مشكلات السلوك العدواني :
إن أغلب مشكلات التلاميذ السلوكية التي يشتكي منها الآباء و المدرسون هي المشكلات التي تسبب العديد من المضايقات للزملاء و المدرسين و كل العاملين بالمدرسة .
و هذه المشكلات لها مظاهر متعددة منها التهريج في الفصل , و تخريب أثاث المدرسة , و التمرد و البذاءة و الوقاحة , و الميل إلى التهور , و عدم الاهتمام بنظم و لوائح المدرسة , و مقاطعة المعلمين أثناء الشرح ... إلخ "
و قد يأخذ السلوك العدواني شكل تحطيم النظم المدرسية عن طريق الامتناع عن الدرس و الاضراب عن دخول الفصل , و قد يظهر السلوك العدواني في صورة الاعتداء على الزملاء أو المدرسين .
و يمكن القول – بوجه عام – أن فئة قليلة من التلاميذ ذوي السلوك العدواني هي التي تتزعم حركات العصيان و الاضراب في المدرسة , و يُلاحظ أن التلميذ الذي ينزع إلى العدوان في شكل عصيان , إنما يعكس رغبته في العدوان على مصدر السلطة , و كثيراً ما يكون هذا التلميذ معرضاً للقسوة الشديدة من جانب الأب – الذي هو رمز السلطة في نظره – و لما كان وقوفه موقفاً عدائياً من والده أمراً غير ميسور , و لا تقره الآداب السائدة , فإنه يجد فرصة في التنفيس في تعبيره عن العداء و الكراهية للسلطة في الدعوة إلى الاضراب و الامتناع عن الدرس .
و لهذا فإن العقاب الصارم لمتزعمي حركات العصيان و الاضراب داخل المدرسة لا يُعتبر أداة علاجية ناجحة إذا لم تكن هناك دراسة فردية للظروف البيئية و الأسرية لكل تلميذ على حدة , و الوقوف على الجو الذي يدفع التلميذ إلى النزعات العدوانية , و كلما أمكن تخليص التلميذ من حالات القلق النفسي و اهتزاز الرباط الوجداني الذي يربطه برمز السلطة في الأسرة أمكن توجيه وجهة نشاطه وجهة مشرفة بعيدة عن العصيان و الامتناع عن الدرس .
و أيضاً قد يرجع السلوك العدواني إلى فشل الطالب في تحقيق ذاته , أو فشله في الدراسة , و في كسب عطف و محبة المعلم , مما يجعله معادي للسلطة المتمثلة في المعلم , و قد يرجع أيضاً إلى احساسه بعدم قبوله اجتماعياً , إما لعيب ظاهر فيه , أو لقبح منظره , أو لعدم توافقه اجتماعياً مع أقرانه , فيسلك هذا السلوك العدواني كي يفرض ذاته و يعادي المجتمع .
و السلوك العدواني للتلاميذ بالمدرسة يتطلب جهداً كبيراً من الأخصائي الاجتماعي المدرسي , سواء في دراسته , أو تشخيصه , أو علاجه , لأن معظمه يرجع إلى عوامل ذاتية نفسية أكثر من العوامل البيئية , و ذلك يتطلب تعاون المدرسة مع المنزل للوقوف بجانب هذه الحالات السلوكية , لأن كلاً من المنزل و المدرسة لهم أدوار مع الأخصائي الاجتماعي المدرسي في علاج هذه الحالات .
المرجع : محمد سلامة غبارى , مداخل الخدمة الاجتماعية المدرسية و أهدافها التنموية , الطبعة الأولى , دار الوفاء للطباعة و النشر , الإسكندرية , 2009 .