أصبحت مشكلة هروب الطلاب وحتى الطالبات من المدرسة ظاهرة متزايدة وطبعا هي ظاهرة بالغة السوء ولا يقتصر أثرها على الطالب وحده إنما يتخطى ذلك ليصل للاسرة والمجتمع ككل .
وهذه المشكلة لم تأتي من سراب بل كان خلفها أسباب عدة تراكمت الأسباب مما أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة وأيضا تفاقم الظاهرة دليل واضح انه لا يوجد احد يعمل بشكل جدي لحل هذه المشكلة مع كل أسف .
ومن خلال هذا المقال سأحاول ان أسلط الضوء على هذه المشكلة وأوضع الأسباب والحلول المقترحة لحل المشكلة وعلى اقل تقدير الحد منها وكبح جماحها ولكن دعوني أولا ابدأ بشرح مخاطر هذه الظاهرة من كافة الجوانب .
مخاطر هروب الطلاب من المدارس
1-تدهور المستوى التعليمي للطلاب الهاربين نظرا لتغيبهم المستمر عن الدروس وصولا للفشل الكلي .
2-تعرض حياة الطلاب الهاربين وسلوكهم وتربيتهم للخطر فلا احد يعلم أين يمضي الطالب الهارب وقته ومع من ومؤكد انه يمضيه في أماكن غير مناسبة ومع رفاق السوء .
3-الطلاب الهاربين قد يشجعون طلاب آخرين على الهرب وعلى تقليدهم .
4-التراجع التعليمي والتغيير السلوكي والتربوي المحتمل على الطلاب الهاربين سينعكس مباشرة على الأسرة وغالبا سيكون مصدر للمشاكل الأسرية .
5-تدني مستوى الطلاب التعليمي وفشلهم بسبب الهروب وعدم متابعة الدراسة يحرم المجتمع من القدرات الحقيقية للطالب ويعطل مفعوله عنصر فاعل في المجتمع .
6-إضاعة جهود الدولة والمدرسين الذين سخرتهم الدولة لتعليم الأبناء سدا دون فائدة .
أسباب الهروب: عادة تكون أعمار الطلاب التي تتكرر عندهم حالات الهرب ما بين 11 وحتى 18 سنة تقريباً أي في بداية مرحلة المراهقة وفي المرحلة الاعدادية والثانوية خاصةً وتقل بشكل ملاحظ في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية وتعود الأسباب الاجتماعية لظاهرة الهروب إلى الآتي :
1- أسباب أسرية : وهي عدم تشجيع الأسرة للطالب وعدم متابعته في البيت والمدرسة وتركه يهمل واجباته وعدم سؤاله عن دروسه ونتائج اختباراته وبالتالي فأنه لا يشعر بهذا الاهتمام من قبل أسرته فيبدأ تدريجياً بالغياب وخلق الأعذار لعدم الذهاب للمدرسة بحجة أنه مريض أو أي عذر آخر ولو شعر الطالب بأن أسرته تشجعه على عدم الحضور وتتعاطف معه كونه مريض دون التأكد من هذه الحقيقة فيعتبر هذا هروباً من المدرسة لكن بأسلوب أدبي يدفعه للكذب وطرق الحيلة وهذا ما سيتبعه مستقبلاً بهروبه من المدرسة أو البيت كذلك بسبب عدم متابعة أسرته له وإهماله وعدم مراقبته وسؤاله دائماً
2- أسباب مدرسية : والسبب هنا عائد إلى إدارة المدرسة ومعلميها حيث لا يوجد علاقة وارتباط وثيق بين الطالب والمدرسة أو بين الطالب والمعلم فتنعدم الثقة المتبادلة بينهم ولا يوجد أسلوب تحاور بينهم ولا تفاهم مما يخلق جو التوتر والعناد الدائم للطالب خصوصاً في فترة المراهقة التي تحتاج إلى تعامل خاص فيعمد الطالب على كسر قوانين المدرسة ومنها الهرب سواء من المدرسة أو من حصة معينة لمعلم خاصة أن بعض الطلاب قد لا يحبذ هذه الحصة إما لعدم فهمه لهذه المادة أو بسبب كرهه لمعلم هذه المادة بسبب موقف معين سابق قد حصل بينهما قد أو لعدم فهمه لطريقة شرح المادة أو قد يكون أسلوب المعلم منفراً بالنسبة للطالب
3- أسباب محيطة بالطالب : كأصدقاء السوء أو رفاقه في المرحلة أو من هم خارج المدرسة فيشجعوه على الهرب فيهرب معهم من المدرسة أو يهرب إليهم إلى خارج المدرسة ويعتبر أصحاب الطالب ممن هم خارج المدرسة عاملاً خطراً جداً في حياة الطالب خاصة إن كان الطالب في فترة المراهقة فينجرف معهم وقد يؤدي ذلك إلى الجنوح والانحراف والدخول إلى عالم الجريمة كـ ( السرقة - النصب والاحتيال - المخدرات - الانحراف الجنسي والأفعال المنافية للحشمة - تخريب الممتلكات العامة والخاصة - التسول - حمل السلاح ) وفي حالات أخرى تؤدي للقتل المتعمد أو غير المتعمد, و من المعروف علمياً واجتماعياً أن ولاء المراهق لأصدقائه وزملائه في فترة المراهقة أكثر من ولائه لأسرته ومدرسته
4- أسباب نفسية أو شخصية : قد تكون لدى الطالب عقد نفسية معينة تتشكل نتيجة عوامل معينة منها :
أ- الخوف من المدرسة أو المعلم أو حتى من الطلاب خصوصاً إذا كانوا يتعاملون معه بقسوة سواء بالضرب أو الاستهزاء وغيرها من السلوكيات الأخرى فيفضل الهرب عن الحضور
ب- شعوره بأنه أقل من زملائه في التحصيل العلمي قد يخلق لديه نوع من الإحباط وتنعدم ثقته بنفسه
ج- وصوله إلى سن أكبر من زملائه في المرحلة بسبب رسوبه مثلاً يشعره باحتقار نفسه فلا يتكيف معهم لصغر سنهم
د - إنطواء الطالب على نفسه حيث لا يميل إلى الاختلاط ويفضل الانعزالية قد تولد لديه ردة فعل بالهرب.
