إن من أبرز المشكلات التربوية التي يعاني منها الواقع التربوي في المدارس بصورة عامة ، هي مشكلة التدني في التحصيل العلمي والمعرفي بصورة ملحوظة لدى فئة كبيرة نسبياً من الطلاب ، إذ تتراوح نسبة انتشار ظاهرة صعوبات التعلم بين أفراد أي مجتمـع من المجتمعــــــــــات ما بين ( 10% - 12.3 % ) من مجموع أفراد المجتمع .
سوف نتطرق إلى مشكلة صعوبات التعلم ، وأشرنا إلى غرف المصادر ومدى فاعلية أدائها في تحسين التحصيل الدراسي لدى الطلبـة ذوو صعوبات التعلم ، وسنذكر أسبـاب صعوبات التعلـــــــــــــــــم ( فيزيولوجية – كيميائية عضوية – بيئية – ردود الفعل العاطفي ) ، وسنتطرق إلى مشاكل الأطفال من ذوي صعوبات التعلم في القراءة والكتابة وما يجدونه من صعوبة في المهارات الحسابية .
وسنبحث بذكر الوسائل والأدوات التي يمكن استخدامها في تشخيص صعوبات التعلم مثل دراسة الحـــالة ، والملاحظة ، وبعض أنواع الاختبارات ، وفي الخاتمة سوف نتطرق إلى بعض التوصيات والمقترحـــات التــــي تتعلق بموضوع البحث ، تساهم ولو بجزيء بسيط بالتعامل مع هذه المشكلة بإيجابيــــة .
صعوبات التعلم :
إن اللغة ذات أهمية كبيرة في حياة الأفراد والمجتمع ككل ، فتعلم القراءة أصبح من أبرز الأهداف التي يسعى المجتمع لتحقيقها لدى أفراده ، وذلك من خلال المؤسسات التربوية المتخصصة في تقديم البرامج التعليمية للأطفال .
وأوضحت الدراسات أن القراءة تشتمل على عدد كبير من المهارات والقدرات ، وأن تعلم القراءة لا يقتصر على معرفة أشكال الحروف وأصواتها ، وإنما يمتد كذلك إلى مهارة التعرف على الكلمات ، والقراءة من الذاكرة ، والقراءة المتقطعة والتدريب على نطق الحروف وفهم الفروق بينها في النطق ، ومعرفة صوت الحرف حسب الحركات ، والتمييز بين نطق الصوت الممدود بالفتحة أو بالضمة أو بالكسرة وتنبيه الطلبة إلى ملاحظة الفروق في الصوت المطلوب نطقه بشكـل صحيح والمقارنة بين الصوت الممدود وغير الممدود ، وتمييز صوت التنوين ، والتمييز بين اللام الشمسية واللام القمرية ، وغير ذلك من المهارات .
ولقد وجد القائمون على عملية التربية والتعليم ، بأن هناك فئة من الأطفال لا تستطيع أن تحقق المستوى المطلوب من التعلم ، والذي يقدم لها عبر برامج تربوية تشرف عليها وزارة التربية من خلال مؤسساتها التربوية والتعليمية التي تقيمها بهدف نشر التعليم في المجتمع ، ويتضح الأداء المتدني لهؤلاء الأطفال في تحصيلهم الأكاديمي ، إذا ما تمت المقارنة بين تحصيلهم دراسياً وتحصيل أقرانهم من الأطفال العاديين الذين هم في نفس عمرهم الزمني .
وعلى الرغم من الاختلاف الواضح بين الدراسات حول أسباب صعوبة التعلم إلا أنها أجمعت على أن صعوبات التعلم ترتبط بإصابة المخ البسيطة ، أو الخلل الوظيفي المخي البسيط ، وترتبط هذه الإصابة بعامل أو أكثر من العوامل الوراثية أو إصابـة المـخ المكتسبـة ، أو العوامــل الكيميائيــــة الحيويـــــة ، أو الحرمـــان البيئــي والتغذيــــة .
أسباب صعوبات التعلـــم
هناك عدة أسباب لصعوبات التعلم ومنهـــا :
أسباب فيزيولوجيــة : إن الأطباء يرجعون صعوبات التعلم إلى أسباب فيزيولوجية ، فهم يرون بأن العامل الجيني هو أحد الأسباب الرئيسية لصعوبات التعلم ، الأفراد الذين لديهم خلل في القراءة يختلف أدائهم عن الأفراد الآخرين في كل المقاييــــس .
