العنف المدرسي له تأثيرات مؤذية على ثقة الطلاب بأنفسهم وتصوراتهم الذاتية عن أنفسهم . كما انه يحد من مشاركة الطلاب في الحوار والنقاش ويقلل من إبداعاتهم وقدرتهم على التعلم ويؤدي إلى الرغبة في الانعزال عن الآخرين ، كما انه يسبب خسائر شخصية للمعلمين وبقية العاملين في حقل التعليم ....
من هذا المنطلق أحببت أن أثريكم بالمزيد من المعلومات عن ظاهرة العنف المدرسي من حيث (مفهومه - محدداته - أسبابه - أشكاله - أنماطه - علاجه - الوقاية منه) حسبما قرأت في كتاب العنف المدرسي للدكتور محمود الخولي .
1) ما هو العنف المدرسي : يعرف العنف المدرسي على انه السلوك العدواني الذي يصدر من بعض الطلاب في المدرسة والدي ينطوي على انخفاض في مستوى البصيرة والتفكير . والموجه ضد المجتمع المدرسي بما يشتمل عليه من معلمين واداريين وطلاب واجهزة واثاث وقواعد مدرسية . والذي ينجم عنه ضرر واذي معنوي أو مادي .
2) محددات العنف المدرسي :[/b]
أ- المحددات الاجتماعية :
* الإحباط : ويعتبر أهم عامل منفرد في استثارة العنف لدى الإنسان وليس معنى هذا أن كل إحباط يؤدي إلى العنف ، وان كل عنف هو نتيجة إحباط ولكي يؤدي الإحباط إلى العنف لابد ان يتوفر عاملان أساسيان . أولهما أن يكون الإحباط شديداً وثانيهما أن الشخص يستقبل هذا الإحباط على انه ظلم واقع عليه ولا يستحقة .
* الاستثارة المباشرة من الآخرين : وربما تكون هذه الاستثارة بسيطة في البداية كلفظ جارح أو مهين ولكن يمكن أن تتضاعف الاستثارات المتبادلة لتصل بالشخص إلى أقصى درجات العنف .
* التعرض لنماذج عنف : وهذا يحدث حين يشاهد الشخص نماذج للعنف في التلفزيون أو السينما ، فإن ذلك يجعله أكثر ميلا للعنف من خلال آليات ثلاثة هي :
1) التعلم بالملاحظة : حيث يتعلم الشخص من مشاهد العنف التي يراها طرقاً جديدة لإيذاء الآخرين لم يكن يعرفها من قبل .
2) الأنفلات : بمعنى أن الضوابط والموانع التي تعتبر حاجزاً بين الإنسان والعنف تضعف تدريجياً كلما تعرض لمشاهد عنف يمارسها الآخرون أمامه على الشاشة .
3) تقليل الحساسية : حيث تقل حساسية الشخص للآثار المؤلمة للعنف وللمعاناة التي يعانيها ضحية هذا العنف كلما تكررت عليه مشاهد العنف ، فيصبح بذلك أكثر أقداماً على العنف دون الإحساس بالألم أو تأنيب الضمير .
ب - المحددات البيئية :
مثل تلوث الهواء والضجيج وألازدحام الخ ...
ج - المحددات الموقفية :
* الاستثارة الفسيولوجية العالية : مثال على ذلك المنافسة الشديدة في المسابقات أو التدريبات الرياضية العنيفة أو التعرض لأفلام تحوي مشاهد مثيرة .
* الألم : فحين يتعرض الإنسان للألم الجسدي يكون أكثر ميلاً للعنف نحو أي شخص أمامه .
د- المحددات العضوية :
كالهرمونات والعقاقير أو الصبغات الوراثية .
3) أسباب العنف المدرسي :
ارجعت بدرية العربي الككلي أسباب العنف المدرسي إلى ثلاثة هي :
* أسباب ذاتية ؛ ترجع إلى الشخصية القائمة بالعنف كان يكون لديه خلل في الشخصية بمعاناتاه من اضطرابات نفسية أو تعاطي المسكرات والمخدرات ، أو يكون لديه مرض عقلي .