حلول مقترحة
1-تحصين التربية الأسرية من قبل الأهل للطلاب ورفع مستوى الوعي لديهم وخاصة بما يتعلق بمستقبلهم وبأهمية العلم ودفعهم باستمرار للتعلق بالعلم مع متابعة مستمرة لهم ولأحوالهم في المدرسة .
2-إمداد المدارس بكوادر إدارية وتعليمية في المستوى وتكون قادرة على إدارة المدارس وعلى إدارة التعليم والاهم ان تكون مهتمة بمستقبل الطلاب وتكون حريصة ومتابعة لكافة أمورهم ومشاكلهم .
3-وجود قوانين ضابطة لا صارمة في المدارس تقف في وجه الطلاب الهاربين وتمنعهم من الاستمرار بالسير في هذا الطريق .
4-التحديث والتطوير المستمر بالمناهج التربوية وبالأساليب التعليمية لإخراجها من قيد الروتين والملل .
5-وجود برامج ترفيهية للطلاب تخفف عنهم ضغط الدراسة وتكون متنفسا لأرواحهم تنشطها وترفع من معنوياتها .
6-إتباع أسلوب الاحترام المدرسي المتبادل بين الطلاب من جهة وبين الكادر الإداري والتعليمي من جهة ثانية وعدم اهانة الطلاب تحت أي ظرف وعند وجود ضرورة للعقاب هناك أساليب أخرى فاعلة وغير جارحة .
7-اطلاع الأهل عن كثب على رفاق أبنائهم في محاولة لمعرفة رفاق السوء منهم ودفع الأبناء للابتعاد عنهم بالتوجيه والتنوير .
8-الاهتمام بالحالة النفسية للطلاب وهنا يبرز دور الرشد التربوي والنفسي في المدارس حيث يمكن للطلاب اللجوء إليه عند وجود أي مشكلة طلبا للعون قبل ان تتفاقم الأمور أو يكون هو متابع ومراقب للطلاب عن بعد يتدخل عند الضرورة لمنع أي عمل أو تصرف سيء منهم قبل وقوعه .
9-عند حدوث حالة هرب من قبل الطلاب لا يجب ان يكون العلاج عنيفا وصارما ومن أول الطريق بل يجب ان يكون هناك حوار ليتمكن الأهل أو الكادر التعليمي من معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت هذا الطالب للهرب ومعالجة الأسباب هو الحل الأفضل لمنع التكرار أما العقاب دون ان يكون هناك اطلاع على الأسباب فهذا أمر سيفا قم المشكلة لا يحلها .
أخيرا لا بد من كلمة
على الجميع ان يدرك انه عندما يتعامل مع الطلاب فهو يتعامل مع إنسان بالدرجة الأولى له احاسيسة ومشاعره ومشاكله الخاصة وبالدرجة الثانية هو يتعامل مع أمل الوطن بمستقبل أفضل وأكثر إشراقا يسطع من جبين هؤلاء الطلاب .
لذلك لا يجب ان ندخر أي جهد لحل مشاكل الطلاب كافة ومن ضمنها الهروب من المدرسة مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الأمور وان نحسن إتباع أسلوب التعامل معهم دون ان يكون هناك سيد وعبد حاكم ومحكوم بل هناك قدوة حسنة وإنسان له احترامه يتطلع لان يستفيد من تلك القدوة لا ان تهيمن عليه وتنتزع شخصيته أو تحطمها .