ومن العوامل الفيزيولوجية لصعوبات التعلم أيضاً العامل العصبي ، فقد تم الربط بين تأذي السيادة المخية والصعوبة التعليمية ، ففي دراسات أجريت على ضحايا الحرب الذين تعرضوا لإصابات غائرة وبليغة في الرأس ، حيث تم ملاحظة أن هؤلاء الأشخاص لم يعد بإستطاعتهم ممارسة بعض الأعمال بعد الإصابة التي تعرضوا لها . ومن العوامل الفيزيولوجية المسببة لصعوبات التعلم أيضاً هي الإلتهابات والأمراض ومؤثرات ما قبل الولادة وخلالها وما بعدها .
أسباب كيميائية عضويـة : من هذه العوامل سوء التغذية ، وإلتهاب الأذن الوسطى والمشكلات البصرية والحساسيات ، والعلاج بالعقاقير . فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن نقص الغذاء يشكل سبباً في صعوبات التعلم ، كما وأن تأخر النمو في التكامل بين الأحاسيس يعود إلى نقص في البروتين والسعرات ، فقد جرى فحص (129) طفلاً عندما كانوا في السادسة من أعمارهم وكانوا قد عانوا في السنة الأولى من أعمارهم من نقص معتدل في البروتين والطاقة ثم قورنوا بمجموعة من رفاقهم لم يكن لها مثل ذلك التاريخ ، فلوحظ أن أداء الأولين كان أخفض بوضوح في ثمانية من تسعة مواضيع دراسية .
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الطالب الذي يواجه صعوبة في السمع بصورة جزئية وليس صمماً كلياً أنه لا يسمع توجيهات المعلم والمناقشــــــة المقصودة بشكل واضح ، مما يسبب له فقدان الكثير من المعلومات والتوجيهات التي تفيده في تحصيلـــه الدراســي .
أسباب بيئيـــــة : إن البيئة المحيطة ذات أثر فعال في تكوين ظاهرة صعوبات التعلم ، ومن أهم الأسباب البيئية التي قد تؤثر إيجاباً أو سلباً في عملية التعلم الأسرة والمدرسة ونظامها والعادات والتقاليد ووسائل الإعلام .
تعتبر الأسرة للفرد العضوية الأولى التي يكتسبها ، حيث تشكل شخصيته تشكيلاً فردياً وجماعياً ، وهي بذلك تمارس عمليات تربوية هادفة من أجل تحقيق نمو الفرد والمجتمع ، وفي الأسرة يتعلم الطفل اللغة والعادات والإتجاهات وكيفية التعامل مع الآخرين ، من أجل إشباع حاجاته وتحقيق مصالحه وأهدافه .
ردود الفعل العاطفيـة : تتفق الآراء والأبحاث التجريبية التي أجريت في هذا الميدان على أن المشكلات العاطفية والشخصية قد تكون سبباً في إخفاق الطفل في تعلم القراءة ، ومن أمثلة هذه المشكلات عدم النضج العاطفي ، وانعدام الثقة بالنفس ، والشعور بالخجل والخوف ، وعدم الأمان ، والحياء الشديد .
وقد أشير كذلك إلى أن الضعف والخلل الباديين في إنشاء التلاميذ قد يكونا عائدان إلى المعلم بسبب عدم رغبته أو قدرته على مراعاتهــا ، وقد يكون السبب في هذا الضعف عائداً إلى مدير المدرسة والمشرفين وجميع القائمين على شئون التعليم في المؤسسة التعليمية والإذاعة المرئية.
أحياناً يؤدي الضعف في تعلم القراءة إلى مشكلات عاطفية وشخصيـة ، ذلك إن العجز المستمر في تعلم القراءة يؤدي إلى شعور الطالب بعدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص بين أقرانه .
مشاكل الأطفال ذوي صعوبات التعلم
هنالك عدد كبير من الطلبة ممن يتصفون بصعوبات تعليمية يعانون من صعوبة واحدة أو أكثر من صعوبات التعلم في التحصيل ، ومن هذه المشكلات التي يعاني منها الطلاب وخاصة في المرحلة الابتدائية ما يلي .
مشكلات قرائيـة : ومن هذه المشكلات إعادة قراءة بعض الكلمات وبعض السطور أكثر من مرة ويقفز عن قراءة بعض الكلمات أو السطور ، وفقدان موقع الكلمة التي وصل إليها أثناء القراءة بصورة مكررة ، كما أن الطفل يقوم بقلب بعض الحروف مثل ( زر بدلاً من رُز ) وقلب بعض الأرقام مثل قراءة الرقم (7) بدلاً من الرقم (
وأيضاً يقوم بمتابعة قراءة النص بإصبع اليد .