* أسباب اجتماعية ؛ الظروف الاقتصادية والاجتماعية للشخص القائم بالعنف كالفقر أو قلة الدخل الذي لا يكفي المتطلبات الأسرية ، أو حالة المسكن أو المنطقة التي يعيش فيها ، أو نمط الحياة الأسرية بشكل عام ، كثرة المشاحنات نتيجة للضغوط المحيطة أو عدم التوافق الزواجي ، كذلك المستوى الثقافي وكيفية قضاء وقت الفراغ ، والمستوى العلمي لأفراد الأسرة .
* أسباب مجتمعية : كالعنف المنتشر والاحداث العربية والعالمية التي تنتقل عبر الفضائيات والانترنت ، فالتغيرات التي تحدث في المجتمع الكبير تنتقل وبشكل غير مباشر للمجتمعات الصغيرة .
بينما أحد الكتّاب قسم عوامل العنف المدرسي إلى قسمين هما :
* عوامل خارجية وتتضمن : العامل الاقتصادي والعامل الاجتماعي و العامل الثقافي والعامل التربوي الاسري واثر وسائل الإعلام
* عوامل داخلية وتتضمن :
أ- الرسوب الدراسي ؛ فمعظم المعلمين وفلاسفة التربية يردون العنف المدرسي إلى الأخفاق في الدراسة
ب- التربية الحديثة ؛ هناك من يرى الإصلاحات التربوية الحديثة العامل الرئيسي للرسوب المدرسي وبالتالي العنف المدرسي ، ففي رأيهم أن المدرسة الابتدائية التي هي مهد الإعداد التربوي انحرفت عن النموذج التقليدي القائم على تعليم القراءة والكتابة والحساب وباتت تدفع نحو ٢٠ % إلى المرحلة المتوسطة شبه جاهلين في هذه المعارف الأولية ، ومن لم يتعلم القراءة بعيد السادسة والسابعة ينزع إلى رفض المدرسة والمعلم ، كما ترفضه المدرسة ، ولن يستطع متابعة أي تحصيل علمي على الوجه الصحيح بعد ذلك الحين .
ج- مدير المدرسة ؛ أن شخصية مدير المدرسة وقدرته الإدارية على الانسجام بينه وبين الجسم التعليمي من العوامل الحاسمة في التصدي للعنف المدرسي ، لكن في معظم الأحيان تكون العلاقة بين المدير والجسم التعليمي غير منسجمة وغير متوازنة ، وهذا يؤدي إلى خلل في العملية التعليمية ومن مظاهره أعمال العنف .
د- بناء المدرسة وعدد طلابها ؛ تبين أن المدرسة التي تتصف بجمال هندسي وفسحات خضراء وصالات رحبة تشهد عنفاً أقل من تلك التي لا تبلى هذه الشروط ، كما تبين أن العنف يزداد مع ازدياد الطلاب .
4) أشكال العنف المدرسي :
أشار أحمد حسين الصغير (1998 : 252 ) إلى أن العنف المدرسي يأخذ أشكالاً متعددة هي :
1- الإضراب والامتناع عن الدرس وهذا الإضراب يعكس رغبة الطلاب في العدوان على النظام المدرسي ومصدر السلطة في المدرسة .
2- العدوان الموجه للآخرين سواء أكان لزملائهم آلطلبة أو على معلميهم في المدرسة .
3- التمرد على المجتمع المدرسي وهو أن يجتمع بعض الطلاب في عصابات أو شلل تحاول الخروج على تقاليد المجتمع المدرسي ومخالفة القواعد والقيم التي يحافظ عليها فيجنحون إلى الهروب من المدرسة. والى تعاطي المخدرات والتدخين والتغذي على الآخرين خارج المجتمع المدرسي.
