تعتبر المدرسة أداة أساسية من أدوات الضبط الاجتماعي لما تقوم به من دور فعال في تكوين شخصية الفرد وبث نزعة الجمعية فيه ،ومحاولة اخراج كل سلبيات يمكن أن تعلق به قبل أن يستفحل أمرها ،مع تلقينه للقيم والمعايير الاصيله في المجتمع التي تخدم هدف التماسك الاجتماعي اضافة الى اعطائه الجرعات المقررة من المعارف والعلوم بما يخدم مسيرة المجتمع نحو التقدم والوقاية من السلبيات التي قد تنشأنتيجة الجهل أو عدم مسايرة هذه المعارف التي تعتبرأساسا جوهريا من أسس الحضارة في كل الازمنة والامكنة التي شملتها ..
ومن هنا تؤدي المدرسة دورا لاينكر في السيطرة على البناء الاجتماعي فيها من النشئ وبالتالي على البناء الاجتماعي للجماعات الاجتماعية المختلفة والمجتمع ككل بعد ذلك من خلال وظيفتها المشار اليها ،فهي بهذا المعنى تؤدي دورا انضباطيا لكل السلوكيات في واقع الثواب والعقاب الذي يتضح ظاهريا في التقويم العلمي ،وله مظهر مستتر ايضا في تشجيع كل من يأتي بسلوك يدعم من قيم ومعايير المجتمع ونبذ كل من يخالف ذلك .
ويمكن أن تترجم هذه الامور في تعويد المدرسة النشئ على الاسلوب العلمي المخطط والمنظم في مناشط الحياة المختلفة وتعويدهم على التفكير المستقل وابداء الرأي الحر مع الثقة بالنفس ،يضاف الى كل هذا التدريب المستمر على الادوار المناسبة لكل منهم طبقا لقدراتهم وما الى ذلك من الواجبات المحددة لدور المدرسة في الانضباط والتي يمكن تبيان أبعادها فيما يلي :
*تقوم المدرسة أساسا بدور توجيهي اساسي يهدف الى الوصول بمجتمع المدرسة الى التماسك من جهة ،ومن جهة اخرى الوصول بالتلاميذ الى المرحلة السوية مع التركيز على أي من الشواذ للتخلص من العوائق التي جعلتهم هكذا ،وقد تكون هناك حالات تؤثر في هذين الهدفين ،كالطفل وحيد والديه مثلا والمتوقع انه مدلل اكثر من اللازم ومتعود في اسرته على اجابة طلباته واكثر منها دون معارضة ،وعندما يواجه مجتمع المدرسة يجد الامر مختلف تماما وأن الكل سواء في تحقيق أو عدم تحقيق المطالب ،والمعيار الوحيد المطبق هو الجد والاجتهاد ،وخشية ان يؤدي مثل هذا المجتمع بعضوه ذي الظروف الخاصة تتدخل المدرسة من خلال بنائها التنظيمي كي توجهه بطرق تربوية لاتاتي بآثار سلبية ..
*ومن الابعاد السكيوسولوجية التي تركز عليها المدرسة انطلاقا من مبدأ الثقة بالنفس كهدف لعمليتي التربية والتعليم ،ذلك البعد المتعلق بالتعرض من واقع جماعة المدرسة وبنائها الاجتماعي _كجماعة اجتماعية _الى كافة القدرات والمميزات سلبية كانت أو ايجابية التي تظهر في بعض أعضاء هذه الجماعة وتكون سببا مباشرا في القصور في عملية التحصيل العلمي ،ومن ثم الشعور بالنقص اتجاه الاخرين المتفوقين علميا أو في الانشطة المختلفة رياضة او فنية أو أدبية ،وتتدخل المدرسة لتعمل من خلال البرامج السكيولووجية المترابطة لتعمل مع البرامج الاجتماعية _بمعنى العمل ع الفرد من ناحية ومن خلالى داخل الجماعة من ناحية أخرى _على التعرف على قدرات النشئ المختلفة ومدى استجاتهم للانشطة المختلفة والعمل على نمو هذه القدرات لمن تبدو منهم المبادرة الايجابية ازاءها ،والعمب على تشجيع الآخرين كي تبدو قدراتهم التي تكون مستترة او مشوهة التوجيه ،والتأنى في اكتشاف مدى الاستعداد لمثل هذه الامور .
*من اهم المبادئ التي ينادئ بها المجتمع الحديث بعد التخصص وتقسيم العمل الاجتماعي اثر التقدم التكنولوجي الذي ساد العالم ،ضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب حتى لاتختلط الادوار ويصل الامر بالمجتمع الى مرحلة التخلف الاجتماعي ،وقد يكون للمدرسة دور لاينكر حتى لايحدث ذلك من خلال تكوين النشء بما يتناسب مع قدراتهم المحددة وتدريبهم على الادوار المرشحين لها في المجتمع ..
*أن قيام المدرسة بوظيفتها في التعليم لاتقف عند حد تلقين المعارف والعلوم وتقييم مدى تحصيل النشء لهذه المعارف بل يتخطى هذا الى اعتبار ذلك وسيلة حياة وطريقة معيشة فالعلم _بتعريف بسيط _هو مجموعه المعارف المنظمة والتعرف على هذه المعارف ليس صعبا فبين كل دفتي كتاب مايشبع ويطفئ ظمأ المحتاج ،ولكن السلوب العلمي القائم على التنظيم انما هو طريق منهجئ يقع على المدرسة أن تثبته في النشء .
المصدر :كتاب المشكلات الاجتماعية ،للدكتور جبارة عطية والسيد عوض علي ،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ،الطبعه الاولى ’،2003