بسم الله الرحمن الرحيم
إن الاحساس بأهمية الامتحان يعد دافعا طبيعيا لمزيد من التحضير والدراسة، وهذا يرفع من آداء الطالب، ولكن زيادة التوتر والخوف من الامتحان قد يتحول إلى قلق، وعندها يتراجع الآداء وقد تصبح ساعات الدراسة الطويلة بلا فائدة ولا تركيز وقد تتوقف الدراسة نهائيا ويستمر الطالب في قلقه والامتحان يقترب، والدراسة تتراجع.
ولكن الحديث عن الامتحان والدراسة والنصائح من هنا وهناك تنساب دون هوادة، ويصل الطالب في ذروة القلق إلى عدم الذهاب لتأدية الامتحان، مع العلم أن الطلاب القلقين على الامتحان هم غالبا من المتفوقين والمجتهدين الذين لو ذهبو إلى الامتحان وحتى لو دون المراجعة الأخيرة لحققو نتائج جيدة، وفي كل موسم امتحانات وخصوصا امتحانات الثانوية العامة تنهال أعداد كبيرة من الطلاب على العيادات الطبية النفسية، لأنهم يشعرون بعدم القدرة على متابعة الدراسة بسبب مبالغتهم في التوتر، ووصلو للقلق وشلت قدرتهم على الإستمرار، ويصبح لابد من معالجتهم إذا تطورت عليهم الأعراض المعروفة للقلق، وحتى يتقي الطالب الوقوع بهذا المرض لابد أن يلجأ إلى أسلوب دراسي صحيح بغض النظر عن مستواه وعمره والمرحلة الدراسية التي هو فيها، والنظام الدراسي الصحيح يقوم على الأسس التالية:
1-الدراسة المنتظمة اليومية منذ بداية العام الدراسي بواقع ستة أيام في الأسبوع وأن يكون هناك يوم واحد للإستراحة.
2-الدراسة على ثلاثة مراحل:تحضير الدراس ثم دراسته بعد سماعه من المدرس، ومراجعته بعد ذلك ففي كل مرة يجلس الطالب ويفتح كتاب مادة معينة فإنه يراجع الفصل السابق ويدرس الفصل الحالي ويحضر الفصل القادم؛ مما يعني أن كل فصل يتم دراسته ثلاث مرات ويكون التحضير والمراجعة بصورة سريعة أما الدراسة فتكون متأنية.
3-لابد للطالب أن يعرف أن الدراسة الصحيحة يجب أن تكون متوافقة مع ظروفه وقدراته وبيئته ومتطلباته، فلا بد من ممارسة الرياضة والصلاة والعلاقات الاجتماعية بما فيها من زيارات متبادلة مع الأصدقاء والعائلة والجيران، ومتابعة البرامج المفضلة في الإذاعة أو التلفزيون ضمن البرنامج اليومي، وأن لايعتبر الطالب أيا من هذه النشاطات عائقا ومانعا لدراسته وباعثا للقلق، بل إنها ضرورة ليكون البرنامج قادرا على الإستمرار والصمود أمام رهبة الإمتحان.
4-لا بد للطالب من الإنتباه لوظائف جسمه الحيوية المختلفة؛ فالنوم من6-8ساعات ويفضل أن يكون في الساعات المألوفة للنوم مثلا من الساعة الحادية عشر مساءا حتى الساعة السابعة صباحا، وأن يكون هناك ثلاث وجبات منتظمة في اليوم وإذا رغب الطالب في النوم نهارا فلا بأس وبمدة لاتتجاوز الساعة بعد الغداء.
5-عند حمل الكتاب والبدء بالدراسة لابد أن يركز الطالب فقط على الصفحة والموضوع الذي يقرأه ليفهمه ويتقنه في الوقت المتاح، دون التحليق في أفكار لاطائل منها مثل ماذا سيأتي في الإمتحان؟ وكيف يفكر المدرس بالامتحان؟وكيف يصححه؟وماذا درس الزملاء أو الزميلات وهل هم أكثر قدرة أو أقل؟ولماذا يدرس فلان أقل ساعات ويحصل على علامات مرتفعة ؟وماذا سأفعل إذا لم أحصل على معدل كذا؟وغيرها من الأسئلة المزعجة التي لاتفيد، بل على العكس ترفع من درجة القلق والتوتر، وتعيق الإستمرار في الدراسة والعبارة الوحيدة التي تنفع في هذا المجال(رحم الله امرئ عرف قدر نفسه) فكل طالب له امكاناته التي يجب أن يعمل ضمن نطاقها، دون أن يكترث لقدرات الآخرين التي لايستطيع أصلا تحديدها.
