الانفعالات السلبية أساس الخلافات والمشكلات سواء تلك التي تكون قائمة بين الفرد والآخرين أو تلك التي تكون بين الفرد وذاته مما يخلق ذلك اضطرابات نفسية وهي كذلك تنعكس على من حوله , لذلك إدارة الانفعالات السلبية عملية مهمة لسلامة سير المسيرة الحياتية للفرد ومن حوله .
ولعل أشهر من تحدث عن هذا الجانب هو البروفيسور طارق الحبيب استشاري الطب النفسي , وقد طرح هذا الموضوع في أكثر من ميدان , ومن اطروحاته الجميلة والمفيدة في هذا الجانب كانت في برنامج أبواب النفس , حيث سلط الضوء على هذا الجانب تحت عنوان " كيف أتحكم بانفعالاتي " , ويجب على الاخصائي الاجتماعي أن تكون لديه طاقة كافية لإدارة انفعالاته وأيضا توجيه الآخرين لادراة انفعالاتهم , وهنا صورة عما تطرق إليه البورفيسور في هذا الجانب :
أوضح بأن الحياة لا تسبب الانفعال إنما إدارة ذواتنا هي وراء ذلك , الحياة كلها مصائب نعم ولكن كيفية نظرتنا إليها هي من تخلق الانفعال لدينا , وأشار إلى أن التحكم بالانفعالات يقوم على السببية , فمعرفة السبب مطلبا أساسي للتحكم بالانفعال , فمثلا عندما يدخل طالبا على الاخصائي الاجتماعي وهو ثائرا من موقف حدث بينه وبين معلمه فهنا الاخصائي الاجتماعي الناجح هو من يستطيع التحكم بانفعالاته وعدم تفاعله السلبي مع الطالب ومشاركته في انفعاله ردا على أسلوبه التهجمي عند دخوله إليه في مكتبه , فهو يعلم بأن أسلوبه ذلك خلفه أسباب أثارته وجعلته في تلك الفوضى العصبية في ذات الطالب , وتظهر أهمية إدارة الانفعال حيث أنها ترفع من شاط التفكير , لأن عند الانفعال يقل التفكير بالتالي تحدث المكشلات نتيجة عدم التروى والتأني في التفكير لمواجهة الحياة .
وللبروفيسور طرح آخر بشكل أوضح عن كيفية إدارة الانفعالات فيعبر عن الانفعال بأنه عملية مركبة تبدأ من الشعور بوجود مشكلة ثم تكوين انطباع محدد إما أن يتفق مع الهوى وإما أن يتخذ الطابع العقلاني الناضج. ويتبع كل ذلك ردة فعل تحدد النسق التفكيري الذي يعكس سمات الشخصية والأساليب المعرفية والسلوكية في مواجهة الأمور الحياتية لدى كل شخص. وبالرغم أن الانفعال هو غريزة فطرية قد تتخذ الشكل الإيجابي كما في حالات الرضا والحب والسعادة أو الشكل السلبي كما في حالات الحزن والإحباط. إلا أن التعبير المتطرف في الحالتين يشير إلى شخصية تتسم بعدم الثبات الانفعالي.ويأتي الانفعال المتطرف من خلفية تعكس شخصية لا تحسن التفسير الإيجابي والواقعي لما يدور حولها. وهي شخصية في الغالب متمركزة حول ذاتها وتعتبر كل ما يدور من حولها يهدد أمنها واستقرارها أو يعنيها تحديداً دون الالتفات للتفاعلات الاجتماعية الأخرى، كما قد تعكس حدة الانفعال شكل من أشكال النماذج التربوية التي تقوم على المزاجية ولا تهتم بالمعايير وتفتقد الثوابت الضابطة لسلوك الفرد وأفكاره ومشاعره، وتعتبر الصراعات الداخلية غير المعالجة من أكثر مسببات التوتر والقلق. الأمر الذي يجعل الفرد يظهر بالصورة الانفعالية كانعكاس لحالته الداخلية. إن انفعال الغضب من أكثر الانفعالات السلبية المسببة للكثير من الاضطرابات النفسية، ذلك لأنه يعكس بنية معرفية غير متوافقة مع التفسير الواقعي الحقيقي للمواقف أو الحدث. كما أنه يتبع حديثاً للذات يتسم بالسلبية المتطرفة تهدد سلامتها.
وتتحدد درجة الانفعال وشكله بحجم الموضوع أو القضية التي يظهر معها، وهو يظهر في الغالب في مواطن الحب والانتماء والهوية ويكون شكله أقوى، إلا أن تلك القوة غير الموجهة قد لا تخدم الموقف،بل قد تساهم في إهدار الحق وشتاته.
لقد أشارت نظريات علم النفس أن "السلوك لا يندفع باعتبارات عقلية محضة. بل بالحب والكره والاهتمام والحماس والمنافسة وغيرها من العواطف، ولعل من بعض المهارات والخطوات المهمة لضبط الانفعالات والقدرة على إدارتها: تهيئة الذات للمستجدات المتوقعة في الحياة والتي قد تحتمل معاني مثل الإخفاق ومعالجة مواقف الإحباط من خلال النظرة المعتدلة للأحداث والتي تتمثل في عدم جلد الذات أو لوم الآخرين بالإضافة إلى المرونة في التعاطي مع الأحداث وأن لا يتم تفسير الموقف بشكل ذاتي وتحجيم معنى المواقف في الجانب السلبي وأن تكون ردود الأفعال متأنية وليست مجرد انفعالات تصاعدية تتراوح بين شدة الغضب والشعور بالندم وأن يكون لدى الفرد القدرة على فهم وتفهم مشاعر الآخرين وبالتالي القدرة على التعامل مع انفعالهم وأمزجتهم المختلفة كما يجب أن تكون الردود العملية إيجابية لا تستوجب المواجهة والجدل،وأن لا تكون ردة الفعل مجرد استجابة وقتية، وألا تحمل طابع التشنج. الحقيقة أن الوعي بحقيقة الانفعال ومصدره وأسبابه ومعناه الذاتي يشكل رقابة ناضجة عليه. ولكن قيمة هذا الوعي تتجلى عندما تظهر أثناء المواقف وتمثل على أرض الواقع معالجة فورية لجملة المشاعر والأفكار التي لا تتوافق مع الصحة النفسية.
لذلك أن تتواجد لدى الاخصائي الاجتماعي القدرة الكافية للتحكم بانغعالاته وانفعالات الاخرين مطلب أساسي للقيام بدوره المهني على أتم وجه .