5) أنماط العنف المدرسي :
أ- العنف بشكل عام :
* العنف العادي : وهو ذلك النمط من العنف الذي يستخدم فيه - بشكل عام - اللطم والدفع والصفع وقد يعد تكرار مثل هذه الأشكال البسيطة للعنف شيئاً عادياً أو مقبولاً .
* العنف غير العادي : وهو استخدام الأفعال العدوانية التي تتضمن اللكمات والعض والخنق والضرب واطلاق النار وهي أشد الأفعال خطورة .
ب- من حيث القائم بالعنف :
* العنف الفردي : وهو ذلك العنف الذي يحدث بين الأشخاص في الحياة اليومية مثل قيام شخص معين بقتل شخص آخر أثناء ثورة من الغضب أو بأنه العنف الذي يمارسه فرد بذاته لتحقيق أهداف وغايات شخصية .
* العنف الجمعي : ويقصد بالعنف الجمعي ذلك العنف الذي تمارسه مجموعات تحقيقاً لأهداف عامة مجردة عن الغاية أو المصلحة الذاتية .
ج- من حيث شرعية العنف :
* العنف المشروع ( الشرعي ) : وهو العنف الذي يستند إلى أرضية مشروعة من القوانين والاعراف والانظمة وألقيم والتقاليد كممارسته عند المسابقات الرياضية والعاب القوى .
*العنف غير المشروع ( غير شرعي ) : وهو العنف الشائع في معناه بين غالبية الناس كالقتل أو الإيذاء.
6) علاج ظاهرة العنف المدرسي :[/b]
يرى الكاتب أن أي كبح فعّال للعنف المدرسي يجب أن يكون مرتبطاً بسلسلة عقوبات واضحة وحددة تنتمي إلى مجموعة قوانين مترابطة بفرضها مجلس إداري ، ويجذر أن تنسجم العقوبة مع حجم الجرم ، فيتصدى مدير المدرسة للأفعال الصغيرة وتحال الأفعال الأقوى إلى مجلس المدرسة التأديبي ، فيما تقع الأفعال الجسيمة مثل العنف الجسدي وحمل السلاح وبيع المخدرات تحت طائلة القانون المدني .
[b]7) الوقاية من ظاهرة العنف المدرسي : ويمكن ترجمتها تحت ثلاثة أبواب ؛
أ- من الناحيتين الإنسانية والاجتماعية :
يجب إعطاء أولوية للتربية الأخلاقية ، وهذا يحتم إيضاح حقوق الطلاب وواجباتهم عبر عقد خطى بين المدرسة من ناحية والطالب وذويه من ناحية أخرى .
وعلى المدرسين احترام الطلاب ومساعدتهم في كل مشكلة يواجهونها مثل سوء المعاملة والوصول في الوقت المطلوب وتصحيح الفروض والامتحانات ضمن مهلة محددة . وهذا يعني اختيار المدرسين على أسس مدروسة تحدد كفاءتهم ونطرتهم لعملهم والتلميذ .
ب- من الناحية الإدارية :
يجب اختيار الإداريين على أسس مدرسة وواضحة أيضاً ، تجمع بين الكفاية العلمية والادارية والرجاحة الخلقية . ويجب الحاقهم دورات في التدريب الإداري .
ج- من الناحية التربوية :
ينبغي تنشئة الطلاب منذ المرحلة الابتدائية ، على التعبير الشفوي والكتابي بلغة جلية ، من أجل عرض أفكارهم بوضوح واجتناب الوقوع في الغموض وسوء التفاهم .
ومن الضروري تقوية روح الإنجاز والابداع لدى الطلاب عبر توزيع الجوائز واعتماد لوائح الشرف مع تشجيع الطلاب الضعفاء .
المرجع/ العنف المدرسي الأسباب وسبل الواجهة - لمحمود سعيد الخولي - مكتبة الانجلو المصرية . [/b]