6-الجولات الدراسية:الجولات الدراسة ساعتين وفيها عشرين إلى ثلاثين دقيقة استراحة وبين الجولة والثانية يكون هناك ساعة استراحة، وبالتالي فإن أيام الدراسة يمكن أن يستريح الطالب ويتناول طعام الغداء في ساعتين، مثلا من الثانية إلى الرابعة بعد الظهر، ثم تكون الجولة الأولى من الرابعة إلى السادسة مساء، والثانية من السابعة حتى التاسعة مساء.وهذا يعني أربع ساعات دراسية مع امكانية مشاهدة تلفزيون أو قراءة مجلة أو صحيفة، وفي اليوم الذي يكون عطلة في نهاية الأسبوع يمكن أن يكون هناك جولتين في الصباح ويصبح عدد الساعات الدراسية ثمانية ساعات، وهذه الجولات يمكن أن تصل إلى احدى عشر ساعة أيام الإمتحانات ومايسبقها وكلها تكون بأسلوب مريح وسلس لايرهق الطالب.
7-في أيام الامتحان ينصح الطالب أن ينهي دراسته مساء في وقت مبكر ويتناول طعام العشاء، ومن الممكن أن يصلي أو يمارس الرياضة أو يشاهد التلفزيون وينام في وقته المعتاد ويصحو مبكرا، ولاداعي للدراسة قبل ساعات الإمتحان وحمل الأوراق والكتب المختلفة، وقد يرغب الطلاب في تسجيل بعض الملاحظات البسيطة مثل التواريخ والأرقام التي ينساها على قطعة ورق صغيرة ينظر إليها قبل الإمتحان، ويجب أن يتذكر الطالب دائما أن هذا الإمتحان ليس أول مرة في حياته، وأنه سبق له أن درس من قبل ودخل الامتحانات ونجح، وكذلك ينبغي على الطالب أن لا يخاف من الشعور الذي يراوده قبل الدخول إلى قاعة الإمتحان بأنه نسي مادرس وأنه سيرسب لامحالة، فهذا الشعور طبيعي قبل الامتحان وحتى بدء الإمتحان، وبالتالي عند استلام ورقة الامتحان فلابد للطالب أن يقرأ الأسئلة بهدوء وتمعن ويبدأ بالأسهل منتبها لتوقيت ومدة الإمتحان، ومايخصص لكل سؤال من وقت وبعد الخروج من الإمتحان يفضل ألا يتم مناقشة الأسئلة مع الزملاء وحلها، بل العودة إلا البيت والاستراحة استعدادا للإمتحان القادم، لأن ماتم في الامتحان السابق قد تم ولا فائدة منه الآن، بل إن الحديث عنه يشوش للامتحان القادم .
8-يجب أن ينتبه الطالب أن استعمال المنبهات كالقهوة والشاي والنيكوتين بكميات كبيرة قد يعطي شعورا زائفا بالتنبيه، ولكن التركيز يضعف ولاينصح الطالب بالإكثار من تناولها، وإن كوبين من الشاي وفنجان من القهوة في النهار هو أقصى مايمكن، أما بالنسبة للسجائر فالأفضل تجنبها نهائيا، كما لاينصح الطالب يتعاطي أي نوع من المهدئات أو العقاقير المؤثرة عقليا، إلا إذا كان قد تم ذلك بقرار من الطبيب.
المعلومات السابقه يمكن أن يستدل بها الاخصاء في الارشاد أو التوجيه وقد يستخدمها في التعامل مع الحالات الفردية مع طلاب يعانو من القلق فيساعدهم في عمل جداول استذكار أو تنظيم وقت دراستهم بشكل عام.
المرجع:
وليد سرحان/عنان التكريني/محمد حباشنة، القلق، ص86-91،ط2،دار مجدلاوي للنشر والتوزيع،عمان-الأردن،1492هـ-2007م.