ومن صعوبات القراءة أيضاً ، القراءة بصوت عالي وبتردد ، وقد يخطئ الطفل في التركيز على مقاطع الكلمة ، فيقوم بتحريك الحرف الذي لا يجب أن يحرك فقد يقوم ذلك الطفل بقراءة كلمة ( يقول ) على أنها ( يا ... قوو ... لوو ) (1) ، كذلك فإن الاستمرار في القراءة الخاطئة تعتبر من الصعوبات القرائية والتي تتمثل في قلب أو عكس الكلمات والحروف مثل كلمة ( الحافلة ) ويقرأها ( الحافلات ) وكلمة ( سور ( يقرأها ( روس ) .
صعوبات كتابية : ومن أبرز المشكلات الكتابية التي تواجه بعض الأطفال عدم قدرتهم على تحديد بداية ونهاية الحرف أو الكلمة ، مما يؤدي بهم إلى كتابة الحروف بصورة عكسية ، ومن المشكلات أيضاً بدء الطفل بكتابة الجملة من اليسار إلى اليمين ، بدلاً من أن يكتبها بصورة صحيحة من اليمين إلى اليسار ، والترتيب الخاطئ لحروف الكلمة ، وقد يلاحظ على بعض الأطفال أنهم لا يستطيعون ضبط حركة اليد أثناء الكتابة ، مما يؤدي إلى سوء الكتابة ، وعدم وقوع الكلمـــات علـــــــى السطر .
صعوبة في المهارات الحسابية : كثيراً ما تواجه هذه الفئة من الأطفال صعوبة كبيرة في اكتساب المهارات الأساسية في الحساب كالجمــع ، والطرح ، والضرب ، والقسمة ، وقد تمتد هذه الصعوبات معهم إلى سن متقدمة ، ومن أبرز الصعوبات الحسابية كتابة الأعداد بصورة معكوســـــــة فمثلاً : العدد (6) يكتبه (2) والعدد (4) يكتبه (3) والعدد (92) يكتبه (29) وهكذا .
ومن الصعوبات أيضاً عدم القدرة على الربط بين العدد وصورته فقد يكتب العدد (
على صورة (6) هكذا ، وقد يجد بعض الطلبة صعوبة في التمييز بين الإشارات مثل ( + ، × ) و ( ــ ، ÷ ) و ( > و < ) ، وعدم فهم المقصود بمعاني بعض الكلمات التي تدخل على العمليات الحسابية مثل كلمة زائد والحرف ( و ) التي تعني عملية الجمع ، وقد لا يفهم معاني كل من الكلمات التالية مثل ( الفرق ، ناقص) والتي تعني الطرح .
الوسائل والأدوات التي يمكن استخدامها في تشخيص صعوبات التعلم
دراسـة الحالــة : إن الهدف من دراسة حالة الطفل الذي يعاني من صعوبات تعلم هو الكشف عن المستوى الحقيقي لأداء الطفل التحصيلي والحجم الحقيقي للمشكلة التي يعاني منها والجانب الذي يبدو فيه القصور .
الملاحظـــة : إن ملاحظة المعلم لذوي صعوبات التعلم تعد الخطوة الأولى والأساسية للكشف عن هذه الفئة من الطلبة ، وهناك أساليب متعددة يمكن استخدامها لجمع البيانات والمعلومات المتعلقة بخصائص الطلبة ذوي صعوبات التعلم ، ومن هذه الأساليب أسلوب استخدام قوائم التقدير ويستطيع المعلم سواء أكان معلماً للصف العادي أو مختصاً بتدريس هذه الفئة من الطلبة ، ومن بين الجوانب التي تقاس بمقاييس التقدير ( مجال اللغة والكلام ومجال الإدراك السمعي ، وإدراك الصورة ، وفي مجال الاضطرابات السلوكيــــة والانفعالية ).
الاختبارات : يوجد أنواع عديدة من الاختبارات المستخدمة في تشخيص التلاميذ ذوي صعوبات التعلم وفيما يلي عرض لأهم هذه الاختبارات :
أ . اختبار نورث ويستن لقواعد اللغة.
ب. اختبار دارلي الخاص بالنطق اللغوي .
جـ. اختبار بيودي للمفردات اللغوية المحصورة.
د . اختبار جراي للقراءة الشفهية .
هـ. اختبار مونرو لتشخيص القراءة .
و . مقياس شباش لتشخيص القراءة.
ز . اختبار بيبودي للمفردات اللغوية المحصورة .
ح. إختبار الينوي للقدرات النفس لغوية .
ط. إختبار ماريان فرويستج لتطور الإدراك البصري .
ي. إختبار نيل للقدرة على القراءة .
نلتقي في مواضيع جديدة ......