أسباب الانحراف الاخلاقي
أولا: من أسباب الانحراف الخلقي: اتباع الـهوى: إن أعظم مشكلة تواجه الإنسان في حياته عبادته لهواه، وإذا غلب الهوى على النفس جنح العقل، وأظلم القلب، فلا يسمع الإنسان كلمة الحق، ولا يرى إلا الأباطيل وتجعله في حياته تعسًا شقيًّا، والذين يعبدون الهوى لا يفقهون حديثًا، ذلك لأن ما يدركونه بأسـماعهم وأبصارهم من العلم لا ينفذ إلى قلوبـهم {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ} [الأعراف:179]، أما من اتبعوا الحق فإنـهم لا يطيعون الهوى بعد ما جاءهم من العلم، وهذا هو الفرق بين العاصي والـمؤمن فليسوا سواء {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}[محمد:14].
3) والهوى عدو العلم الحق، إذ يقود صاحبه إلى ارتكاب الـمظالم وإتيان الفواحش والصَّد عن سبيل الله تعالى، وهو ظالم لنفسه فقد حرمها نعمة الإيـمان وحجبها عن نور المعرفة فعاش حياة الخوف والفزع وشحن بالحقد والحسد لغيره، وأغواه الشيطان فضل عن سواء السبيل {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص:50]، وقال تعالى {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ}[الروم:29].
4) فعبادة الهوى جهل وانحراف عن هدى الله، والهوى ظن كاذب واحتواء شيطاني وتخييل ووسوسة لا تقود إلا إلى الضلال والفساد والإفساد {وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ}[المائدة:77].
5) ولكي لا يتبع الإنسان الهوى ولا يغفل عن طريق الاستقامة عليه أن يذكر الله دومًا حتى لا ينسى، فإن ذكر الله يؤنس القلوب ويربطها بالله برباط مكين، وإذا نسى الله وطال به الأمد غشي قلبه الغفلة، وسقط في براثن الهوى فَضَلَّ عن سبيل الله، فالذكر الدائم لله يحقق للإنسان أعظم نعمة له في حياته الدنيا ألا وهي السكينة النفسية والطمأنينة القلبية {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ}[الرعد:28]. وعلى النقيض من ذلك فإن أصحاب الهوى يعيشون جل حياتـهم في قلق مزمن، وخوف دائم مهما تظاهروا بالسعادة، فإن الحقيقة أن بواطنهم يخيم عليها التعاسة والشقاء الـمقيم.
6) ولا يكف أصحاب الهوى عن التعريض بالـمؤمنين، والكيد لهم، ومحاولة إفسادهم، لذلك يحث الله تعالى عباده على عدم الالتفات إليهم وعدم اتباعهم أو طاعتهم للشهوات حسية كانت أو معنوية {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف:28].
7) واتباع شهوة الفرج والبطن والإفراط هو طبع أصحاب الهوى، فغلوهم في تحقيق الأماني الكاذبة وإسرافهم في طلب اللذات العاجلة يجعلهم أبدًا عبيدا لها، وتصبح غاية أساسية لهم وإن خالفت القيم والدين والتقاليد، وكذلك الأمر بالنسبة للشهوات المعنوية كشهوة العدوان والتكبر والاستعلاء سواء كان ذلك باستخدام اللسان والإيذاء بكل سلاح وأداة.
وينتهي أصحاب الهوى إلى الـمرض النفسي الـمزمن، ولا يعالجوا منه إلا بالرجوع إلى حصن الإيـمان، ويظهر المرض النفسي في صور الوسوسة والشك والريبة والظن السيء والخوف المقيم والرجفة والفزع والقلق المقيم، وهؤلاء المرضى أظلمت قلوبـهم واعتراها الحقد والاغترار والحرص والرياء والبخل والطمع والشره، فإذا ما تراكمت هذه الأمراض النفسية صعب العلاج إلا برحمة من الله، وإذا ما اجتمع بعضها سُـمِّي صاحبها جاهلا، فإذا ازداد مرضًا سُـمِّي شهوانيًّا، فإذا تفاقمت هذه الأسقام سُـمَّي صاحبها المنحرف حتى ينتهي في آخر أمره إلى أن يكون شريرًا والأشرار من يجعلون من الخير شرًّا ومن الشرِّ خيرًا، انـمحت عنهم صفات الإنسانية كلها، ومن نعم الله تعالى علينا أن هذا الصنف من الناس نادر الوجود، أما الجاهل والشهواني والمنحرف من أصحاب الهوى فإنـهم يعيشون في كل مجتمع يزيد عددهم ويقل بحسب قيمه ونظامه وأخلاقياته.
