طالبة بالصف التاسع... سمراء البشرة – قصيرة – سمينة، دخلت على الأخصائية الاجتماعية وهي مطأطئة الرأس منطوية على ذاتها، قالت للأخصائية وبكل حرقة:
أستاذة: أنا أكره نفسي أريد الانتحار.
الأخصائية: أعوذ بالله، ولماذا؟
الطالبة: قلت لك أنا أكره نفسي ولا يعجبني شكلي.
الأخصائية: أستغفر الله، اجلسي وسوف نتحدث معا، وبمشيئة الله سأساعدك للخروج من هذا الظلام...
الطالبة: جميع الطالبات ينظرن إلي نظرة احتقار، ويضحكن مني، لا أريد الدراسة...لا أريد أن أعيش....
أخرجت الأخصائية من درج طاولتها صورة امرأة سوداء ذات شعر مجعد، تبدو عليها ملامح السعادة وهي مبتسمة، سألتها: هل تعرفين هذه المرأة؟ أجابت: لا... قالت: هذه (ليزا نيكولس) هذه امرأة عظيمة عملت الكثير من الأعمال التي جعلتها تتبوأ أماكن عالية، وتعد مناصرة قوية للتطوير الشخصي، شاركت في تأليف عدة كتب.....كانت تكره نفسها والآن هي راضية عن ذاتها وناجحة...... (الموقف خيالي
إن من نعم الله على العبد أن يهبه المقدرة على معرفة ذاته، والقدرة على وضعها في الموضع اللائق بها، إذ أن جهل الإنسان نفسه، وعدم معرفته بقدراته يجعله يقيم ذاته تقييما خاطئا. فالشعور السيئ عن النفس له تأثير كبير في تدمير الإيجابيات التي يملكها الشخص، فالمشاعر والأحاسيس التي نملكها اتجاه أنفسنا هي التي تكسبنا الشخصية القوية المتميزة أو تجعلنا سلبيين خاملين، إذ إن عطاؤنا وإنتاجنا يتأثر سلبا وإيجابا بتقديرنا لذواتنا.
في الموقف السابق الذكر، الطالبة تعاني من ضعف في ثقتها بنفسها، وضعف في ذاتها، فهي تربط النجاح والسعادة بحسن الجمال والهيئة، فهي تجهل بحقيقة أن الاحترام والتقدير تنبع من النفس التي تجعل الذات قوية لدى الشخص.
هذه الطالبة تحتاج إلى تقدير الذات لزيادة ثقتها بنفسها، ولكن ماذا يعني تقدير الذات؟
تقدير الذات في أبسط معنى: هو أن يكون لدى الشخص شعور جيد عن نفسه.
و تقدير الذات لا يولد مع الإنسان، بل هو مكتسب من تجاربه في الحياة وطريقة رد فعله تجاه التحديات والمشكلات في حياته. و سن الطفولة هام جدا لأنه يشكل نظرة الطفل لنفسه، فوجب التعامل مع الأطفال بكل الحب والتشجيع، وتكليفهم بمهمات يستطيعون إنجازها فتكسبهم تقديرا وثقة في أنفسهم، وكذلك المراهقين.
وهناك علامات تظهر على الشخص ذو التقدير المنخفض للذات، منها الانطوائية، الخوف من التحدث على الملاء، إتعاب النفس في إرضاء الآخرين لتجنب سماع النقد منهم، بل إن العنف والعدوانية وعدم تقبل النقد هي صور من ضعف تقدير الذات، لأنها عملية هروب من مواجهة مشكلات النفس
.
ضعف تقدير الذات ينمو بسبب كثرة الهروب من مواجهة المشكلات والجروح الداخلية، وتغطيتها وعدم الرغبة في إثارة الحديث عنها. والحل يكمن في مواجهتها ومعالجتها بسرعة، ولكن هذا يتطلب شجاعة في أن يعترف الإنسان بأخطائه وبعيوب نفسه، لذلك كانت المهمة الأولى في معالجة نقص تقدير الذات هي رفع مستوى الشجاعة عند الشخص ليواجه عيوبه ويعمل على حلها. ورفع مستوى الشجاعة يكون بالحديث الإيجابي للنفس بأنها غالية وعزيزة ولها قدر عالي عند صاحبها، كأن يقول:" أنا أقدر نفسي، أنا أحب نفسي وهي رائعة وتستحق كل الخير وأفضل الموجود دائما". وبالتالي فإن حبها وحب الخير لها يدعوان بالتأكيد إلى تخليصها من أي شوائب أو عيوب قد تنقص من قدرها أو تضعفها
.
كثيرا ما يواجه الأخصائي الاجتماعي حالات تعاني من ضعف في ثقتها بنفسها وضعف في تقدير الذات، فعلى الأخصائي الاجتماعي أن يعرف الأسباب ويدرس الحالة، ويتخذ الأساليب العلاجية المناسبة لكل حالة، فبإمكانه أن يستعمل أسلوب إعادة البناء المعرفي
.
أتمنى أن تشاركوني بآرائكم في كيف يمكن للأخصائي مساعدة الطلاب في الذين يعانون من ضعف في ذاتهم؟؟
المراجع التي استفدت منها:
1- إدارة الذات نحو تطوير الشخصية، زهير الزبيدي،عمّان، دار كنوز المعرفة، 2007
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA"