تؤثر على صحة الإنسان الجسمية والنفسية، ولا جدال أن هناك أسباب كثيرة ومتباينة تؤدي إلى انتشار عادة التدخين، وهذه الأسباب تختلف من شخص إلى آخر، معرفة هذه الأسباب سيوفر لنا قدرا من البيانات، تساعد على توعية الأفراد وتوعية الأسرة بالأساليب التي يمكن أن تؤدي إلى الحد من انتشار هذه الظاهرة، من خلال هذا البحث سنلقي الضوء على آثار التدخين على صحة الجسمية والنفسية للإنسان، والأسباب المؤدية إلى ممارسة سلوك التدخين. ت
أولاً: الآثار السلبية للتدخين، على الصحية النفسية والجسمية للطالب:
للتدخين مضار عديدة على مختلف أعضاء وأجهزة جسم الإنسان، فالتدخين يجعل المدخن أكثر استعدادا للإصابة بالعديد من الأمراض.
أ- الآثار السلبية للتدخين، على الصحة الجسمية:
يبين(القضماني، 1999) في كتابه التدخين داؤه و دواؤه،إن التدخين يعد من الأسباب الرئيسية للعديد من الأمراض المهددة للحياة، وان عدد الوفيات بسبب السرطان ومرض القلب بين المدخنين، ضعف الموجود بين غير المدخنين، كما يؤدي التدخين إلى العديد من الأمراض منها: انسداد المجاري التنفسية، تعطل عمل كريات الدم، تضيق الشرايين الدموية، السرطانات، نقص تروية الجسم بالأكسجين، الإدمان البدني، التهاب القصبات وانتفاخ الرئتين، السكتة القلبية، نقص القدرة على العمل العام، تصلب الشرايين وارتفاع الضغط، تناقص كفاءة الرئتين مع التقدم في السن بسرعة اكبر لدى المدخنين.
كذلك بينت نتائج دراسة(عز الدين الدنشاري، 1987) أن خمسة وسبعون بالمائة من مرضى القلب من المدخنين، و وسبعون بالمائة من مرضى الذبحة الصدرية من المدخنين. كما أشار إلى أن التدخين يصيب الجهاز الهضمي بإمراض خطيرة وأهمها قرحة المعدة، و يؤثر على الجهاز العصبي المركزي، حيث يؤثر التدخين على مراكز العضلات الإرادية، ويؤثر على العينين والجهاز العصبي، ويؤدي إلى ضعف الإبصار وارتفاع ضغط الدم.
كما أثبتت دراسة (مصطفى محرم،1983) أن هناك العديد من الأضرار الصحية للتدخين ومنها: إصابات الجهاز التنفسي، سرطان الفم والحلق والمريء.
وعدد (كتبخانة،1999) في دراسته أضرار التدخين على غير المدخنين، فقد بين أن استنشاق غير المدخنين لدخان السجائر يتسبب في العديدة من الأمراض للمدخنين السلبيين، كأمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الرئة والدماغ والغدة الدرقية والبلعوم والمريء والمثانة والكليتين والبنكرياس.
كذلك عرض(كتبخانة،1999)في دراسته نتائج احدث التقارير لمنظمة الصحة العالمية التي بينت أن التدخين يتسبب في موت شخص كل 10 ثوان، وهذا يعني قتل ثلاثة ملايين شخص كل عام، ويتوقع أن يقفز هذا الرقم إلى عشرة ملايين شخص مع إطلالة عام 2020م.
ب- الآثار السلبية للتدخين، على الصحية النفسية:
تمتد آثار التدخين لتشمل الصحة النفسية للمدخنين، حيث يعاني المدخنون من سوء التوافق، القلق، الشعور بالذنب، الصراع العدوانية(Sarason,1962 )، كذلك عدم الرضا عن الذات، ضعف التحكم الذاتي، التمرد، الضغط النفسي(,1975 Byrne & Lindgren)، ومن آثار التدخين على التعلم فالتدخين يصيب الطلاب بتعب، ويؤدي إلى صعوبة القدرة على التركيز، بطء الفهم، شرود الذهن، انحلال القوى العقلية للمخ بسبب عدم نقاء الدم الذي يؤثر على الخلايا المخ مما يتسبب في ضعف مستوى التحصيل الدراسي للطلاب المدخنين. (Sorensen,1981)، وقد يساعد التدخين على شعور المدخن بالاسترخاء، وارتفاع مستوى الإثارة النفسية والثقة النفسية المؤقتة(Wade&Tarvris,1987).
أشار (حبشي، 1991) إلى أن سلوك التدخين يعد مشكلة بسبب خطورة الإضرار الناجمة عنه، لذا فإننا نجد العلوم المختلفة تحاول الإسهام في حل هذه المشكلة، ومن بين هذه العلوم علم النفس، ويتمثل إسهام هذا العلم في العديد من الدراسات النفسية التي اهتمت بالمدخنين، ومنها من اهتمت بإعداد برامج نفسية لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين.