9) وربـما يتساءل المرء: لـماذا يوجد أصحاب الهوى في كل مجتمع من المجتمعات؟! والجواب: أنه بدون معرفة الشر لا يتأتى الخير، فإذا لم يدفع الشر بالخير، والخير بالشر لفَقدَ الإنسان الاختيار وتوقف عن التفكير وفسدت موازينه وأحكامه على الأمور كلها. وكيف يختار الإنسان العمل الطيب ويترك الخبيث إذا كان عاجزًا عن التمييز بين الخير والشر، والحق والباطل. إن وجود الخير والشر في الحياة ضرورة كي يتحقق العدل بين الناس، ويـميز بين المؤمنين وأصحاب الأهواء.
10) ثانيًا: من أسباب الانحراف الخلقي: الافتراء على الله: من اليسير على أصحاب الهوى أن يتقولوا على الله كذبًا، ومن الصعوبة بـمكان أن يلتزموا أدب العبودية وأن يقنتوا لله طائعين مستغفرين تائبين، إن أدب العبد مع ربه يلزمه أن يعرف حدوده فلا يتعداها أبدًا، يعرف أنه عبد ضعيف والله هو القوي، وأنه تعالى الغني والعبد هو المحتاج على الدوام، الفقير على الاستمرار {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ}[فاطر:15].
11) إن العبد الصالح لا يقصر في واجبات العبودية ولا ينازع الربوبية، ولا يجد لنفسه حولا ولا قوة، ولا يسمح لنفسه أن يعبد الله على حرف، وأن يتلاعب بأحكام الله وحججه في الكون والخلق والحياة والموت، إن إقدام العبد على مشاركة الربوبية في الحكم والأمر ظلم للنفس وافتراء على الحق، وشرك خفي يُوقِعُ الإنسان موقع التهلكة {أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ} [الأعراف:54]، {بَل لِّلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا}[الرعد:31].
12) إن العاقل من لا يجادل في الله بغير علم، ولا كتاب مبين، وإلا وضع نفسه متهما وحكما بغير حق {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ}[الحج:3]، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}[الحج:8].
13) لقد أوضح الله تعالى لنا في كتابه العزيز كل ما يحتاج المرء لمعرفته في حياته الدنيا، وبيَّن له طريق الحق والأمن، كما بيَّن له طريق الباطل والضياع، وترك الإنسان ليختار بلا إكراه، ولا إجبار الطريق بعد أن أعلمه به، ومهما حدَّثت العبدَ نفسُه بالتقول على الله، ووافقت أباطيل الشيطان {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا}[الكهف:5]، والحديث الصادق من الله أو عن الله وبكلمات الله وآياته البينات {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء:87]. ولهذا فإن من أكبر أسباب الافتراء على الله: الإعراض عن آياته {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذاً أَبَدًا}[الكهف:57].
14) ثالثًا: ومن أسباب الانحراف الخلقي: البعد عن الله: وما أحرى بالإنسان أن يتمثل بكلمات الله التامات ويقتدي بآياته البينات، فقد أوجب تعالى على نفسه الرحمة {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام:54]، وهذا التفضل الإلهي الذي تفضل به سبحانه وتعالى ووعد به الناس ووعده الحق وكلامه الصدق يجعل هناك رابطة بين العبد وربه، رابطة محبة ورجاء في وعد الله، وهذا ما يجعل هناك علاقة وطيدة بين العبودية والربوبية، فإذا دعا الإنسان ربه بإخلاص وتوبة نصوح استجاب الله تعالى لدعائه، وأنزل عليه رحمة من عنده {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ}[البقرة:186]. ومن ناحية أخرى فإنه سبحانه قد كتب على نفسه الرحمة فإذا وجد عبده قد انحرف عن الصراط المستقيم أو ظلم نفسه فإنه بواسع رحمته يغفر له.
