا في حدود معينة كالكذب أو شهادة الزور أمام القضاء مثلا ولكن حدوث هذه المخالفات في الحياة اليومية العادية يعتبر من الامور التي لا مجال لردعها أو علاجها عن طريق أساليب عقابية أو علاجية منظمة ومن المهم ألا تكون المدرسة مجتمعا يساعد على تنمية هذه الانحرافات بالوقوف موقف سلبيا تجاهها.
ولهذا تؤدي خدمة الفرد إلى علاج ألوان الانحراف التي تظهر في صور الوشاية أو الذكب أو شهادة الزور عن طريق برامج الارشاد الفردي الذي يصاحب برامج إرشادية جماعية منظمة وتظهر أنماطا من السلوك المنحرف والنتائج الضارة التي تترتب عليها بالنسبة للفرد في ذاته .وبالنسبة للجماعة والمجتمع ككل مع إرشادات واقعية ملموسة لطريقة تجنب هذه الانحرافات والتمسك بالقيم والمبادئ الاخلاقية السامية التي تساعد على تدعيم شخصية الفرد وتزيد من تماسكه بالجماعة المدرسية.



4- الانحرافات الخلقية:
قد يظهر في مرحلة المراهقة والبلوغ بعض الحالات الانحراف الخلقي بين التلاميذ والتلميذات وتؤثر طريقة الكشف عن هذه الانحرافات وتناولها بالدراسة والعلاج تأثيرا عميقا في شخصية الفرد وسلوكه بوجه عام في مستقبل حياته.ومن الضروري تجنيب التلميذ المنحرف الوصمة التي تصاحبه إذا اكتشف زملاؤه ورفاقه امره إن انه من اكثر عوامل الهدم والتحطيم في شخصية التلميذ أن ترافقه وصمة أخلاقية تؤدى إلى فقدانه لعاطفة اعتبار الذات.


المرجع : الخدمة الاجتماعية المدرسية, محمد نجيب توفيق, 1996, مكتبة الانجلو المصرية, القاهرة.(بتصرف)