مشكلة الادمان على الاكترونيات

الإدمان كلمة كثيراً ما يتم استخدامها في المجال الصحي خاصة فيما يتعلق بالمخدرات ثم بعد ذلك جاء الإنترنت يستعيد هذا المصطلح ” إدمان الإنترنت ” ويجعله ملازماً له إلى أن وصل أخيراً إلى مجال الألعاب الإلكترونية نظراً لوجود الملايين من عشاق ألعاب الكمبيوتر والفيديو في جميع أنحاء العالم ومن جميع الأعمار وفئات المجتمع .

ورغم الجوانب الإيجابية في هذه الهواية الترفيهية البريئة إلا أن الخبراء يجمعون على أن هذه الألعـاب تساهم بشكل أو بآخر في تكوين شخصية اللاعب وتؤثر أيضاً في تحديد ميوله حتى ولو بشكل غير مباشر ، وهو ما دفع بعض الخبراء من الأطباء أن يصنفوا اللعب لفترات طويلة بألعاب الفيديو المختلفة ضمن قائمة الإدمان ، وقد طالب نشطاء في مكافحة إدمان الألعاب الإلكترونية في الجمعية الطبية السنوية الأمريكية عدداً من الأطباء بالاعتراف بهذا النوع الجديد من الإدمان في قائمة الأمراض الأخرى كإدمان المخدرات والكحول وغيرها من الأمراض المعترف بها في المجال الطبي ، ونظراً لأهمية هذا الموضوع طرحنا هذا التحقيق لمعرفة مدى خطورته .

· في البداية يقول أحمد صالح ( متخصص في بيع الإلكترونيات ) : إن الألعاب الإلكترونية أحبها الكثيرون منذ دخولها الأسواق ، فالإقبال أصبح شديداً على هذه الأجهزة ، ولقد ساعد على هذا الإقبال الشديد التطور الذي يعمل دوماً في هذه الأجهزة ، فجهاز الأتاري كان فاتحة لهذه الألعاب ، ثم جهاز السيجا والآن البلاي ستيشن يحتل المركز الأول بين هذه الأجهزة لأنه متطور أكثر وباستطاعة كل الأطفال من مختلف الأعمار أن يمضوا أوقاتاً ممتعة معه للتسلية واللعب .

الطفولة البريئة :

· يقول محمد عمر لطالب في المرحلة الابتدائية : أحب اللعب في ( الجيم بوي ) كثيراً وأمي تعطيني الفرصة وقتما أشاء للعب لكي أتعلم أشياء مفيدة ولكن توجد مراحل كثيرة وصعبة لا أعرف كيف أكملها ، وأكثر الأوقات التي أقوم بتشغيل الجيم بوي أو جهاز الكمبيوتر الخاص بأختي من أجل اللعب بعد أداء دروسي وواجباتي المدرسية .

· وتؤكد نورة علي ( 10 سنوات ) : أنها من هواة الألعاب الإلكترونية وتفضل اللعب بها دائماً ، وتقول : ألعب لمدة 3 أو 4 ساعات في اليوم .

· وترى مها العتيبي ( 7 سنوات ) أن الألعاب الإلكترونية جميلة جداً ، وبالأخص ألعاب البلاي ستيشن والجيم بوي ، وتقول : أملك أشرطة متنوعة في المنزل وألعب دائماً مع أخوتي ولكن لا أحب أن يهزمني أحد في اللعب وأزعل كثيراً إذا هزموني .

· وتقول سهى محمد (طالبة في الصف الرابع ) : أنا أحب اللعب بجهاز الكمبيوتر لأن فيه ألعاب جميلة مثل “باربي” فأنا أحبها كثيراً وألعب بها في جميع الأوقات .

من هدية نجاح إلى خطر يهدد البصر

· يقول طلال أحمد (طالب بالصف الثاني متوسط ) والذي يعشق جهاز البلاي ستيشن ويقتني جميع الأشرطة الحديثة التي توجد في الأسواق : ” أحب أن يهديني والدي دائماً ألعاب إلكترونية وأشرطة جديدة دائماً عندما أنجح .

· ويؤيده سالم علي ( طالب بالصف الأول المتوسط ) ويقول : أتمنى أن تكون جميع الهدايا التي أستقبلها بمناسبة نجاحي عبارة عن أشرطة جديدة للبلاي ستيشن .

