السرقة في المدارس الابتدائية والاعدادية

يسود الاتفاق في الادب التربوي النفسي على ان البيئة الاجتماعية والتربوية والنفسية
والثقافية غير السليمة هي من ابرز العوامل المسؤولة عن شيوع الظواهر السلبية والمتمثلة
بالاضطرابات السلوكية والامراض النفسية لدى الاطفال ممن يتعرضون لها في حياتهم اليومية.
ومن المؤكد ان هذه الظواهر السلبية في حقيقتها تقود معظم الاطفال الى ممارسة السلوكات
المنحرفة التي من ب ينها سلوك ( السرقة ) التي تكمن وراءها دوافع مباشرة وغير مباشرة من مثل
دافع العوز ودافع الرغبة في التملك والحاجة الى التفاخر والتمايز بن الاقران او بدافع الرغبة في
الانتقام من الآخر ( الزغبي ، ٢٠٠١ ص ٢٤٨ ).
وقد شغلت مشكلة السرقة بين الاطفال اذهان الكثير من المتخصصين والباحثين في عالم الطفولة
لتعرف اسباب ظهورها والعوامل الكامنة وراء ممارستها بغية وضع الحلول الناجعة لمعالجتها تحقيقاً
لاهداف تنشئة الاطفال وتربيتهم بصورة صحيحة وموضوعية بعيداً عن كل اشكال الجنوح والسلوكات
المنحرفة وانطلاقاً من المفهوم القائل بان الاطفال يمثلون مجتمع الغد المرتقب .
مما تقدم تنبثق مشكلة البحث الحالي والتي تحددت في رصد ظاهرة السرقة بين صفوف الاطفال
بوصفها سلوكاً سالباً يتقاطع مع تطلعات مجتمع اليوم في السعي الى توفير بيئة سليمة وملائمة تكون
قادرة على تنشئة الطفولة الصالحة لقيادة مجتمع الغد المرتقب .
اهداف البحث
يسعى البحث الحالي الى التعرف على اسباب ممارسة سلوك السرقة لدى تلاميذ المرحلة
الابتدائية من التعليم الاساسي واساليب معالجتها من وجهة نظر المعلمين والمعلمات ، ولتحقيق هذا
الهدف تطلب الاجابة عن التساؤلات الاتية :-
١. ماهي اسباب السرقة لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية كما يراها معلموهم ومعلماتهم ؟ .
٢. ما هي الاساليب المتبعة في معالجة ظاهرة السرقة لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية كما يراها
معلموهم ومعلماتهم ؟ .
حدود البحث
يتحدد البحث الحالي بعينة من معلمي ومعلمات تلاميذ المرحلة الابتدائية من التعليم الاساسي في
مدينة المكلا للعام الدراسي ( ٢٠٠٤ ٢٠٠٥ م ) .
تحديد المصطلحات
" السرقة "
١. لقد عرفها ( الشربيني ، ٢٠٠١ م )
اقسام السرقة :
إن السرقة عند الاطفال نستطيع ان نقسمها الى قسمين وقد يؤدي التساهل في القسم الاول إلى
الوصول للقسم الثاني .
اما القسم الاول :
هو السرقة العفوية عند الاطفال ولتقريب الفهم للاذهان نقول مثلاً قد تدخل الام الى المنزل وهي
تحمل في يدها كيساً من الفاكهة وتضعها في صحن وتغسلها ثم تقدمها لطفلها وقد تأخذ الام فتعطي
طفلها حبه منها فقط وتغلق على بقية الفاكهة في الثلاجة ، فنجد في التصرف الاول وهو التصرف
الصحيح ان الام اشبعت رغبة طفلها في أكل ما يعجبه من الفاكهة والكم الذي يشبعه .
اما التصرف الثاني فهو الذي يدفع الطفل الى محاولة اخذ ما يسد حاجته منها دون اخذ الاذن في
ذلك وهذا تصرف عفوي من قبل الطفل لان السبب وراء ذلك التصرف هو عدم اشباع رغبة الطفل
بالشكل المطلوب والتساهل في هذه الصورة وهي السرقة العفوية قد يؤدي بالطفل الى ا لسرقة
المنحرفة .
اما القسم الثاني :
هو السرقة المنحرفة التي نحن بصددها في هذا البحث .
