الحرمان العاطفي :
هو معاناة الإنسان الناتجة عن غياب الأسباب الضرورية لتلبية حاجاته ورغباته النفسية، الحرمان العاطفي يؤثر سلبا على النمو المعرفي عند الاطفال و يؤدي إلى أن يتحول الطفل إلى كائن عدواني مضاد للمجتمع وخطراً على أسرته والإنسانية وقد يوثر على:
أولاً: النمو الحركي
ثانياً: النمو الانفعالي الخوف القلق
ثالثاً: النمو الاجتماعي
رابعاً: النمو العقلي
خامساً: النمو اللغوي
ولم يعد اليوم هناك أدنى شك حول العلاقة بين الحرمان العاطفي والانحراف (الابتعاد عن القيم المرغوبة في المجتمع) حيث ثبت من الدراسات العديدة- أشهرها دراسة بولبي عن العلاقة بين الحرمان من حنان الأم والسرقة- مدى تكرار التصرفات غير المتكيفة في مؤسسات رعاية الأطفال المحرومين عاطفياً، كما أن الممارسة العملية تظهر أن معظم الجانحين والمتشردين يعانون من أحد أشكال الحرمان الدائم أو المحدد بفترة زمنية من حياتهم، وأن هذا الحرمان لا زال قوة فاعلة في الآلام المعنوية التي يعانونها التي تساهم في دفعهم إلى الانحراف ..
وقد قسمت بولبي حالات الحرمان العاطفي من حيث الشدة إلى ثلاث فئات أساسية:
أ- الحرمان العاطفي الكلي:
ويقصد به فقدان الطفل لأية علاقة بالأم أو من يحل محلها وذلك منذ الشهور الأولى للحياة، ويترك هذا النوع من الحرمان أثارا سيئة وخطيرة ودائمة على نمو الطفل جسمياً وعقلياً وعاطفياً واجتماعياً، وحينما يكبر هؤلاء الأطفال فإنهم يتصفون بشخصيات قلقة ويعانون من الخوف في مواجهة ضغوط الحياة ويتسمون بسلوك رضوخي انقيادي، وعندما يخرجون من المؤسسة التي ترعاهم إلى المجتمع يبدأ منهم في الأغلب نشاط جانح مثل السرقة لتأمين الطعام أو يسقطون في شرك العصابات والجانحين المحترفين، فيصبحون أدوات طيّعة لتنفيذ مآرب أولئك المجرمين
ب- الحرمان العاطفي الجزئي:
وفيه يمر الطفل في مقتبل حياته بعلاقة مع الوالدين ويعقب ذلك الانهيار الجزئي أو الكلي لهذه العلاقة، وغالباً ما يحدث هذا الحرمان في فترة الكمون وقد يتأخر أو يتقدم، وهو يترك آثارا واضحة على توازن وتكيف الشخصية مستقبلاً، وتتوقف هذه الآثار على أمرين اثنين:
السن التي حدث فيها الحرمان:
فكلما صغرت الســـن كانت الأضرار اللاحقة بالشخصية أكبر
نوعية العلاقة السابقة بين الطفل ووالديه قبل الحرمان:
فكلما كانت العلاقة سلبية أدت إلى أخطار أكبر من ناحية التوازن العاطفي والتكيف الاجتماعي اللاحق.
ومن أسباب الحرمان العاطفي الجزئي طلاق الوالدين وزواج أحدهما أو كليهما ثانية أو موت أحدهما وزواج الآخر، أو هجر زوجي وسفر إلى أماكن بعيدة، مما يجعل القرين عاجزاً عن تحمّل أعباء الأطفال فيهملهم بدوره جزئياً أو كلياً.
جـ - النبذ العاطفي من قبل الأهل:
في النبذ العاطفي يظل الطفل مقيماً مع أهله ويحتفظ بروابط أسرية سقيمة، ولا تنهار العلاقة بين الطفل والأهل إلا بعد أن يجتاز مرحلة الطفولة أو في نهاياتها، وقد تمر بالعلاقة بين الطفل والأهل فترات من الوفاق قد تطول أو قد تقصر لكنها تتضمن فترات حرجة من الانتكاسات المتعددة، وهي ما تؤدي عادةً إلى مزيد من التباعد بين الطفل ووالديه.
أسرة الطفل قد تكون متماسكة ظاهرياً وذات سمعة مقبولة اجتماعياً، وتبدو حالة بقية أطفال الأسرة طبيعية، وهذا ما يجعلنا أمام حالة النبذ النوعي الذي ينصب على أحد الأبناء دون غيره، وينتج هذا النبذ إجمالاً عن دوافع نفسيــة لدى الوالديــن أو أحدهما أو يكون تعبيراً عن صراع زوجي غير ظاهر، ويبدو الأمر عندئذ وكأن الفرد (الطفل المنبوذ) هو المصدر الوحيد لمعاناة الأسرة ومشاكلها