مساء الخير...
موضوع مهم جدا ونلاحظه كثير عند اطفال هذا الجيل وذلك بسبب الطفره والتقدم و ضعف التنشة الاجتماعية (لانشغال الوالدين بأمور اخرى وترك الطفل بين يدي الخدم)
لذلك وجب القاء الضوء على هذه الظاهره لما لها من انعكاسات خطيره فيما بعد سواء على الطفل نفسه او اسرته أو المجتمع....
وبسبب اهمية هذا الموضوع فقد قام فريق من علماء النفس هم: محمد علي قطب ووفاء عبدالجواد وعلي اسماعيل محمد بدراسه تتناول هذا الموضوع تحت عنوان :لماذا يكذب الاطفال؟
وكانت نتائج هذه الدراسه تشير الى مجموعة من الاسباب وهي كالتالي:
أولا: الخوف من العقاب
لعل من اكثر بواعث الطفل علي الكذب( الخوف من السلطة) ممثلة في الأب والأم أو المعلم او أحد الذين يوكل اليهم تربية الطفل وتأديبه, وبعض الآباء والمعلمين يعتقدون ان الحنو الزائد علي الطفل وتدليله غالبا ما يؤدي الي فساد تربية الطفل وأي ذنب يرتكبه الطفل يستاهل العقاب القاسي حتي لا يعود اليه فإذا قصر الطفل في اداء واجب منزلي أو اذا كسر كوبا أو عبث ببعض الأثاث المنزلي او ترك الطعام ينسكب علي ثيابه وكل هذه الأنماط من السلوك يمكن ان يقع فيها أي طفل ولا تستاهل العقاب القاسي, والطفل الذي عرف من خبرته السابقة مع الأب او الأم انه سوف يلقي الجزاء القاسي يلجأ الي انتحال الاعذار,و لذا يجب أن يكون رد فعل الأبوين هادئا, خاليا من الانفعال والغضب بل اننا قد نفهمه في هدوء ان ما فعله خطأ وانه ينبغي ان يقول الصدق دائما وانه اذا قال الصدق فسوف يجد المسامحة.
ثانيا: السعي لإرضاء السلطة
يلجأ بعض الاطفال الي الكذب سعيا لاستمالة السلطة الممثلة في المعلمة او في الأب والأم فنجده قد يلجأ الي من يعمل له الواجب المدرسي او يرسم له خريطة او يصنع له مجلة يقدمها للمعلم علي انها من انتاجه هو بأمل ان يحظي بتقدير المعلم له ومكافأته بعلامات سخية, ومسئولية السلطة في مثل هذه المواقف واضحة فالعدل في المعاملة بين التلاميذ والاصرار علي العلاقة المهنية السليمة بين المعلم والتلميذ لا تترك لمثل هذا النمط من الكذب سبيلا وان اخطر ما يمكن ان يؤدي اليه هذا النمط ان لم نمنعه ونقف له بالمرصاد تخريج جيل يحسن التزلف إلي السلطة وربما يلجأ إلي رشوتها لكي يحقق مآربه في الحياة.
ثالثا: السعي لإثبات الذات والحصول علي مكانة اجتماعية المفروض
ان المدارس العامة اماكن لتذويب الفوارق بين الطبقات لا فرق فيها بين ابن الوزير او ابن الغفير فالكل سواسية يجلسون علي مقاعد واحدة ويعلمهم معلم واحد وتصرف لهم كتب موحدة, ومع ذلك فإن بعض التلاميذ الذين يقدمون الي المدرسة من مناطق محرومة نسبيا يحسون بالنقص في مجتمع الفصل او مجتمع المدرسة او لشراء الحلوي أسوة بغيرهم من تلاميذ المدرسة وقد يلجأ هؤلاء الي تعويض الشعور بالنقص عن طريق ادعاء بعضهم كذبا بانهم يعيشون في حي من الأحياء الراقية, وان لدي اسرتهم عددا من السيارات الفاخرة يأملون بذلك ان يثبتوا ذواتهم ويحصلوا علي المكانة الاجتماعية التي يتمتع بها غيرهم من التلاميذ, وللاسرة دور هنا بأن تحرص علي رفع معنويات الطفل, فالعبرة ليست بالحسب والنسب ولا بالجاه او الثروة هذا الي جانب ان توفير الأسرة لابنها حاجاته الاساسية دون إسراف او تفريط كما ان علي هيئة التعليم هي الأخري دورا كبيرا في مثل تلك الحالات فالمعلم يقيم اعمال التلاميذ بجودتها ووفائها بالمطلوب.. وقد يكون من بين التلاميذ الوافدين من احياء محرومة من يتفوق بكثير علي اقرانه الذين يسكنون احياء راقية كما ان العبرة بدماثة الخلق ولين الطبع ورقة الجانب.
