Fatma ALMazrouia
عدد المساهمات : 11 تاريخ التسجيل : 12/12/2013
| موضوع: الاتجاهات النظرية العامة في تفسير اضطرابات السلوك ~ السبت مايو 03, 2014 6:15 am | |
| #الاتجاهات النظرية العامة في تفسير اضطرابات السلوك:
إن الاختلاف في تحديد اضطرابات السلوك وأسبابها وتفسير تشوئها وبالتالي طرق علاجها يرجع في الاساس إلى وجود أكثر من اتجاه نظري يستند إليه الباحثون. هذه الاتجاهات هي بمثابة النظرية والفلسفة التي يبتبناها علماء النفس في تعريف السلوك العادي وغير العادي. يوجد عدد من هذه الاتجاهات ولكن الاتجاهات التي تعتبر حديثة، وتلاقي قبولاً لدى الكثير من الباحثين هي : الاتجاه البيوفيزيائي ، الاتجاه الدينامي ، والاتجاه السلوكي ، والاتجاه البيئي ، وفيما يلي عرض لهذه الاتجاهات:
- الاتجاه البيوفيزيائي: إن تأثير النواحي الفسيولوجية على الشخصية والسلوك كانت قد عرفت منذ القدم. بعض الباحثين أشاروا إلى أهمية الوراثة في تقرير الفروق في الشخصية كما إن العلاقة بين التغذية واضطرابات الشخصية كانت قد درست في الخمسينات كذلك العلاقة أو الربط بين التلف العصبي والمشكلات التعليمية كانت قد درست من قبل ستراوس وويرنر (Struss & Werner) سنة 1933 الذين طوروا إجراءات تربوية للتدخل مع الأطفال المصابين بتلف في الدماغ. إن العلاقة التبادلية بين النفس والجسم أو بين الجوانب البيوفيزيائية والبيئة معترف بها ومؤكدة ليس من قبل هذا الاتجاه فحسب بل أيضا من قبل الاتجاهات الاخرى في علم النفس، لكن الفرق هو أن الاتجاه البيوفيزيائي يركز على النواحي البيوفزيائية على أنها السبب الأولي وإنها هي الجوانب التي يجب التدخل فيها عند معالجة الاضطرابات النفسية. وبناء على هذا الاتجاه، فإن على المعلم أن يتوقع اختلاف في شخصيات الاطفال وفي تعلمهم وفي سلوكهم وذلك بناء على اختلافهم في النواحي البيولوجية، لذلك يجب أن تعدل البيئة التعليمية. إن الاتجاه البيوفيزيائية يعتبر أن السلوك المضطرب هو سلوك مسبب عن عوامل بيوفيزيائية وهذه العوامل ترجع إلى: 1. الوراثة 2. النواحي البيئية التي تؤثر على النمو 3. الحوادث والامراض خلال الولادة أو في أي وقت بعدها
ينادي أصحاب هذا الاتجاه بأن السلوك الذهاني هو نتيجة لعدم التوازن البيولوجي الكيماوي الذي يؤثر على وظائف الفرد العصبية. مجموعة أخرى من الباحثين وجدوا أن الحساسية أو التحسس من بعض أنواع الطعام أو المأكولات يمكن أن يؤدي إلى سلوك ذهاني.
