رائع
معلومات قيمة
و أضيف على ذلك :
الجينات الوراثية واثرها في تحديد السلوك البشري
المواد الكيميائية العصبية في بعض مناطق الدماغ هي المسؤولة عن تفعيل الأنماط السلوكية والميول (اليوت 2000) وكذلك دراسة برينر واخرين, تربط بين السلوك الاجرامي والسلوك المعادي للمجتمع وبين المواد الكيميائية العصبية في الدماغ, وتشمل هذه المواد: ادرينالين، بافراز، السيروتونين، والدوبامين, وقد وجد أن لها تأثيرا على "الشخصية" - خاصة اثرها المباشر على القوى العقلية - مثل القلق والاكتئاب والانفصام. والحقيقة ان مناصري المؤثرات الجينية في تحديد السلوك البشري قد وجدوا في مثل هذه النظريات ضالتهم واعتقدوا ان مصدر كل السلوك البشري لا بد ان يكون جين وراثي.
طبعا بعض الدراسات تؤكد ترابط وتداخل الجينات الوراثية مع المتغيرات البيئية في تشكيل السلوك, ومع ذلك فإن الكثير من الباحثين يرون أن التاثير الجيني الوراثي يكون بنسبة اقل, فيعتقدون مثلا أن هناك جينات وراثية متخصصة في السرقة, غير ان هذه تعتبر ذات طبيعة جينية وراثية الا انها قد تكون منطمرة ولا تظهر الا بوجود عوامل بيئية محفزة ومثيرة, بمعنى أن نزعة الميول للسرقة او التعرض للاكتئاب يكون موجودا في جينات الإنسان لكن قد يظهر فقط اذا ما وجد المثير او الشرارة التي تقدحه للعمل.
طبعا المعسكر المناصر لأهمية الجينات في تحديد السلوك يبنى نظرياته حول تلك الأمراض "الاكتئاب والقلق والخوف" وهي اجتهادات بنيت على اساس ان الكائنات وخاصة الطيور والحيوانات، بقيت كما هي في سلوكها ونمط معيشتها ولم تتغير, وهذه هي أحد الاسباب التي جعلتهم يؤمنون بأهمية الجينات الوراثية في تحديد السلوك البشري - القيم والأخلاق والجريمة والصدق والكذب الخ.
"نظرية البلانك سلت" نظرية اشتهرت من خلال مقالة لـ جون لوك, وهو فيلسوف بريطاني واكاديمي, بعنوان "مقال يتعلق بالفهم البشري" (1689). لوك كان يؤمن بالمبادىء الامبريالية التي ترفض مقولة الافكار الفطرية بينما ترى أهمية تعزيز دور الإدراك الحسي والخبرات في تشكيل الفكر البشري. ويؤكد ان الإنسان يولد بعقل خالٍ من الافكار, صفحة بيضاء, وان الافكار والمعارف تتشكل بعد ان يتعرض للعالم الخارجي, وان كل فرد يبدأ بـ "بلانك سلت, او تابولا رازا" وان التجارب اليومية هي التي تملىء هذه الصفحة البيضاء.
بينما عالم النفس ستيفن بينكر، وصاحب كتاب "نظرية البلانك سلت: رفض الحداثة للطبيعة البشرية" يجادل في كتابه "ان الطبيعة او السلوك البشري قد تحدد قبل الولادة كجزء من الخريطة الوراثية البشرية التي تدعم بنيتنا الجينية" ورغم ان افكاره تراوح بين تداخل عوامل البيئة مع الجينات الوراثية في تحديد السلوك, الا انه لا يزال مصرا على فكرته الرئيسية: "التجارب لا تستطيع بشكل جوهري تغيير طبيعة بنية وعمل العقل البشري".
أصحاب الاتجاه الثالث: يرى ان سلوك الإنسان مصدره بيئي جيني, اي انه ينتج عن تفاعل العوامل البيئية مع الجينات الوراثية, وان أيا منهما لا يمكن ان يكون العامل الحاسم. ويتصورون ان الجينات الوراثية موجودة لكن فقط تظهر حينما تثار بعوامل بيئية, مثلا, الإنسان حينما يتعرض لضائقة مالية خانقة, فإن احتمال اصابته بنوبات اكتئاب كبيرة اذا ما كان احد اسلافه قد أصيب بنوبات مشابهة, او احتمال جنوحه لارتكاب سرقه قد تكون دافعيته للسرقة اكثر من غيره ممن لا يوجد لديه جين وراثي. لكن الحقيقة ان هذا يفسر اهمية البيئة في تشكيل السلوك البشري وان العامل الوراثي يأتي في مرتبة متأخرة.