رابعا: الخيال الخصب للطفل وعدم تفرقته بين الخيال والواقع
من المألوف لمعلمي الصفوف الأولي من الدراسة الابتدائية ان يجدوا طفلا في احد دروس التعبير الحر يبتدع قصة خيالية يجعل من نفسه بطلا لها, فهو علي سبيل المثال سافر إلي بلاد كذا وكذا وشاهد في الادغال كذا وكذا وقابله حيوان شديد الافتراس صفاته كذا وكذا ويندمج الطفل في القصة كأنها وقعت بالفعل وانه كان بطلها ويكتشف المعلم والتلاميذ بعد الاستماع إلي جزء من القصة انها من نسج خيال الطفل.
خامسا: الرغبة في الانتقام من آخرين
قد يحس الطفل بان هناك غريما له من بين تلاميذ الفصل يحظي دائما بالعطف والمحبة والتقدير من المعلم علي حين انه هو ـ حسبما يري ـ أحق بذلك العطف والحب والتقدير, فتلعب احاسيس الغيرة دورها علي شكل إشاعات يصنعها الطفل الاخير ضد غريمه.. وقد يصل به الامر الي ان ينسب اليه مخالفة كبيرة او فعلا شائنا وقد يستدعي عليه التلاميذ الاخرين ممن يشاركونه الشعور نفسه تجاه التلميذ المحظي ليشهدوا عليه بما لم يفعل وهذا ما نسميه بالكذب الانتقامي.
* دور الاسرة في تعلم الطفل الكذب :
فالأب الذي يعد ابناءه بتقديم هدية معينة لاحدهم أو لهم جميعا أو يعدهم باصطحابهم في نزهة ثم لا يفي بوعده لعذر معين واذا تكرر منه ذلك عرف الابناء أن الانسان يمكن ان يقول كلاما وهو لا يعني ما يقول( الكذب) ويتعلم الابناء والبنات ذلك بطريقة غير مباشرة عن الأب الذي يفترض انه القدوة التي يتعلمون منها انواع السلوك المرغوب فيه, كما ان الأم التي تعتذر لجارتها امام ابنتها إعاراتها شيئا من الاشياء التي تطلبها بعذر ان هذا الشيء غير موجود لديها في حين انه موجود بالفعل هي أم تعلم ابنتها الكذب وان لم تدرك ذلك, والأب الذي يطلب من ابنه ان يرد علي الهاتف ويخبر المتكلم ان الأب غير موجود الآن بالمنزل هو أب يعلم ابنه الكذب فيشب علي هذا السلوك السييء. وعندما يقوم الأب او الأم باداء الواجب المنزلي عن الطفل ويسمحون له بأن يدعي امام المعلم انه قام بالعمل بنفسه ومثلها ايضا ان يصحب الأب الطفل الي طبيب ويطلب اليه كتابة شهادة طبية تفيد ان الطفل كان مريضا في فترة معينة علي حين انه كان في صحبة الاسرة في سفر طويل داخل البلاد او خارجها يعلم الطفل الكذب. هذا الي ان القسوة الشديدة في المنزل والصرامة في المعاملة وافتقار جو الحب والتسامح والفهم والمشاركة بين اعضاء الاسرة, تشجع الابناء علي اللجوء الي الكذب.
* دور المدرسة في تعلم الأطفال الكذب :
يشعر الأطفال ـ وخصوصا في الصفوف الثلاثة الاولي من المدرسة الابتدائية بولاء كبير نحو المعلم والمعلمة ويعتبرونه المثل الاعلي في السلوك فكل ما يقوله المعلم هو الصحيح ومن الاسف ان بعض المعلمين يرتكبون احيانا اخطاء كبيرة في حق تنشئة هؤلاء الأطفال, والمعلم الذي يغلق باب الفصل علي التلاميذ ويطلب منهم الصمت والهدوء ويعين عليهم منهم بعض الرقباء ليكتبوا له اسماء من يتجرأ بالخروج علي النظام بينما يشغل نفسه هو داخل حجرة الدراسة بعمل خاص لا يستفيد منه التلاميذ يعلمهم الكذب لأنهم سرعان ما يكتشفون انه يكذب عليهم وعلي الآباء وعلي ادارة المدرسة ومدير المدرسة الذي يوافق علي عرض بعض اللوحات التعليمية في معرض المدرسة علي انها من انتاج التلاميذ وهي في الحقيقة غير ذلك يعلم تلاميذه الكذب, كما ان المعلم الذي يسمح لنفسه بأن يقدم كشوفا لادارة المدرسة تحوي علامات تمثل اعمال السنة للتلاميذ لكنها غير مطابقة للواقع ثم تذهب العلامات الي الاباء فيراها التلاميذ ويكتشفون انها بعيدة عن الواقع هو معلم يعلم تلاميذه الكذب اما المعلمة التي ترتدي ابهي الثياب بين يوم وليلة اذا ما أعلن ان ضيوفا سوف يزورونها ا وان احد كبار رجال الوزارة سيقوم بجولة فيها هي مدرسة تعلم تلاميذها الكذب.
المرجع :
علية سيف النصر:مقال بعنوان قد يلجأون إلي الرشوة لتحقيق مآربهم الخوف من السلطة.. عند الأطفال!!,مجلة المرأة والطفل , العدد 172, الجمعة12/12/2003م.