-الاتجاه الدينامي: إن أهم مساهمة للنظريات الدينامية الحديثة هو التقليل من الاهتمام بالعوامل البيولوجية المحددة وزيادة الاعتقاد بقدرة الانسان لتعلم السيطرة على دوافعه، والقيام بسلوك اجتماعي، وعن طريق تعديل الدوافع الداخلية يمكن تسهيل عملية البناء والتفاعل الاجتماعي والايجابي والتكيف للبيئة. تعتبر النظرية الدينامية أن القوى الداخلية هي التي تدفع الفرد للقيام بالسلوك. وبشكل عام، فإن دوافع أو غرائز الجنس والعدوان لاقت الاهتمام الاكثر بين الباحثين (نظرية فرويد)، ولكن حديثاً فإن الحب، وتحقيق الذات، والمشاركة، ودوافع أخرى اعتبرت قوى تحرك السلوك (نظريات روجرز وماسلو). إن معظم أصحاب هذا الاتجاه ينادون بأننا غير واعين على القوى والامور الداخلية التي تؤثر على سلوكنا. بالاضافة إلى ذلك، فإنه ينظر إلى الشخصية على أنها دينامية تتغير. ثم إن السلوك الذي يظهر بأنه شاذ يمكن أن يكون عادياً للطفل في مرحلة نمائية محددة. كذلك فإن سلوك الطفل في أي موقف، هو دليل على نزعات وحاجات قوية داخلية. إن أصحاب هذا الاتجاه يفترضون بأن الاطفال المضطربين يختلفون من حيث الدرجة وليس من حيث النوع عن الاطفال غير المضطربين. فالاضطراب ينظر إليه على أنه صفة عادية ولكنها مبالغ فيها. السلوك المضطرب يظهر على أنه ينشأ من عدم التوازن بين نزعات واندفاعات الطفل وبين نظام الضبط لديه. وعندما يكون الضبط غير مناسب، فإن سلوك الطفل يصبح عدوانياً ، مشتتاً وغير متنبأ به. وعندما يكون الضبط صارماً جداً فإن الطفل يحاول كف سلوكه باستمرار ويكون غير قادر على التعبير عن نفسه. لذلك، فإن تكتيكات التدخل تساعد الطفل أن يطور ضبط مناسب لنزعاته. ييقوم أصحاب الاتجاه الدينامي بعملية التشخيص وذلك للحصول على المعلومات التي يجب أن تكون مفيدة في تصميم تدخل مناسب. فالاخصائي هنا مهتم بتاريخ الطفل كما هو مهتم بالموقف الحاضر. وعادة ما يشترك بعملية التشخيص أكثر من مختص مثل: أخصائي علم النفس، الباحث الاجتماعي، المعلم، أخصائي الاعصاب وآخرون. تجمع المعلومات من مصادر متعددة حيث يقابل الطفل وكذلك والديه ويطلب من المعلم أيضاً أن يشارك بملاحظاته عن سلوك الطفل. ويمكن أن يكون الفحص الطبي مطلوباً في بعض الحالات ومعلومات أخرى يمكن الحصول عليها من سجلات المدرسة ومن الاختبارات النفسية مثل اختبارات الذكاء والشخصية. إن أهداف التدخل الدينامي داخلية عن طريق تغيير في مشاعر الطفل عن نفسه وعن الآخرين، وسلوكي عن طريق تغيير في سلوك الطفل، وبيئي عن طريق تغيير في المواقف أو الاشخاص الذين يتفاعلون مع الطفل. فمن الاهداف الداخلية: • تحسين فكرة الفرد عن ذاته. • مساعدة الطفل أن يكون مستقلا وموجهاً من قبل ذاته. • مساعدة الطفل أن يفهم نفسه وأن يفهم الآخرين.
أما الاهداف السلوكية فهي: • مساعدة الطفل أن يعبر عن اندفاعاته بطرق مقبولة اجتماعياً. • مساعدة الطفل في ضبط اندفاعاته السلبية. • تشجيع الطفل على أن يعبر عن نزعاته الايجابية وأن يطور سلوكاً اجتماعياً مقبولاً.
أما الاهداف البيئية فهي: • تزويد الطفل بمصادر انفعالية ضرورية لنموه. • تزويد الطفل ببيئة مناسبة للتعلم لحل مشكلاته ولتطوير سلوكات إيجابية. واعتماداً على وجهة النظر الدينامية، فإن الاهداف الداخلية والسلوكية والبيئية هي أهداف متداخلة.