والقسم الاول هو الاكثر شيوعاً لدى كثير من الاطفال ولكن الخطر يكمن وراء التساهل في تقويم هذا
النوع ، حيث ان عدم تقويمه يؤدي بانحراف سلوك الطفل الى النوع الثاني الذي هو اقل من النوع
الاول ، ولكن انتشاره بارز الظهور في كثير من المدارس ، فشكاوي الآباء والمدرسين تكثر جداً في
هذا الجانب ، ومن المعلوم ان ظاهرة السرقة عند الاطفال ليست قاصرة على الدوافع الغريزية ولكن
هناك عوامل عديدة قد تجعل هذه الظاهرة تأخذ شكلاً اعتيادياً عند الط فل وتسبب له انحرافاً سلوكياً
مما يجعله بؤرة فساد في مجتمعه ، فالصغير يتمتع عادة بتكوين بيولوجي ونفسي خاص ويتمتع
بقدرات وصول واتجاهات مختلفة ولكنه يعيش ايضاً عالم اجتماعي تسوده العلاقات الفردية
والاجتماعية والثقافية المتنوعة التي تؤثر في تكوين شخصيته ، وهنا ك امر مؤكد وهو ان سلوك
الطفل المنحرف يرجع لاكثر من سبب ، ففكرة البحث عن سبب واحد لتفسير اي ظاهرة لاسباب
انحراف سلوك الطفل يستحيل ان يؤسس على سبب واحد ومجموعة اسباب ذات طابع واحد ، وانما
يجب ان تؤخذ بالاعتبار العوامل المختلفة التي تسهم في اخراج السلوك المنح رف ذاته الذي لايختلف
عن السلوك العادي إلا بقدر اختلاف العوامل ذاتها داخلية كانت ام خارجية ، ورغم تعدد العوامل
الدافعة الى السرقة عند الاطفال وتشعبها فإنها ليست على درجة واحدة من الاهمية ، فقد يكون بعض
هذه العوامل سبباً رئيسياً وقد يكون البعض الآخر من الاس ب اب الثانوية او المساعدة له ( مجلة
. ( الشقائق ، ١٩٩٨ م ، ص ٢٢ )
مظاهر السرقة :
١- العدوان :
السرقة عدوان من طرف السارق على ما يملكه الآخرون .
٢- الخيانة :
السرقة نقيض الامانة كفضيلة من الفضائل التي يسعى المجتمع الى تحقيقها .
٣- سوء التكيف :
وهو مؤشر على سوء تكيف الفرد السارق مع الآخرين نتيجة حرمان وإحباط وعدم إشباع الحاجات .
٤- الاستسلام :
والسرقة قد تكون نوعاً من الاستسلام المتسرع لدافع او رغبة مؤقتة او مبادرة لمجموعة من الناس.
٥- إضطراباً :
قد تكون اضطراباً نفسياً يقوم بها الطفل العصابي .
٦- صفة مكتسبة :
يتعلمها الطفل من معايشته للآخرين وتفاعله معهم كما يحدث لانماط السلوك الاخرى .
٧- عدم التدريب :
عدم التدريب في إطار الاسرة على التفريق بين ما يخص الآخرين .
٨- المهارت الجسمية والعقلية :
تساعد الطفل إذا ما توفرت لديه الرغبة في ذلك ومن هذه المهارا ت سرعة حركة الاصابع ، خفة
الحركة العامة ، دقة الحواس مع سمع وبصر ، والقوة الميكانيكية ، ووفرة الذكاء العام ، ودقة
. ( الملاحظة ...... الخ ( الزعبي ، ٢٠٠١ م ، ص ١٨٢ ص ١88)

كيف نتعامل مع السارق :
إن الطفل الذي يمارس السرقة في المرحلة الثانية من عمره برغم من عيشه بين ابويه الذي لا
يبخلان عليه بما امكن من الالعاب والامور الخاصة به ، إن طفل كهذا تسهل معالجته وتقويمه من
خلال الوقاية من اسباب السرقة المتقدمة ، إضافة الى إشباع حاجته للحنان ، والتأكيد على
الاستغلالية ، ومساعد ته على اختيار اصدقائه ، والوالدين يجب ان يتعاملوا مع ابنائهم بعد بلوغهم
الخامسة من العمر حين يمارسون السرقة بحزم وقوة ، ولا نقصد بها القسوة والشدة ، بل يكفي ان
يفهم الطفل إن هذا العمل غير صحيح وغير مسموح به ، ولا بد من إرجاع ما اخذه الى اصحابه
والاعتذار منهم .
ويجب الالتفات الى نقطة مهمة هي : انه من الخطأ إشعاره بالذل والعار لان تصرفاً كهذا يدفع
الطفل الى السرقة بشكل اضخم من الاول ، ويدفعه اليه حبه للانتقام ممن احتقره وامتهنه.