تعتبر ظاهرة تسرب التلاميذ من أهم المشكلات الرئيسة التي تعيق سير العملية التربوية في الكثير من دول العالم وتتجلى هذه المشكلة بصورة أوضح في بلدان العالم الثالث, البعض من الطلاب يتركون مقاعد الدراسة
وبالذات في المرحلتين المتوسطة والثانوية وحتى الجامعية ويتجهون إلى دروب الضياع وممارسة اللهو والانفلات التربوي والديني.. هذا التسر ب ما هي أسبابه? هل السبب في مناهجنا الدراسية أم في الأساتذة, أو قصور في تربية الأسرة, أو هناك أسباب أخرى الدعوة طرحت القضية على الخبراء والمتخصصين والطلاب وكانت هذه المحصلة..
أسباب التسرب
يقول الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن سليمان الطريري عميد كلية التربية بجامعة الملك سعود وأستاذ علم النفس إن الأسباب يمكن أن تصنف إلى فئات منها ما يخص الطالب نفسه ومنها ما له علاقة بالأسرة ومنها ما يرتبط ببيئة المدرسة, ومنها ما قد يكون ذا علاقة بالبيئة الاجتماعية بشكل عام.
ولو أخذنا هذه العوامل بالتفصيل لجاز لنا أن نقول إنما يتعلق بالطالب يتمثل في الأمور التالية:
- أسباب صحية قد تعوق الطالب من الاستمرار في الدراسة بحيث ينشغل في صحته ومع معاناته مما يصرفه عن المدرسة ومثل هذا النوع من التسر ب يعتبر قسريا خارجا عن إرادة الطالب.
- أسباب نفسية تتمثل في عدم قدرة الطالب على التكي ف داخل المدرسة وشعوره بالخوف والرهبة والقلق أثناء وجوده داخل المدرسة وفي الوسط الطلابي ولا يستطيع أن يتعامل مع الهيئة التعليمية.
- وجود اتجاهات سلبية لدى الطالب نحو التعليم بشكل عام بحيث يشعر بعدم الارتياح من استمرار التعليم وذلك بسبب وجود اتجاهات ذات طابع إيجابي نحو نشاطات أو مهن تصرفه عن التعليم كأن يكون لديه اتجاهات إيجابية نحو الرياضة مما يؤث ر على الاتجاهات نحو التعليم ونحو المدرسة بحيث تكون اتجاهاته نحو المدرسة في حالة منافسة من هذه الاتجاهات.
- ضعف الأداء الأكاديمي للطالب مقارنة بأداء زملائه مما يسبب إحراجا له يول د لديه مفهوما ذاتيا سلبيا ومن ثم نفوره من المدرسة وبيئاتها.
- وجود ميول واستعدادت للانحراف لدى الطالب نتيجة بعض الأسباب والعوامل المرتبطة بالرفاق والجماعات المحيطة مما يشعره بأن المدرسة لا تحقق له إشباع رغباته المنحرفة فيتسر ب من المدرسة سعيا لإشباع هذه الرغبات, ظنا منه أن البيئة خارج المدرسة تشبع له هذه الرغبة.
وما يخص الأسرة يتمثل في الوضع الاقتصادي للأسرة, حيث إن بعض الأسر تجبر أبناءها على الخروج من المدرسة سعيا في طلب الرزق وزيادة موارد الأسرة, أو ربما يكون الطالب هو العائل الوحيد للأسرة, كذلك جهل الأبوين أو أفراد الأسرة الآخرين بأهمية التعليم وعدم تشجيعهم لأبنائهم على مواصلة الدراسة وذلك نظرا لعدم إدراكهم لقيمة التعليم في مستقبل ابنهم .
ويضاف إلى ذلك أيضا مداراة الأسرة وأخذها برغبة الطفل في عدم الالتحاق بالمدرسة حتى إذا لم يكن هناك أسباب جوهرية لخروج الطالب من المدرسة.
البيئـــة
أما العوامل ذات العلاقة ببيئة المدرسة فتتمثل في جوانب القصور في البيئة المدرسية, حيث إن الطالب لا يجد فيها ما يشوقه ويغريه للاستمرار بها, إذ لا يجد ذاته داخل المدرسة ولا يجد ما يتطلع إلى تحقيقه داخل المدرسة. كما أن بيئة المدرسة الاجتماعية متمثلة في الزملاء والمعلمين والإدارة المدرسية لا تكون قريبة من الطالب مما يشعره بالغربة فبيئة المدرسة قد تفتقد العناصر المشجعة والمغرية على الاستمرار في الدراسة.
أما ما يتعلق بالبيئة الاجتماعية العامة فقد تكون سببا للتسر ب عند بعض الطلاب, حيث إن الطالب قد لا يجد ما يحفزه على التعليم ومواصلته, فالمجتمع يشعر بالإحباط نظرا لعدم وضوح المردود الفوري للتعليم ونظرا لوجود أشخاص محيطين بالطالب يشجعونه على عدم مواصلة التعليم وهذه في الغالب تكون في شلة الرفاق وبعض الأقارب المحيطين بالطالب, كما أن بعض البيئات الاجتماعية قد تغل ب نشاطا على نشاط آخر كأن تعطي أولوية لبعض الأعمال على حساب التعليم مما يقلل من قيمة التعليم في نظر الناشئة وهذا بدوره يؤدي إلى التسرب.
يضاف للبيئة والمناهج وطرائق التدريس المدرسية المناهج الدراسية التي قد تكون معارفها مما لا يلقى القبول ومما يفتقد لعنصر التشويق الذي يتطلع إليه الطالب, إذ قد تكون المناهج صيغت بطريقة جافة منفرة أو بشكل صعب ومعقد أو بشكل افتراضي بعيد عن الواقع وعن مستوى التطبيق ويندرج تحت هذا الموضوع طرائق التدريس المستخدمة من قبل المعلمين, إذ إن الاعتماد على الطرق الإلقائية وعدم إشراك التلميذ في البحث عن المعرفة والحجر على طريق تفكيره ومساءلته في بعض القضايا تجعله في وضع منفر من المدرسة, كما أن عدم النزول إلى مستوى الممارسة والتطبيق لبعض المفاهيم يشعر الطالب بالهوة الفاصلة بين ما يتعلمه وبين متقضيات الحياة.
أمـــر خطيـــر
ويتمثل التسر ب مهما كانت نسبته في المجتمع أمرا خطيرا , ذلك أن المتسربين سيتحولون إلى فئة قد لا تجد وضعها في المكان الصحيح داخل المجتمع, كما أن المجتمع قد يعاني من هذه الفئة في كافة المجالات الأمنية والصحية والإنتاجية, إذ إن هذه الفئة قد تكون عالة على المجتمع.