-الاتجاه السلوكي: يعتمد هذا الاتجاه على نتائج الابحاث التي توصل إليها علماء نفس التعلم المحدثين، ولكن المبادئ الاساسية لهذا الاتجاه ليست جديدة. أصحاب هذا الاتجاه يعتبرون أن معظم السلوك هو نتيجة لتعلم سابق، ولهذا، فإنهم مهتمون بمعرفة كيف ولماذا يحدث التعلم. - الاشراط الاستجابي Respondentالذي هو عبارة عن قدرة مثير محايد أصلاً على استجرار الاستجابة من العضوية نتيجة تكرار اقترات هذا المثير مع المثير الاصلي (بافلوف وواطسن). - الاشراط الاجرائي Operant (سكنر) تكون فيه العضوية حرة تقوم بالسلوك بشكل إرادي، ولكن توابع هذا السلوك هي التي تحدد احتمال قيام العضوية بالسلوك في المستقبل، فإذا كانت التوابع إيجابية زاد احتمال السلوك، وإذا كانت سلبية قل هذا الاحتمال. - إن الاستجابات يمكن أن يتم تعلمها عن طريق ملاحظة نموذج ما، وهذا ما يسمى بالتعلم بالملاحظة أو بالنموذج (نظرية باندورا). إن هناك الكثير من الباحثين في الاتجاه السلوكي الذين لهم مساهمات مفيدة حول تطور هذا الاتجاه وتقدم الباحث فيه، ولكن تبقى أنواع التعلم الثلاث الاشراط الكلاسيكي، والاشراط الإجرائي، والتعلم بالملاحظة أو التقليد هي من أنواع التعلم الأساسية. ينظر إلى الانسان في هذا الاتجاه على أنه عضوية بيولوجية يجب أن تتفاعل مع البيئة من أجل البقاء. ينظر أصحاب هذا الاتجاه إلى السلوك المنحرف أو الشاذ بأنه سلوك متعلم. إن السلوك المنحرف يتضمن منظومة من الاستجابات غير الفعالة في التعامل مع المشكلة أو التي لها تأثيرات جانبية غير مرغوب فيها. إن توابع مثل هذه السلوكات تتضمن عادة الفشل، الانسحاب، الذهول، الخوف، والقلق. وحيث أن السلوك المنحرف أو الشاذ سلوكاً متعلماً لذا يجب فحص بيئة الطفل عن كثب. العوامل في البيئة ليس فقط تثير الاستجابات، ولكنها أيضاً تحافظ على إدامة هذه الاستجابات عن طريق تعزيزها. إن الأطفال غالباً ما يتعلمون سلوكاً غير مرغوب فيه وذلك بسبب أن الوالدين أو المعلمين يعززون مثل هذا السلوك، أو أن الاطفال يفشلون في تطوير سلوكات مناسبة لأعمارهم بسبب أن هذه السلوكات كانت قد عززت. كذلك يمكن أن يقوم الاطفال بسلوك منحرف أو شاذ بسبب عدم معرفتهم بالذي يجب عليهم القيام به نتيجة المعاملة غير الثابتة أو غير المتوازنة. التشخيص اعتماداً على وجهة النظر السلوكية تشمل عدداً من الخطوات هي: 1. السلوك المستهدف: أي ما هو السلوك المقصود، إذ يجب وصف السلوك بمنظومة من الاستجابات الملاحظة. - هل هو زيادة في السلوك: هل يحدث كثيراً، أو لمدة طويلة، أو تحت ظل ظروف غير مناسبة. - هل هو نقص في السلوك: هل يفشل في الحدوث عندما يجب أن يحدث. وإذا كان سلوكاً جديداً هل يمكن تجزئة هذا السلوك إلى عناصر صغيرة أو إلى خطوات يسهل تعلمها. - عدد مرات حدوث السلوك: تسجيل تكرار حدوث السلوك في الوقت الحالي 2. البيئة: وتتضمن وصف جميع الأبعاد التي لها علاقة بالبيئة: - كم مرة يحدث أو كم مرة يجب أن يحدث. - أين ومتى يحدث أو يجب أن يحدث. - ماذا يحدث مباشرة قبل أن يحدث. - ماذا يحدث مباشرة بعد أن يحدث. - من هم الاشخاص أو الاشياء التي لها علاقة بالسلوك وبأي طريقة تلك العلاقة. - ما هي احتمالات التعزيز في الموقف. 