· ويشير سعيد الغامدي ( رب أسرة ) وصاحب مكتب عقار ، عمره (40 سنه ) أن جميع أبناءه متفوقون ويسعى دائماً على مكافئتهم بما يطلبونه حرصاً على تقدمهم واجتهادهم .وأضاف الغامدي إنني أحرص على كل ما هو جيد لأبنائي وأحرص على أن تكون ألعابهم داخل المنزل ، لذلك أنا مطمئن للعب أبنائي داخل المنزل مع علمي بأن تلك الألعـاب الإلكترونية لها أضرارها على الأطفال إلا أن نسبة الخطر ليست بالمقارنة مع خطر الشارع .· علاء شيبان طالب بجامعة أم القرى ، عمره ( 22 سنه ) يقول : هدايا النجاح لها أثرها ووقعها على الطلاب فهي تزيدهم تشجيعاً وتدفعهم لزيادة التحصيل والتفوق ، فالألعـاب الإلكترونية مثلاً : هدية نجـاح قيَّمة ولكنها ” سلاح ذو حدين ” فهي تنمي القدرات العقلية مثل قوة الملاحظة والتركيز ، أما الحد الثاني فهو متمثل في ألعاب المغامرات التي تعرف الأطفال إلى العنف والقتال.

الأطباء يحذرون من خطورتها

يعتقد الكثير من الآباء والأمهات أن إحضار أسطوانات (السي دي ) الخاصة بالألعاب الإلكترونية إنما هي مجاراة للعصر الحديث ونوع من التقدم التقني ، بينما أطباء المخ والأعصاب يحذرون من خطورتها على مخ وأعصاب الأطفال لأن المخ غير قادر على استيعاب وتحمل مثل هذه الألعاب فتسبب له أمراضاً خبيثة ونفسية مليئة بالمشاحنات التي تكون فوق طاقته وعدم تحمله لصغر سنه ، كما أن اللعب الكثير بالألعاب الإلكترونية بسبب آلام في الجسم والمفاصل وتشنجاً وصداعاً .

تشتت أفكار الطفل

· تقول نادية محمد ( معلمة رياض أطفال ) عمرها (34): تشتت الألعاب أفكار الطفل وتشد أعصابه في طريقة نومه ، حيث يكون في حالة قلق وأحلام مزعجة وتجعل الطفل أكثر عصبية ومشاغباً ويؤدي واجباته المدرسية بسرعة وبدون تركيز حتى يوفر وقتاً أكبر للعب بالألعاب الإلكترونية .وتشير نادية إلى أن سبب تعلق الطفل بهذه الألعاب الإلكترونية هو عدم إيجاد بديل يرفه عن الطفل داخل المنزل وهذا الشيء يرجع للأهل .· وتضيف منى غازي معلمة رياض أطفال عمرها ( 40 سنة ) أن جهاز البلاي وغيره من الأجهزة مضرة بالأطفال بدرجة كبيرة ، لأنها تشغلهم عن الاهتمام بصحتهم وممارسة الجري أو الرياضة وأيضاً تؤثر سلباً على أبصارهم لكثرة التركيز في الشاشة .

تجذب الأطفال بألوانها المبتكرة

· تقول أمل عبد الله ( أخصائية اجتماعية ) : أن هذه الألعاب تجذب الأطفال بألوانها المبتكرة مما يجعل الطفل يجهد بها مخه وأعصابه ، ومنذ بداية الألعاب الإلكترونية من ( أتاري ) إلى ( بلاي ستيشن ) ، فإنها تسبب مرض الأعصاب للأطفال ، مما يجعله طفلاً سلبياً حتى سن الشباب إضافة إلى العزلة الاجتماعية التي تسببها له هذه الألعاب .

إضرابات وخلل في السلوك

تفيدنا إسراء محمد (أخصائية نفسية ) عمرها (37) سنه بقولها : أن الطفل عندما يجلس لساعات طويلة أمام الألعاب التي تحتوي على أحداث القتل والدماء والأسلحة والصراخ أو الخيالات العلمية المنطقية وغير المنطقية كالمتحولين إلى حيوانات فكلها تمر أمام عينه ولا يمكن لعقله أن يتصور أنها تماثيل وخدع فيؤمن بوجودها ويؤمن بوجود مثل هذه العصابات في مجتمعاتنا فيصاب بالهلع والخوف وعدم الشعور بالأمان وترافقه الأحلام المزعجة فلا ينام وحيداً .وبالتالي ينتج عن هذا طفل جبان يخاف من كل شيء حوله ومهزوز الشخصية ويحب العزلة .