ثانيًا: العوامل والأسباب المؤدية إلى التدخين:
يتطلب اللجوء إلى التدخين والاعتياد عليه وإدمانه وجود عوامل عديدة مسببة له، نذكر منها: عوامل نفسية واجتماعية وعائلية واقتصادية وثقافية وسياسية وإعلامية وغيرها. ونتوقف هنا في حديثنا عن أهم هذه العوامل وهي:
عوامل نفسية:
بين (جعفر،2002) في كتابه المخدرات و التدخين ومضارها، إن المراهقون يعتبرون التدخين وسيلة ناجحة من وسائل تحقيق الذات والتمرد على النفس وعلى الأسرة والمجتمع ككل، وان شـعور الطالب بالإحباط وعدم القدرة على تغيير الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي يؤدي إلى تميز نفسية المدخن بالتوتر، القلق، الاكتئاب، الانهيار، الخوف، الملل، ضعف الشخصية وانفصالها والعصاب، كما أشار إلى إن التدخين من الممكن أن يكون نتيجة: لإثبات الذات، تخفيف وطأ المتاعب والمشاكل النفسية و التعويض عن الخجل.
كذلك بينت دراسة قامت بها (إدارة الخدمة الاجتماعية والنفسية - وزارة التربية ،1995) يتوهم الكثير من المراهقين أن التدخين يعطيهم شعورا بالثقة بالنفس والإحساس بالأمان الداخلي، إضافة إلى استخدام التدخين كوسيلة للتخلص من عقدة النقص وإخفاء الشعور بالخجل والارتباك.
عوامل عائلية:
أشار (جعفر،2002) في كتابة السابق الذكر، أن الأسرة تلعب دور أساسي قي التأثير على الشاب المراهق، فإذا كان الأهل من المدخنين انتقلت عدوى التدخين إلى أبنائهم بسرعة، وان الأطفال يتأثرون ببيئتهم العائلية، لذلك نرى ازدياد نسبة المدخنين في أوساط الشباب الذين يكون التدخين من عادات تقاليد أسرتهم. ت
أما دراسة (إدارة الخدمة الاجتماعية والنفسية - وزارة التربية ،1995) أوضحت إن من العوامل العائلية التي تسبب ممارسة سلوك التدخين عند المراهق، تتمثل في افتقار النصيحة والقدوة من الآباء، فقد أثبتت الأبحاث كما ذكرت الدراسة، أن الأب المدخن أو الأم المدخنة سببا وراء تدخين الأبناء إضافة إلى ذلك عدم وجود الرقابة على الأبناء ،وارتفاع المستوى المادي للأسرة فالوفرة المادية في يد الأبناء تدفعهم إلي الرغبة في تجربة كل شيء كالسجائر والمخدرات. ت
يمكن تفسير ممارسة عادة التدخين وفق نظرية التعلم حيث نجد أن التعود على التدخين يماثل الإدمان على المخدرات والكحول في أسباب تعاطيه إذ يمكن إرجاعه لعنصر المحاكاة وتقليد النموذج المؤثر. ويحدث ذلك في معظم الأحوال في حالة الافتقار للنماذج الاجتماعية السوية. فالفرد – خاصة النشء- عندما لا يجد حوله غير النماذج الاجتماعية غير السوية يقوم بتقليدها وذلك بتبني الأنماط السلوكية المنحرفة التي تكون عليها تلك النماذج. وعليه فان التدخين يعتبر نمطا سلوكيا متعلما مصحوبا بعوامل سابقة عليه وأخرى لاحقه تعمل كمدعمات قد تكون اجتماعية كضغط جماعة الأقران أو الشعور بالرجولة أو الدخول في علاقات اجتماعية معينة، أو شخصية تتضمن التأثيرات الإدمانية للنكوتين.(الدمرداش،1982) ت
عوامل اجتماعية:
عدد(جعفر،2002) في كتابة السابق الذكران من العوامل الاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار عادة التدخين عند المراهقين، تقليد غيرهم من رفاقهم المدخنين، التشبه بذويهم وأقاربهم المدخنين، محاولة المراهق تقديم صورة عن نفسه تتميز بالقوى والصلابة، حب الاستطلاع والفضول لمعرفة مدى ما يثيره التدخين من متعة، رغبة بالالتحاق بمجموعة الزملاء والأصدقاء المدخنين، الظروف الصعبة والقاهرة التي تدفع المراهق إلى الإقدام على التعاطي التدخين هربا من واقعه المؤلم.
أما دراسة (إدارة الخدمة الاجتماعية والنفسية - وزارة التربية ،1995) ذكرت إن من العوامل الاجتماعية التي تسبب ممارسة سلوك التدخين عند المراهق، مصاحبة أصدقاء مدخنين، والتجمعات والسهرات والحفلات، عدم الاستغلال الأمثل لوقت الفراغ.
عوامل مجتمعية:
كالتمدن والتأثر بكل ما هو غربي ورغبة المراهق في الشعور بالحرية وعدم وجود وعي بخطورة التدخين والإعلانات والدعاية عن السجائر بمختلف وسائل الإعلام، إضافة إلى ذلك فان سهولة الحصول.