3. الفرد: معلومات محددة عن الفرد وتشمل: - خصائص الفرد، مهاراته، هواياته، إمكاناته التي يمكن أن تساعد في تعديل سلوكه. ويمكن الحصول على مثل هذه المعلومات عن طريق الاختبارات النفسية. - ما هي حالات الاعاقة التي يمكن أن تحد من تحقيق الأهداف السلوكية. - ما هي المعززات التي كانت مستخدمة بفاعلية في الماضي. إن التشخيص السلوكي يمكن أن يقوم به أي فرد له ألفة بالموقف وسبق له أن تعلم الملاحظة وقياس متغيرات محددة في المواقف. إن كثيراً من معلمي المدرسة قد تعلموا مثل هذه المهارات الضرورية لعملية التشخيص السلوكي. إن الخطوة الاخيرة في عملية التشخيص هو وضع أهداف لعملية التدخل. وفي الاتجاه السلوكي يوجد هدفان: 1. التقليل من حدوث السلوك غير المناسب أو السلبي في موقف ما. 2. زيادة حدوث السلوك المناسب أو الإيجابي في موقف ما.
-الاتجاه البيئي: إن الذين يتبنون الاتجاه البيئي يشيرون إلى أن القوى الداخلية والخارجية معاً يجب أن يعترف بها على أنها قوى أساسية وأن تفاعل هذه القوى الداخلية والخارجية هو الاساس في حدوث السلوك. اعتماداً على وجهة النظر البيئية، فإن السلوك هو نتاج التفاعل بين القوى الداخلية التي تدفع الفرد وبين الظروف في الموقف. إن تخصص أو ميدان عالم البيئة الاساسي هو الذي يحدد الطريقة التي تفسر بها القوى الداخلية وتفاعلها مع الموقف. فمثلاً عالم الاجتماع البيئي يركز على تأثير المجموعات الاجتماعية والمؤسسات على سلوك الافراد. علماء البيئة الأطباء ينظرون أولاً إلى العوامل الجينية التي تقرر الخصائص والمزاج لفرد معين ويحللون التفاعل بين هذا وبين بيئته. أما العلماء البيئيون التحليليون فإنهم يركزون على التفاعل الأسري مبتدئين بالتفسير التحليلي لشخصية الفرد ويطبقون هذا النموذج على نمط التفاعل بين أفراد الأسرة. وهكذا، فإن علماء البيئة الانسانيون لا يقدمون نظرية يعتمد عليها في تفسير لماذا يسلك الناس بالطريقة التي يسلكونها. وجميع التأكيدات في هذا المجال هي حول التفاعل بين الفرد وبيئته. ينظر أصحاب هذا الاتجاه إلى الانحراف على أنه عدم توافق بين سلوك الفرد والبيئة مع اختلافهم في التركيز على العوامل البيئية أو التركيز على خصائص الفرد. من يقوم بعملية تشخيص السلوك المضطرب في الاتجاه البيئي يهتم بجمع معلومات كثيرة عن الطفل وعن البيئة التي يتفاعل فيها. معلومات تتعلق بنمط سلوك الطفل في مواقف مختلفة يتم جمعها وكذلك تلاحظ الاختلافات بين سلوك الفرد في البيت والجيرة والمدرسة. كذلك يحاول المهني في هذا الاتجاه أن يحدد المطالب السلوكية لكل موقف.
| |
|