كيف تصبح منصتا جيدا؟؟

على الرغم مما يبدو سهولة استخدام مهارة الانصات إلا أن القليل منا من يجيدها ويحسن استخدامها. فالاستماع الجيد من قبل الاخصائي يجب أن يعطي العميل الاحساس بالاهتمام والمتابعة ولكن ليس إلى الحد الذي يشعر فيه العميل باستعجال الأخصائي له في الحديث وهو ما يجعله في عجلة من أمره ويؤدي إلى اضطرابه وعدم قدرته على عرض أفكاره بشكل جيد.ولا إلى الحد الذي يشعره بإنصراف الأخصائي عنه وعدم اهتمامه بما يقول وهو ما يؤدي به ان يفقد حماسه ويشعره بالإحباط.

فالانصات هو:التركيز العميق فيما يقوله المتحدث ،وسط خضوع تام لجميع الجوارح بعيدا عن التصنع والتكلف.
ويختلف الانصات عن الاستماع كون ان الاستماع قد يكون مصادفة أو من غير قصد ،فقد تمر بأحد الشوارع فتسمع صوت عربة قطار مسرعة او أحدا يناديك أو طفلا يبكي.والتركيز العميق ربما لا يتوافر
هنا،بينما الانصات فهو عزل كامل للمؤثرات المحيطة بنا رغبة في التركيز على ما سيقوله المتحدث للتفاعل الجدي معه.

ولكي تصبح منصتا جيدا لابد عليك من اتباع والانتباه إلى مجموعة من النقاط وهي:
أولا :تجهيز الردود:إذا كنت ممن يعتقدون بأن انشغالك في تجهيز الردود على كلام المتحدث وسرحانك ولو لبرهات أو لحظات لتجهيز الردود إنما يمر دون ملاحظة المتحدث فقد جانبك الصواب.صحيح أن أي شخص يصعب قراءة أفكار الاخرين حتى ولو ادعى ،ولكن العينان سرعان ما تكشفان ذلك بسهولة مطلقة.

ثانيا: معدل استيعاب الكلام :تقول (موري إستتر )في كتابها "فن الفوز بالنقاشات  "إن معظم الناس يتحدثون بمعدل 150-200كلمة في الدقيقة .وتضيف الكاتبة إن الناس يفكرون أسرع من ذلك.وتقول"إن أذاننا وعقولنا تستطيع التعامل مع اربعة أضعاف معدل سرعة الحديث الشفهي الامر الذي يتيح للمستمع وقتا كبيرا يستعد فيه لرد مباغت أو تعينه على المراجعة الذهنية لما سوف يقوله أو حتى التفكير الجدي بتجاهل الحديث..".
إذا يستطيع الانسان أن يستمع إلى الحديث بكل راحة لأن عقله يستطيع التفكير بمعدل 800-850 كلمة في الدقيقة ،كما تشير بعض الإحصائيات .ومهما كانت نوعية
أو سرعة المتحدث فإن حديثه يندر أن يتجاوز معدل 150-200 كلمة في الدقيقة.

ثالثا:تأييد نقاط المتحدث:إن أكبر خطأ يقع فيه كثير من الناس هو محاولة الانصات لمعرفة ما إذا كانوا يتفقون أو لا يتفقون مع المتحدث ،الأمر الذي يدفع بتركيزهم نحو تحليل كل كلمة يقولها محدثهم لمعرفة مدى تطابقها مع أفكارهم ،بل إن بعضهم يبالغون محاولين تجهيز ردود لكل نقطة يقولها المتحدث ،ويظل تركيزهم على كيفية الرد وتجميع الحجج على كل نقطة فيصرفهم عن الانصات الكامل العميق.
رابعا.التركيز:أمعن التركيز في الحديث إن لم يكن لديك معرفة مسبقة بالموضوع ،فالإنصات من دون سابق معرفة كمن ينصت إلى لغة غريبة عنه لا يفهم منها شيئا .
بين للمتحدث محدودية معلوماتك وأظهر اهتمامك في التعلم بالتركيز على ما يقوله فذلك من شأنه ان يترك انطباعا جيدا.

خامسا.ربط المعلومات السابقة:اربط ما تسمعه بما تعرفه عن الموضوع المنصت إليه ،مثال :إن كان المتحدث يصف تجربة رحلة سياحية إلى دولة معينة تخيل رحلة قمت بها في السابق،لأن أسلوب ربط المعلومات يساعدنا على العيش في أجواء الموضوع مما يجعل إنصاتنا أكثر ايجابية وتأثيرا.

سادسا.استخدام جميع الحواس:كلما زاد عدد الحواس المستخدمة  زادت القدرة على الانصات وزاد كذلك تأكد المتحدث من انصاتنا الجاد له .فمثلا يعد استخدام التركيز العيني وهو التركيز بالنظر إلى بؤبؤ عين المتحدث مع إمعان النظر فيما يقول أفضل أسلوب للتركيز في كلام المتحدث وإظهار الاهتمام بما يقوله ،كذلك يعطي استقبال المنصت للشخص المتحدث أثناء حديثه بكامل الجسم انطباعا بجدية الانصات ويرفع درجة التركيز لذلك كلما كان الشخص طبيعيا وبعيدا عن التصنع في إنصاته فإنه سيشعر بدخوله إلى عالم المتحدث بخياله.

المرجع:محمد النغيمش،أنصت يحبك الناس،الطبعة الثالثة،دار اقرأ الدولية ،الكويت ،2007.