يعتبر النشاط الحركي الزائد من اكبر المشكلات السلوكية التي يعاني منها أطفال المرحلة الابتدائية حيث تشير الكثير من الدراسات إلى إن نسبة الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة تصل إلى 6 % . و عادة ما تظهر هذه المشكلة في سن مبكر قبل سن سبع سنوات .
فالأطفال الذين يعانون من كثرة النشاط الحركي ليسوا أطفالا مشاغبين ، أو عديمي التربية ، بل هم أطفال عندهم مشكلة مرضية لها تأثيرها السلبي على تطورهم النفسي و تطور ذكائهم و علاقاتهم الاجتماعية . و يواجه أهل هؤلاء الأطفال صعوبات كبيرة ، فبالإضافة إلى المجهود الكبير الذي يبذلونه في التعامل مع هذا الطفل ، هم متهمون من قبل الجميع بعدم قدرتهم على التربية ، و هذا بحد ذاته ضغط نفسي إضافي . فينتج عن ذلك قسوة على الطفل دون فائدة تذكر .
تعريف النشاط الحركي الزائد :
يُعرَّف النشاط الحركي الزائد بأنه حركات جسمية تفوق الحد الطبيعي و المعقول . (مهدي ، ضيف الله : 2002) و يعرف بأنه سلوك اندفاعي مفرط و غير ملائم للموقف و ليس له هدف مباشر ، و ينمو بشكل غير ملائم لعمر الطفل و يؤثر سلبا على سلوكه و تحصيله و يزداد عند الذكور أكثر منه عند الإناث .
و كثيرا ما يؤدي النضج و العلاج إلى التناقص في النشاط خلال سنوات المراهقة ، إلا أن اضطراب النشاط الحركي الزائد و ضعف القدرة على التركيز قد يستمر خلال سنوات المراهقة و الرشد عند بعض الأشخاص و الذين يمكن تقديم المعالجة لهم أيضا .
و قد اجمع الباحثون على إن النشاط الزائد له خصائص أساسية تميزه عن المشكلات السلوكية الأخرى و هذه الخصائص هي :
* ارتفاع مستوى النشاط الحركي بصورة غير مقبولة تشتت الانتباه و التركيز .
* الاندفاعية و عدم القدرة على ضبط النفس .
و من خلال النتائج التي توصلت إليها العديد من الدراسات في هذا المجال يمكن تحديد السلوكيات التي يمارسها الأطفال ذوي النشاط الزائد سواء كانوا من العاديين أم كانوا من غير العاديين كما يلي :
* عدم القدرة على الجلوس في مكان واحد وعدم القدرة على الهدوء .
* ضعف القدرة على التركيز و الانتباه .
* مخالفة النظام و العناد و عدم الطاعة .
* كثرة الفوضى و الشغب و مشاكسة الزملاء .
* الحركات العشوائية غير الموجهة و عدم الاستقرار .
* ضعف القدرة على الثبات الانفعالي (كثرة التململ) .
* عدم القدرة على إكمال أي عمل يطلب منه كالواجبات المدرسية .
* عدم القدرة على أقامة علاقات اجتماعيه ايجابية مع الآخرين .
* إصدار أصوات و حركات فجائية بلا مبرر .
* التسرع و الاندفاعية و عدم القدرة على ضبط النفس .
* سرعة البكاء و الصراخ لأتفه الأسباب .
* سرعة الانفعال و سرعة تغييره .
* نوبات الغضب الحادة
و يشكّل الصف المدرسي بما يتطلبه من انضباط و نظام و واجبات مهما كانت بسيطة عبئًا على هؤلاء الأطفال ، ليس لأنهم لا يفهمون المطلوب ، بل لأنهم لا يستطيعون التركيز و الثبات في مكان و الانتباه لفترة مناسبة .