تعارض الألعاب الإلكترونية مع عاداتنا الإسلامية

· ولعبد الرحمن علي ( رب أسرة ومعلم تربية بدنية ) عمره (29) رؤية مختلفة للموضوع فيقول : المشكلة أن الألعاب الإلكترونية تحدت أهدافها ، من كونها ترفيهية إلى أهداف تتعارض مع عاداتنا الإسلامية ومبادئنا ، فالطفل يجعل هذا لأنه في مرحلـة تلقي وتجـاوب مع كل المؤثرات ويؤمن بمـا يراه وتولد لديه الحقـد على خصمه في اللعـب حتى لو كان من أفراد العائلة .· ويؤيده أيضاً عمر أحمد ( مهندس ورب أسرة ) ويقول : أنه يجب علينا كأولياء أمور أن نحذر منها ومن مخاطرها لأن أبناءنا أمانة يجب أن نحافظ عليهم .· وعلى النقيض ، تؤيد أم ملك ( ربة منزل ) هذه الأجهزة وتقول : أفضل لأولادي قضاء أوقات فراغهم في ممارسة ألعاب الكمبيوتر ، وأضافت الكمبيوتر تثقيفي وتعليمي يساعد الطفل على استقبال معلومات برمجة بطريقة سهلة وبسيطة يستطيع عقل الطفل إدراكها دون بذل مجهود .

تزيد من التركيز والتوتر لدى الطفل :

 ويقول الدكتور عبد الله عبد العظيم ( دكتور جراحة المخ والأعصاب ) : أن هذه الألعاب في أغلبها عنيف وهي تزيد من التركيز والتوتر لدى الطفل .ومضى يقول : أن تركيز الطفل الزائد على الحد يؤدي إلى زيادة الكهرباء في الجزء الأمامي من المخ ، البؤرة ، وفي هذه الحالة تحدث نوبة أشبه بالصرع .ويضيف قائلاً : أن هذه الحالة خطيرة جداً ولنا أن نتخيل حدوثها أمام حمام سباحة أو في المطبخ أمام نيران مشتعلة وبالتالي فإن هذه الحالة ستؤدي إلى نتائج كارثية وبالتالي فإن المصاب يجب أن يكون تحت الملاحظة .وفي النهاية اختلفت الآراء حول هذه الإلكترونيات ولكن خطرها وخطر الإدمان عليها لازال يهدد الكثير من الأطفال والمراهقين .

وهناك بعض المقترحات للحد من خطورة هذا الموضوع

1 ) يجب على الأهل تحديد أوقات معينة للعب بالألعاب الإلكترونية والجلوس على الإنترنت وأن يعتمدوا نظام الرقابة المباشرة بحيث يكون الكمبيوتر في غرفة الجلوس وليس في غرفة النوم .

2) يجب على الأهل بين الحين والآخر مشاركة أطفالهم واللعب معهم بهذه الألعاب التي يفضلونها .

3 ) يجب أيضاً على الأهل محاولة اشتغال أوقات فراغ أطفالهم بأشياء مفيدة وبعيدة على هذه الألعاب مثل انشغال أوقاتهم بممارسة الرياضيات المختلفة وأيضاً الزيارات العائلية وغيرها من الأنشطة .وأخيراً يجب أن نركز على أهمية دور وسائل الإعلام حول هذا الموضوع من خلال عرض البرامـج والحملات التوعوية .

حلول لتجنب أخطار الألعاب الإلكترونية على الطفل والمراهق

يقدم لك الخبراء عده نصائح لتساعدك فى تجنب اخطار تلك الألعاب والسيطرة على أضرارها.

1- محاولة التحدث مع الطفل عن اللعبة التى يحبها، واكتشاف سبب تعلقه بها ومن ثم مشاركة الطفل تلك اللعبة لإحياء روح الصداقة بداخله من جديد وبذلك تستطيعين مراقبة تلك اللعبة والسيطرة عليه فى أى وقت.