15) والله تعالى يحب من عبده أن يوفي بعهده، كما أوجب ذلك على نفسه تعالى، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[البقرة:40]، وعهد الله تعالى هو طاعته والاستجابة لأوامره والابتعاد عن نواهيه، والعمل بكل شريعته ظاهرًا وباطنًا.
16) هناك إذن رابطة تقوم بين العبد وربه تقوم على الصدق والحق والرجاء في وعد الله والخوف من وعيده تتلخص هذه الرابطة في العمل بأمر الله من ناحية وفي الدعاء من جانب العبد من ناحية أخرى، وهذه الرابطة قائمة على الأدب مع الله تعالى، والطاعة له.
17) رابعًا: من أسباب الانحراف الخلقي: الخلط بين إرادة الله وإرادة الإنسان: مع كل ما وصل إليه العقل الإنساني من رقي وتقدم، فإنه قاصر في البداية والنهاية، ومن أقوى أسباب الانحراف الأخلاقي أن يزعم الإنسان أمورًا أو يفعل أمورًا خاطئة وغير مشروعة، ثم ينسبها إلى إرادة الله تعالى، وبذلك يلتبس أمامه الحق والباطل، فلا يستدل بإرادة الله على معصية الله والخروج عن طاعته {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[فاطر:8]، وإذا كان الله تعالى واحد لا شريك في حكمه، يفعل ما يشاء، فإن جميع الحوادث الكونية والإنسانية في نفعها وضرها خيرها وشرها مردها إلى الله تعالى {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام:102]، فلقد خلق الله الخير والشر والنفع والضر، ثم خير الإنسان بأن يتبع الخير وأن ينبذ الشر، فإذا عصى الإنسان نتيجة للنسيان أو الغفلة فباب التوبة مفتوح، ولكن لا يجوز أن يخلط الإنسان في عصيانه بين إرادة الله وإرادته في فعل الشر بـمطلق اختياره وحريته.
18) إنـما يفعله الإنسان المؤمن والكافر، الصالح والطالح، التائب والعاصي، إنـما هو بعلم الله ومراده وحكمته البالغة، وحججه الدامغة في الخلق والكون فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ}[الأنعام:35].
19) خامسًا: من أسباب الانحراف الخلقي: الأفكار المغلوطة: حيث تحولت الحرية والعقلانية ونحو ذلك من قيم إنسانية وفكرية، من قيم تساعد الإنسان على الرقي والتقدم والعلم إلى قوالب سوفسطائية جديدة تحاول أن تجعل الحق باطلا، والباطل حقًّا، وتتخذ من العقلانية مثلا مُركبًا تـهاجم به الدين والقيم والشريعة الإسلامية السمحة.
20) إن العقل وحده لا يهدي إلى حقيقة الدين، وإنـما الدين هاد للعقل، وإذا لم يرتبط العقل بالإيـمان فإنه ينزلق، ويفقد معيار التمييز بين الصحيح والفاسد مـما وراء الحس، وإن كان يستطيع أن يـميز بين الصحيح والفاسد من الأمور المحسوسة والملموسة المدركة بالحواس.
21) لقد حاول الفلاسفة والمفكرون أن يتناولوا أمورًا فوق قدرة العقل الذي بلا إيـمان، فأخفقوا إخفاقًا كبيرًا، وكلما صاغ أحد الفلاسفة نظرية في أصل الوجود أو ماهية المعرفة، جاء فليسوف آخر فأثبت عقمها وتـهافُت منطقها، ثم جاء بنظرية أخرى لتثبت أصل الوجود، وذلك عن طريق قوالب اصطنعها لنفسه، وما تلبث هذه النظرية أن تسقط أمام النقد، ويظهر تـهافتها وبُعدهَا عن الحقيقة.
