من أجمل ما قرأت قبل قليل في كتاب" لا تحزن" للدكتور :عائض القرني:"قصة كاتب أمريكي لامع،اسمه"بودلي"مؤلف كتاب"رياح على الصحراء"و"الرسول صلى الله عليه وسلم" وقد استوطن افريقية الشمالية والغربية حيث عاش مع قوم من الرحل البدو المسلمين،يصلون ويصومون ويذكرون الله يقول عن بعض مشاهده وهو معهم :
هبت ذات يوم عاصفة عاتية حملت رمال الصحراء وعبرت بها البحر الأبيض المتوسط ورمت بها وادي الرون في فرنسا وكانت العاصفة حارة شديدة الحرارة ،حتى أحسست كأن شعر رأسي يتزعزع من منابته لفرط وطأة الحر فأحسست من فرط الغيظ كأنني مدفوع إلى الجنون،ولكن العرب لم يشكوا ذلك إطلاقا،فقد هزوا أكتافهم وقالوا:قضاء مكتوب. واندفعوا إلى العمل بنشاط وقال رئيس القبيلة الشيخ:لم نفقد الشيء الكثير فقد كنا خليقين بأن نفقد كل شيء ولكن الحمد لله وشرا فإن لدينا نحو أربعين في المائة من ماشيتنا وفي استطاعتنا أن نبدأ بها عملنا من جديد.
وثمة حادثة أخرى ...فقد كنا نقطع الصحراء بالسيارة يوما فانفجر أحد الإطارات وكان السائق قد نسي استحضار إطار احتياطي ،وتولاني الغضب وانتابني القلق والهم،وسألت صحبي من الأعراب:ماذا عسى أن نفعل ؟فذكروني بأن الاندفاع إلى الغضب لن يجدي فتيلا ،بل هو خليق أن يدفع الإنسان إلى الطيش والحمق .ومن ثم درجت بنا السيارة وهي تجري على ثلاثة إطارات ليس إلا لكنها ما لبثت أن كفت عن السير وعلمت أن البنزين قد نفد ،وهناك أيضا لم تثر ثائرة أحد من رفاقي الأعراب ولا فارقهم هدوؤهم ؛بل مضوا يذرعون الطريق سيرا على الأقدام وهم يترنمون بالغناء.
ما أردته من سرد القصة هو أن كل إنسان في هذه الدنيا مبتلى ولا يعني ذلك أن ربه لا يحبه بل بالعكس إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه ليرى مدى صبره واحتسابه للأجر وتفاؤله. وهذه الابتلاءات والعقبات التي تعترضنا أو تعترض عملائنا كوننا أخصائيين اجتماعيين يجب أن نتعامل معها بحكمة وبتأني ولا نهول من الموقف الصغير لنصنع من الحبة قبة(على قول المثل) ونندفع ونغضب من أبسط الأشياء. فالأخصائي المؤمن والناجح هو الذي لا يتذمر من أحوال المدرسة التي وضع فيها أو يقول لماذا أنا فقط بليت بهذا النوع من الطلاب وبهذا النوع من الإدارة المدرسية. فهو إن وسع نظره وعرف الآخرين وما يعانون لهانت عليه مصيبته.
فلننظر دائما إلى الجانب المشرق في حياتنا ولنقوي إيماننا بربنا الذي هو أرحم بنا من أنفسنا ومن والدانا. وهو القائل :"ورحمتي وسعت كل شي"
من المواقف التي عادة ما تحدث في مدارسنا وقد نستفيد من هذه القصة فيها، عندما ينفعل ويصرخ مدير المدرسة أو أحد المدرسين في وجه طالب حاول الهروب أو سرق أو عبث بممتلكات المدرسة أو ما إلى ذلك، فإن قدرة الأخصائي الاجتماعي على إصلاح الأمور تكمن في تميزه عن غيره من المهنيين في القدرة على الإمساك بزمام الأمور ومحاولة تهدئتها ومساعدة الطالب على الخلاص منها بإذن الله.بدون غضب أو انفعال ودون استعجال ففي العجلة الندامة .
وأختم مشاركتي ببيتين من الشعر:
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
ودمـــــــــ بود ـــــــــــــــــــــــــــتم