2- لا بد وأن تحددوا معآ ميعادآ معين ليلعب فيه الطفل وبذلك سيتم السيطرة على إمكانية ادمان الطفل لهذه الألعاب.
3- أنظرى على غلاف كل لعبة قبل شرائها لطفلك، وأقرأى إرشادات السلامة المكتوبة عليها حول نوع اللعبة وكيفية استخدامها وأيضآ العمر المناسب لها كى لا تؤذى طفلك دون قصد.

4- يمكنك تفعيل جهاز مراقبة على مواقع الألعاب الإلكترونية والتى يسمح بها المواقع الشهيرة لتتمكنى من معرفة نوعية الألعاب التى يفضلها طفلك ومن ثم التدخل فى الوقت المناسب اذا لزم الأمر.

5- شجعى طفلك بشراء لعبة لتنمية الذكاء أو لتعليم نشاطات جديدة بدلآ من اللعب دائمآ بمثل تلك الألعاب، فيبدأ فى التخيل والإبداع والإستفادة من اللعبة عن كونها شيئآ ترفيهيآ فقط.

6- إبدأى بمشاركة طفلك مع أصدقائه فى الألعاب الجماعية وحاولى قدر المستطاع إبعاده عن الألعاب الفردية، ليتكون لديه حب المجتمع والأصدقاء والبعد عن العزلة والإكتئاب.

7- يجب تعود الطفل منذ الصغر على ممارسة التمارين الرياضية التى تحافظ على رشاقة جسمه كما تخرج الطاقة الكامنه بداخله فى شئ مفيد بعيدآ عن تخريجه فى لعبة عدوانية.

8- إقرأى لطفلك ليلآ قصصآ مسلية، لغرس حب القراءة بداخله، فيبدأ بالإنجذاب لها ولا يقتصر وقت الترفيه على الألعاب غير المفيدة فقط.

9- شاركى طفلك فى رسم لوحة، فالرسم يخرج طاقة الطفل الكامنه كما يساعده على التخيل والإبداع، أو مشاركته فى مركز ثقافى لممارسة الهواية التى يفضلها، مع إمداده بالأدوات والتشجيع المستمر.

10- بناء الحصانة فى نفس الطفل دائمآ، ليبتعد ذاتيآ عن كل ما هو ضار ومخالف للعادات والتقاليد.

الادمان على الالكترونيات أصبحت قضية تشغل بال الكثيرين، فلا تكاد تدخل مجلسا أو تمر على أفراد إلى وهم يستخدمون الالكترونيات، الالكترونيات ليست قاصرة على الالكترونيات المخصصة للعب كالجيم بوي، بل تطورت إلى أشكال جديدة وأكثر ابتكارا فالإلكترونيات الحديثة اليوم كالايفون والايباد استحوذت على اهتمام الأغلبية...
الادمان على الالكترونيات الحديثة ليس قاصرا على الصغار فقط، بل حتى الكبار هم مدمنون على هذه الالكترونيات، ولها تأثيرها البالغ على مستخدميها، فهناك الاثار النفسية/ الذهنية/ الاجتماعية/ الدينية/ الثقافية إلخ.

من آثار الادمان على الإلكترونيات:
المجالس العائلية تتخللها الالكترونيات، انتشرت ظاهرة العزوف عن القراءة، انشغل الكثيرين عن عبادة الله، ابتعد البعض على اقامة العلاقات الواقعية وعن صلة الأرحام، ادمن الكثير على الألعاب الالكترونية، زادت نسبة الحوادث في المجتمع بسبب استعمال الالكترونيات أثناء القيادة، وغيرها الكثير...

الوقاية:
بالنسبة للطفل يتحمل الوالدين مسؤلية تربيتهم التربية السليمة، وتعويدهم على استخدام الالكترونيات بشكل جيد، واعطاءهم يستخدمونها في أوقات محددة، وشغلهم بألعاب أخرى تنمي الذكاء لديهم بدلا من هذه الألعاب التي تشتت التركيز وتدفعهم للنشاط الزائد.
أما بالنسبة للكبار عليهم أن يستشعروا أنهم مسؤولون عن سلوكياتهم، ومحاولة شغل النفس بما هو ذا منفعة كالقراءة وممارسة الأنشطة الاجتماعية.

وأخيرا كما يقال دائما الالكترونيات سلاح ذو حدين، إن أحسنا استخدامه استفدنا كثير، وأن اسأنا الاستخدام تأثرنا سلبا.