تأثير الخرافات( القصص الخيالية) على الطفل

كانت الخرافة أو القصص الخرافية أو الخيالية هي وسيلة التسلية الوحيدة للكبار والصغار إلى حدٍ معين من الماضي القريب, حيث كانت هذه القصص المسائية تنقل سامعيها من الواقع الحالي إلى عالم آخر خيالي وممتع بعيداً عن حدود الزمان والمكان، وقد كانت بالفعل غير محددة المكان والزمان عندما كان الراوي يبدأ بجملة "في سالف العصر والأوان...." فقد كانت هذه الجملة السحرية التي تجذب المستمعين وخاصةً الأطفال. ومن أبرز ميزات هذه القصص الخيالية هو زيارة الأماكن البعيدة والممالك القديمة.. وتميّزت أيضا بغلبة الأمور الخارقة في نسجها القصصي, وكان يدخل في شخصياتها الجن والعفاريت وفي النهاية كانت تنتهي القصة بفوز الفطرة الربانية الخيّرة على الشر دائماً.
الخرافة بكل الأحوال والظروف كانت تقدم كدرس للأطفال على شكل صراع بين الخير والشر, وكان بها الكثير من مبادئ تعليم الطفل وتربيته مثل تنمية خياله وقدراته الذهنية والفكرية وحل المشكلات والخروج من المآزق وكيفية إيجاد الحلول. وكان لها دور أساسي في تهذيب الجانب الوجداني لدى الأطفال, ولا زالت هذه الأمور التي ذكرناها هي الأساس الحقيقي للقصص الخيالية, وبالرغم من فوائدها التربوية سالفة الذكر إلاّ أن هناك من التربويين من اعترض على وجودها في أدب الأطفال خاصة استخدام الخيال الواسع والوسائل السحرية والدخول إلى عالم الجن والشياطين, وذكر هؤلاء أن هذه العوالم تذهب بالطفل بعيداً عن معرفة ذاته وتشطح به بعيداً عن واقعه وتجعله يعيش عالم غير حقيقي, وبالرغم من أن هذه القصص يتغلب فيها الخير أخيراً إلاّ أن بعضهم اعترض على الأسلوب, فقد وجدوا أن إيجاد هذه الحلول بهذه السهولة تجعل الأطفال يظنون أن مشاكل الحياة بمجملها يمكن حلها بسهولة ولا يوجد هناك مشاكل مريرة وتحتاج إلى وقت لحلها.
ولكن أنا أرى أنه حتى الكبار في بعض الأحيان يلزمهم الخروج من واقعهم إلى واقع آخر يلبي حاجات ضرورية في النفس الإنسانية لا يلبها إلاّ الخيال.
وبالنسبة للأطفال أرى انه لا تعارض بين الخيال القصصي وبين العلم فان كل منهما يلبي متطلبات الآخر لجميع المراحل خاصةً مرحلة ما قبل المدرسة, حيث يعمل الخيال القصصي على:
1.تلبية حاجات نفسية تهذب الروح الوجدانية عند الطفل مثل حب الخير, ومساعدة الفقراء, والرفق بالحيوانات, والتعامل باحترام مع الآخرين وغيرها....
2.تعمل هذه القصص على تسهيل التفكير العلمي عند الطفل منذ نعومة أظفاره.
3.تعمل هذه القصص على إطلاق الإبداع الحر عند الطفل, دون أن تقيّده في حدود معينة.
4.تحوّل هذه القصص جميع المشاكل في عقل الطفل إلى شكل درامي يسهل من خلاله التفكير والبحث عن الحلول، خاصة في مشكلات المستقبل التي ستواجه الطفل.
5.تجعل من الطفل عنصراً فاعلاً في المجتمع وضمن إطار الجماعة من خلال تقديم نماذج من السلوك الإنساني الايجابي.
ولكن يفترض في الراوي أو في الراشدين أو المعلمين الذين يسردون هذه القصص أن تكون ذات أهداف واضحة وأن لا تكون عشوائية وأن تُسرد القصة بناءً على حدث أو درس منهجي موجود في الكتب, وان يستخدم بها قدر الأماكن بعض الأدوات الموجودة في عصر الطفل, وان تُفّسّر للطفل أي عبارات أو أدوات تم التطرق لها وكانت موجودة في العصر السابق لعصر الطفل, والسبب في ذلك هو جعل القصة تحاكي التطور النضجي للأطفال في هذا العصر, ولا تحاكي العقل الإنساني البدائي.
وعلى الراوي المراوحة بين القصص الخيالية أحيانا وبين قصص تاريخية واقعية من قصص الغزوات، والأنبياء, والزهّاد، والشخصيات القديمة, وأن تسرد القصص بأسلوب مشوّق ممتع جاذب.. والابتعاد عن القصص المخيفة, والاعتماد على القصص التي تغذي الثقة بالنفس, والابتعاد عن الكذب والحقد والأنانية والظلم , ومحاولة ربط القصص بالحيوانات لتوافق ذلك مع الخصائص النمائية لأطفال ما قبل المدرسة.

المصدر:
موقع د. عماد الدين خضر,مستشار وباحث في تربية الأبناء,مدير مركز ( نقطة الصفر – Zero Point) لتشخيص وتدريب الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعليمية ومشكلات دراسية.http://dr-khader.com