السلام عليكم ورحمة الله:
بداية شكرا على طرح هذا الموضوع...
من وجهة نظري أرى أن لإجابة على سؤال هل الطيب ضعيف الشخصية؟ يتطلب توضيح العديد من الأمور...
إن المشكلة تكمن في الفهم الخاطئ والتصور الخاطئ لكل من ضعيف وقوي الشخصية، فللأسف اليوم هناك تصرفات خاطئة قد يأتي بها البعض لكن تفسر من قبل الآخرين أنها قوة في الشخصية..
برأي أن ضعيف الشخصية هو من يكون سهل التحول والتغير لا للأفضل وإنما كيفما يريده الآخرون ، فضعيف الشخصية من لا يوجد لديه مبادئ راسخة يتمسك بها وقيم محددة يكون مميزا بها. لا يتنازل عن تلك المبادئ والقيم بسهولة ودون أي تفكير أي تراه ينجر نحو هذا وقد تلون بهذا وغدا بآخر..
ورغم ذلك الانجرار والتقليد وراء الآخرين تجده في مواقف يتطلب منه السماح والعفو والتنازل يرفض الرفض الشديد...فيقال له أنه قوي الشخصية..مع أنهم من يصفونه بذلك لا يطيقون أنفسهم التعامل معه.
فقد تصف طالبة زميلتها وتخبرها أن هذه الطريقة في اللباس غير مقبولة ولا تساير التطور، فنجدها بدون أي تفكير تتغير وتتصرف كما يريدها الآخرون دون أن تكون لها شخصية قوية متمسكة بمبادئ لا تتراجع عنها من بعد اليقين بصحتها. وغيرها الكثير كأن يسخر من آخرين لا لشيء إلا أن من حوله هكذا منه يريدون...
نعم من يستطيع التواصل مع الآخرين والأخذ والعطاء بينه وبين من حوله ويستطيع أن يواجه الآخرين وينتقد ما لا يعجبه يمكن القول أنه قوي في شخصيته ونرى من هؤلاء الكثير ولكن للأسف نجدهم من السهل تغيير أفكارهم والتأثير عليهم وتتغير بعض الصفات لديهم والتي تخالف مبادئ وقيم كانت من المفترض أن تكون مترسخة لديهم...
هكذا و قد نجد من الناس من هو متسامح وحليم مع الآخرين، يتسع صدره لأخطائهم ويتقبل عثرات لسانهم بل قد يصبر على لؤم شخص تحتم عليه الظروف التعايش معه كأن يكون من أسرته، أو يلتقي معه في العمل،بعد أن يدرك أنه طبع لديه وصعب عليه التخلص منه، كأن يصبر عامل على ألفاظ اللاذعة لزميله في العمل والتي من أجلها كانت سببا لمشاكل له مع الآخرين بينما هو استطاع لحد ما التعامل معه والصبر عليه مع التأكيد أن تلك الألفاظ والإساءات لا تمس بشي من مبادئه وقيمه...أي كما يقولون..(لا تقدم ولا ترجع شيء..)..
ورغم كل هذا الود والتسامح والود إلا أننا نجده حازما صارما شديد الثبات في مواقف أخرى فهو لا يقبل أن يسكت عن حقه، ولا يقبل أن تنتقد مبادئه وقيمه بل يراها أنها هي ما تميزه...
إن المتأمل إلى سيرة النبي-عليه أفضل الصلاة والسلام – يجد أسمى المثل للشخصية المسلمة القوية، فكان الحليم الصفوح الودود الذي لا يغضب إلا لأمر انتهكت فيه محارم الله، أي ما كان فيه مساس بالعقيدة والقيم والمبادئ ...وأنا لست بصدد وصف هذه الشخصية العظيمة، كما أن
المقام هنا لا يتسع لوصف هذه الشخصية العظيمة وكتب السيرة مليئة لمن أراد التعرف على ذلك..,,,
تنبيه....
من المؤسف اليوم أن تغيب الأخلاق والقيم فيغيب الصفح والسماح من الناس بحثا عن شخصية قوية لم يدرك المرء جوهرها ومفهومها ليصل إليها،كما أن المرء عليه ألا يجعل تصرفاته رهنا لآراء الآخرين بل يتمسك بالقيم والمبادئ بعد يقين بصحتها...
وبعد هذا فلا يوجد الإنسان الكامل من الناس الذي تجده ناجحا في التواصل مع الآخرين قادرا على التعبير ويتسم بحرية الأفكار، وخلوقا أي أوتي كل من الحكمة والأخلاق وكامل الصفات...ولله حكمة في ذلك..
كما يجب التفريق بين الطبيعة والخلقة وبين ما هو مكتسب من الصفات، فقد كان الصديق رقيق القلب حنون كثير التأثر والبكاء، وكان الفاروق شديد الصلابة والحزم، ولكن كان كل منهما شخصية قوية لا مثيل لها لا يمكن أن نصف أحدهما بغير ذلك لأنهما بحثا مع الخلقة التي خلقهما الله عليها عن حميد السجايا والصفات...
أخيرا:
أنا لا أتفق مع قول أن الطيب ضعيف الشخصية ..قد يكون..فليس كل طيب ضعيف الشخصية وليس كل شديد قوي الشخصية...
"..لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.."
نعم لنكن كما كان إن لم نكن مثله..فشبيهون به...لأنه كان من البشر....
(( طوبى لمن تواضع في غير منقصة، و ذل في نفسه من غير مسكنة، و أنفق من مال جمعه في غير معصية ))[البخاري في التاريخ الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان عن ركب المصري]