22) ويروي لنا تاريخ الفكر الإنساني أن المفكرين الذاتيين برغم استخدامهم عقولهم لم يصل أحد منهم إلى حقيقة واحدة فيما يتعلق بأصول الأشياء أو بحقائق الوقائع أو المبادئ الأولى، إنـما محاولات الفلاسفة والمفكرين هي مجرد تخمينات وفروض لم تثبت صحتها، كما لم يستطع أي منهم عن طريق القوالب العقلانية التي اصطنعوها كمنهج فكري أن يصطنع منهجًا مقبولا يواكب الحقائق الكونية، ولما عجز المفكرون الـمحدثون عن الوصول إلى حقيقة واحدة فيما يتعلق بحقائق الدين اعتبروه معطلا لتقدم العقل الإنساني، والنشاط العلمي، وطعن بعضهم في السنة المحمدية توطئة للطعن في أصل الدين.
23) بينما رأت بعض الاتجاهات الفكرية المعاصرة ألا تتعرض للهجوم على الدين مباشرة، لعدم إثارة الجمهور عليهم، لكن اتجهوا إلى وضع قوالب جديدة للممارسات الحياتية كبدائل للدين، بدعوى أنـها أكثر واقعية وملائمة للإنسان المعاصر، وهذه القوالب التي زعموا أنـها تعطي نتائج سريعة وتقدمًا ملموسًا في مناحي الحياة الـمختلفة، هذه القوالب إنـما هي نوع من التفكير الفلسفي الـمبتسر، التي تسعى سعيًا حثيثًا للانفكاك عن هدي الدين.
24) وقد ربطت هذه القوالب المعاصرة بالسلوك العملي الحياتي، دون اعتبار إلى الجانب الباطني الذي يحكم سلوك الإنسان مـما يترتب عليه الانحرافات السلوكية التي تعاني منها المجتمعات. وفشل هذه التجارب الإنسانية في إيجاد بدائل للدين قمين أن يهدي البشرية إلى الدين الحق.
25) إن استقامة التفكير معناها أن لا يعاند الإنسان حكمة الله البالغة، ولا يعارض حججه الدامغة، ولا يفتري على الله كذبًا، ولا يعبد الله على حرف، ولا يقبل أمورًا ويرفض أمورًا مُدعيًّا إنـها لا تحقق العدل أو لا تتفق مع الواقع أو توصل الإنسان إلى التوفيق.
26) إن أعظم ما يحقق للإنسان سعادته في الدنيا والآخرة هو اتباع منهج الله والعمل بـما أمرنا به والنهي عما نـهانا عنه، ومهما عمل الإنسان بفكره الذاتي، ووضع نفسه في قوالب فكرية مثالية أو مادية فلن يحقق الخير في وجوده، ولن يصل إلى التوفيق والسداد.
27) لا حل إذن للمفكر المعاصر إلا أن يهتدي بأمر الله وشريعته وأن يوقن أن عقله عاجز عن فهم حقيقة الدين، وأن نجاحه إنـما يتم عن طريق ارتباط العقل بـهدي الدين، ولن يتأتى ذلك إلا بكلمة التوحيد، وينبغي للعقل ألا يناطح شريعة الله، وألا يعترض على أفعاله تعالى ولا يطلب لها عللا، إذ قد ثبت له بالأدلة والحجج القاطعة أنه تعالى مالك وقدير وحكيم، فإذا خفي عن إنسان الحكمة في فعل الله وأمر الله فإن على الإنسان أن ينسب العجز إلى جهله وقصور عقله، وعدم إدراكه لحكمة الله الظاهرة والباطنة. فحكمة الله سبحانه وتعالى في جميع تلك الأفعال خافية على الإنسان وعللها لا يعلمها إلا هو، إلا إذا أراد الله تعالى أن يكشف عن بعضها كما كشف لـموسى عليه السلام حكمة خرق السفينة وقتل الغلام، والإنسان العاقل عليه أن يسلم بقدرة الله تعالى وحكمته الظاهرة والباطنة، وألا يناطح بعقله قدر الله وقضائه وفعله تعالى في الكون والخلق والحياة، وإلا وقع في الجهل والشرك والضلال.
//http://www.mustafahosny.com/article.php?id=467