مرحلة ما قبل المدرسة مرحلة حاسمة في حياة الطفل العقلية باعتبارها مرحلة الأساس والتكوين في بناء الإنسان الصالح في جميع أبعاد نموه الأساسية حيث يوضح فيها الأساس القوى لشخصية الفرد، وسلوكه في جميع النواحي، وبالنظر إلى طفل ما قبل المدرسة نجده يقع في المرحلة العمرية من (4 – 6 سنوات)، وتقع هذه القترة في مرحلة ما قبل العمليات حسب تصنيف بياجيه لمراحل النمو العقلي للطفل وهى نهاية مرحلة ما قبل المفاهيم وأغلب المرحلة الحدسية، وبالتالي يمكن تلخيص أهم الخصائص العقلية والمعرفية لطفل هذه المرحلة في الأتي :
1- الفضول والاستقصاء المستمر للوصول إلى الحقائق، وهذا بدوره يدفع الطفل إلى سيل متدفق من الأسئلة يوجهها إلى المحيطين به؛ ليشبع حب الاستطلاع الذي يمكنه من الوصول للحقائق التي يسعى لمعرفتها.
2- قدرة الطفل على حل المشكلات، وأداء بعض المهام البسيطة، وهذا قد يساعد الوالدين والمحيطين بالطفل في استغلال هذه القدرة في محاولة الإجابة عن بعض التساؤلات.
3- اكتشاف الطفل لبعض خصائص الأشياء، واتساع مجال إدراكه الحسي، ويستطيع الطفل في هذه المرحلة تكوين المعاني، ثم تتسع قدرته على تكوين المعاني والمفاهيم اتساعا سريعا .
4- تكوين المفاهيم، لدى الطفل، مثل مفاهيم: الزمان والمكان والعد، ويطرد نمو الذكاء لديه ، وتزداد قدرته على الفهم، وعلى تركيز انتباهه، ويكون تفكيره ذاتيا. إلا أن هذا التفكير يظل خياليا وليس منطقيا حتى يبلغ الطفل سن السادسة .
5- على الرغم من زيادة طول فترة التركيز في سن الخامسة إلا أنها تكون محدودة بعنصر أو عنصرين فقط.
6- يزداد التذكر المباشر لدى طفل ما قبل المدرسة، فيتذكر طفل الثالثة مثلا ثلاثة أرقام، وطفل الرابعة والنصف يتذكر أربعة أرقام، ويكون تذكر الكلمات والعبارات المفهومة أيسر من تذكر الغامضة منها، ويستطيع الطفل تذكر الأجزاء الناقصة في الصورة وتنمو القدرة على الحفظ وترديد الأغاني والأناشيد وبخاصة الذاكرة البصرية والسمعية، لتصل الذاكرة إلى ما يسمى "بالعصر الذهبي للذاكرة" في نهاية هذه المرحلة.
7- تنمو قدرة الطفل على فهم كثير من المعلومات البسيطة وكيف تسير بعض الأمور التي يهتم بها، وقدرته على التعلم من المحاولة والخطأ بسبب ظهور دوافع الاستطلاع لمعرفة الأشياء والأشخاص والمواقف.
وهكذا يؤثر النمو العقلي للطفل بكل مظاهره السابقة في جعل الطفل في حالة نشاط عقلي دائم، فهو يحاول كشف العالم من حوله لذلك يبدو شغوفا بتوجيه الأسئلة الدائمة عن كل شيء للكبار من حوله، كما أن أسئلة الطفل تزداد بالطبع مع زيادة نضجه العقلي، ولا شك أن الإجابات التي يحصل عليها الأطفال من أبائهم، يكون لها أهمية كبرى لا من حيث النمو المعرفي فحسب ، بل أيضا من حيث الاتزان الانفعالي، ونمو الشخصية . وقد ذكر أحد الباحثين أن هناك فرقا واضحا بين مستوى إدراك طفلين في سن السادسة ، أحدهما كان كثير الأسئلة ، والأخر لم تكن له فرصة مماثلة.