مدى انتشار النشاط الزائد بين الأطفال :
يعتبر النشاط الحركي الزائد من أكثر المشكلات السلوكية انتشارا بين الأطفال حيث تشير الكثير من الدراسات إلى إصابة ثلاثة إلى ستة بالمائة من طلاب المدارس الابتدائية بهذه الحالة و الذكور أكثر إصابة من الإناث و انتشاره يقع في مختلف الطبقات من الأطفال كما أن المشكلات المتعلقة به لا تنتهي بانتهاء مرحلة الطفولة ، و غالبا ما تمتد إلى مرحلة المراهقة و يشكل وجود طفل مصاب بهذه الحالة مشكلة حقيقية أحيانا للأهل و حتى الطفل المصاب يدرك أحيانا مشكلته و لكنه لا يستطيع السيطرة على تصرفاته و يجب على الوالدين و المعلمين معرفة ذلك و منح الطفل المزيد من الحب و الحنان و الدعم .
و نشير هنا إلى عدد من الحقائق حول مشكلة النشاط الحركي الزائد و مدى انتشاره كما يلي :
* إن النشاط الحركي الزائد من أهم المشكلات السلوكية التي تنتشر بين الأطفال .
* إن النشاط الحركي الزائد ينتشر بين الأطفال العاديين وغير العاديين .
* إن عدد الأطفال الذين يعانون من النشاط الحركي الزائد اعلي من عدد الأطفال الذين يعانون من أي مشكله سلوكيه أخرى .
* إن النشاط الزائد ينتشر بين أطفال المرحلة الابتدائية وان الصفوف الأولى من هذه المرحلة هم الأكثر معاناة من هذه المشكلة بالنسبة للصفوف العليا .
* إن الذكور هم الأكثر عرضة لهذه المشكلة من الإناث .
أسباب النشاط الحركي الزائد :
اختلف الباحثون في تحديد أسباب النشاط الحركي الزائد فبعض الأطباء يرون انه نتيجة تلف بخلايا المخ أو أغشيته نتيجة تعرض الأم لمواد ضارة أثناء الحمل والولادة، أما علماء النفس و التربية فيرون إن الظروف الاجتماعية و النفسية المحيطة بهؤلاء الأطفال كالقلق و الخوف و المعاملة الأسرية المبنية على القسوة و المعاملة غير السوية و الإحباط و الصراعات الاجتماعية و الأسرية و النظم الاجتماعية المتعارضة في البيت و المدرسة هي السبب وراء زيادة هذه المشكلة و انتشارها بين الأطفال .
في حين يرى بعض الباحثين إن الأسباب البيئية أو (الغذائية) المتمثلة في المواد الكيماوية و الحافظة التي تدخل في حفظ كثير من المواد الغذائية بالإضافة إلى الألوان الصناعية التي تدخل في صناعة بعض الحلوى و الأطعمة و التلوث بالسموم و المعادن كالرصاص و بعض لعب الأطفال تؤثر في الجهاز إذا تم تناولها لمدة طويلة ، و من ثم تكون وراء معاناة هؤلاء الأطفال من النشاط الحركي الزائد . (إبراهيم ,علا :1980)
كيفية التعامل مع الطفل ذو النشاط الحركي الزائد :
يعتبر التشجيع و التدعيم المادي و المعنوي من أفضل الأساليب التربوية و النفسية في توجيه سلوك الطفل و تعديله كما يجب إشعار الطفل بالحب و الأهمية و عدم احتقاره أو تعنيفه مع عدم استخدام الأوامر و المناقشات الطويلة أو توبيخه إمام الآخرين . بل يجب إشعار الطفل بثقته بنفسه و عدم مقارنته بغيره ، كما يجب إعطائه بعض الأدوار القيادية في المدرسة و المنزل ، و يمكن إجراء التعاقد التبادلي ، حيث يتم الاتفاق مع الشخص المضطرب و والده أو معلمه على تقديم مكافأة له في مقابل التقليل من النشاط الزائد (و هذا يناسب الأطفال الأكبر سنا و المراهقين) و يجب على المعلمين استخدام وسائل الإيضاح الأكثر جاذبيه لهؤلاء الأطفال كما ينبغي أن نعلم أن هؤلاء الأطفال لا يرغبون في خلق المشكلات لأحد و لكن جهازهم العصبي يساعد في ظهور الاستجابات الغير مناسبة و لذلك هم بحاجة للفهم و المساعدة و الضبط بالطرق الإيجابية .
المرجع :
* منير ، ضياء محمد (1987) دراسة لأثر برنامج إرشادي في خفض النشاط الزائد لدى الأطفال ، رسالة دكتوراه كلية التربية ، جامعة عين شمس .