ثالثاً: دور الإدارة المدرسية في مكافحة ظاهرة انتشار التدخين بين الطلبة:
يشير(1981Sorenson,) أن الدراسات أوضحت التأثير السلبي لسلوك التدخين على القراءة والحديث التلقائي في تعليم اللغة للطلاب. كما أشار(الدنشاري،1987) إلى التأثير القاتل لسلوك التدخين على الصحة والمتمثل في تقصير عمر الإنسان بما يقرب من تسع سنوات وفي العديد من الأمراض الخطيرة التي قد تصيب الإنسان. إن آثار التدخين الضارة على الإنسان أثارت اهتمام الهيئات الصحية العالمية فركزت له البرامج لمكافحته وردع خطره. والإدارة المدرسية اليوم مسئولة عن رعاية النمو الجسمي ولاجتماعي والنفسي للطلاب بقصد تهيئة انسب الظروف الملائمة لنموهم، فحتى تحقق المدرسة أهدافها التعليمية المنشودة، يجب أن تتدخل في مواجهة مشكلة التدخين بين طلاب، فالمدرسة إلى جانب دورها التربوي هي أداة اجتماعية مؤثرة تستخدم لغرس العادات الصحية والقيم الاجتماعية الملائمة بين الأطفال والشباب.
ومن هذا المنطلق اخترنا هذا الموضوع لما له من أهمية في حياة الطلاب، وذلك لاعتبار ظاهرة التدخين خطر يهدد حياتهم في الحاضر والمستقبل.
الإدارة المدرسية اليوم لم يعد هدفها مجرد تسيير شؤون المدرسة، بل أصبح محور العمل في الإدارة يدور حول الطالب وحول محاولة توفير كل الظروف والإمكانيات التي تساعد على توجيه نموه العقلي والبدني والروحي.
الإدارة المدرسية اليوم مسئولة عن رعاية النمو الجسمي ولاجتماعي والنفسي للطلاب بقصد تهيئة انسب الظروف الملائمة لنموهم، فهي تعمل على تنشئة المتعلم تنشئة متكاملة سليمة ومساعدته على مواجهة مشكلاته وتزويده بالإمكانيات التي تجعله أكثر قدرة على الإسهام في نمو وتطوير مجتمعه، وما دامت مشكلة التدخين ممكن أن تظهر في حياة الإنسان وهو طالب في المدرسة لهذا يمكن اعتبارها مشكلة من المشكلات الطلابية التي يجب أن تسعى الإدارة المدرسية إلى حلها، ولابد أن تقوم المدرسة بدورها في مواجهة مشكلة التدخين بين طلاب المدارس من خلال تفهمها لطبيعة المشكلة من ناحية ولدورها إزاء الحد من انتشارها من ناحية.
بينت دراسة ( Flynn,1994 ) أن تدخل المدرسة في شان مكافحة تدخين الطلاب سيكون له اثر عظيم إذا وجد الدعم من جهود خارجية لبسط ونشر مفاهيم تتعلق بقيم المجتمع المحلي، حيث وجدت الدراسة أن مجهود برامج مكافحة التدخين وسط الطلاب ستظل آثاره باقية إذا كانت البرامج المطروحة في المدرسة ووسائل الإعلام الجماهيري معززة بقيم المجتمع المحلي.
التوصيات:
من التوصيات المقترحة للحد من انتشار ظاهرة التدخين:
إدخال برنامج تربوية في المدرسة لتدريب المراهقين على بعض المهارات الاجتماعية لمقاومة الضغوط التي تقع عليهم من أقرانهم نحو ممارسة التدخين، واعتبرها الباحثون إحدى انجح الوسائل للوقاية من تعلم التدخين.
ضرورة إدخال مادة التربية الصحية في التعليم العام ويتم بموجبها تزويد الطلاب بالمعلومات الكافية عن الأضرار الصحية لأنماط السلوك غير السوي.
تطبيق عقوبات على مخلفي تحذيرات التدخين في مواقع معينه سيكون له مردود ايجابي في مكافحة التدخين.
توعية وحث الآباء على الإقلاع عن التدخين حتى لا يتسببوا في وقوع أبنائهم فريسة للتدخين.
ضرورة متابعة أولياء الأمور أبنائهم لمعرفة سلوك قرنائهم وإرشادهم باستمرار بالابتعاد عن مرافقة الأشخاص الذين يمارسون عادات ضارة كالتدخين.
الأخذ بأفضل سبل التربية الدينية في تربية النشء حتى يشبوا على القيم الأسرية والاجتماعية المرتكزة على قواعد الدين الصحيح.
مساعدة المدخنين الراغبين في الإقلاع عن التدخين وذلك باستخدام انجح الوسائل الطبية والنفسية والاجتماعية بصورة متكاملة وشاملة.
منع الدعاية بأية صورة من الصور في جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية واستخدام تلك الوسائل في حملات مكافحة التدخين بقيادة الأطباء وعلماء الدين ونجوم المجتمع.
إجراء دراسة لاستطلاع اتجاهات الشباب المدخنين نحو السبل والأنشطة التي قد تقودهم نحو الخلاص من هيمنة وسيطرة هذه العادة المدمرة.