اضطراب الانتباه لدى التلاميذ: مشكلات وحلول
يتمثل أحد مؤشرات تقدم الأمم و ارتقائها في مدى عنايتها بتربية الأجيال بمختلف فئاتها, ويتضح ذلك في مدى ما توليه من عناية واهتمام, وتوفير امكانيات النمو الشامل لهم في كافة الجوانب, مما يساعدهم على الاعداد لحياة شخصية واجتماعية واقتصادية ناجحة كي يؤدي كل منهم دوره في خدمة المجتمع, أما اهمال أو عزل أية فئة فيؤدي الى تفاقم مشكلاتهم وتضاعفها فيصبحوا عالة على أسرهم ومجتمعاتهم, ومن هنا يلزم التدخل لحل هذه المشكلات والتي يمكن أن تترتب عليها مشكلات أخرى تحول دون حلها أو مواجهتها, فكثير من مشكلات التعلم والتأخر الدراسي لا ترجع إلى التخلف العقلي و انخفاض مستوى الذكاء بقدر ما يرجع إلى أخطاء في التربية, والعجز عن فهم وتحديد حالة التلميذ وتكوين الدافع الملائم للنجاح والتفوق لديه.
ويعد الانتباه من الموضوعات الحيوية ذات التأثير العميق على التعلم والتذكر والتفكير وحل المشكلات والنشاط العقلي المعرفي بوجه عام,وهو يلعب دورا مهما في حياة الفرد بصورة عامة, من حيث قدرة الفرد على اختيار المنبهات العديدة المختلفة والمناسبة حتى يتمكن من تحليلها وادراكها والاستجابة لها بصورة سليمة. ويؤكد علماء النفس المعاصرون خاصة المهتمين منهم بمجال التعليم أهمية عملية الانتباه بالنسبة للعمليات العقلية الأخرى كالأدراك والذاكرة وأيضا بالنسبة لعملية التعلم التي تعتبر أساس اكتساب الانسان لكثير من المهارات وتكوين كثير من العادات السلوكية المختلفة التي تحقق له قدرا كبيرا من التوافق في محيط المجتمع الذي يعيش فيه.
ولذا يعد اضطراب الانتباه من المشكلات التي تعيق التفاعل مع التلميذ وتعيق استجابته للبيئة ومن ثم تعطل قدراته على التعلم, فإن أية اضطرابات تصيب أيا من عمليات الانتباه أو الادراك تؤثر بشكل مباشر على كفاءة عمليات الذاكرة وفاعليتها, مما يؤدي بدوره الى ضعف المستوى التعليمي للتلميذ حيث أنه تزداد الآثار السلبية لاضطراب الانتباه في المدرسة بسبب ما يخلفه من صعوبات في ادارة الفصل الدراسي, فضلا عن مخاطر التأثير على التلاميذ الآخرين.
وللوقوف على بعض خصائص هؤلاء التلاميذ فقد أشارprior & sanson في الدليل التشخيصي الكلينيكي لجمعية الطب النفسي الامريكية إلى بعض الخصائص التي يتصف بها هؤلاء التلاميذ منها أنهم داخل الفصل يواجهون صعوبات انتباهية تتمثل في صعوبة التركيز وصعوبة انهاء الأعمال التي يكلفون بها, وغالبا ما يلاحظ أنهم لا ينصتون ولا يستمعون إلى ما يقال لهم وتتسم أعمالهم بعدم الدقة وهم مندفعون في استجاباتهم. ويرى آخرون أن مضطربي الانتباه يميلون الى العزلة والعدوانية كذلك يتصفون بضعف القدرة على التركيز وقصر مدى الانتباه وضعف التناسق البصري الحركي والتعب بسرعة والتوتر الحركي.
وقد اختلف الباحثون في أسباب حدوث الاضطراب لدى هؤلاء التلاميذ, فيرى بعضهم أنه يرجع إلى عوامل أسرية وبيئية في أساليب تربية التلميذ وبعض المؤثرات العائلية. ويرى آخرون أنها ترجع لوجود خلل في وظائف المخ أو اختلال التوازن الكيميائي في القواعد الكيميائية للناقلات العصبية ولنظام التنشيط الشبكي لوظائف المخ, وإما لضعف النمو العقلي.
ونتيجة لذلك تناولت الدراسات الأجنبية تعديل بعض خصائص التلاميذ مضطربي الانتباه , مستخدمة في ذلك أساليب وطرق مختلفة منها العلاج السلوكي المعرفي والذي يعتبر من الأساليب العلاجية الناجحة والفعالة في علاج اضطراب الانتباه لدى التلاميذ ويقوم هذا الأسلوب على نظرية التعلم حيث يقوم الباحث بتحديد السلوكيات غير المرغوبة لدى التلاميذ وتعديلها من خلال تدريب التلاميذ عليها في مواقف تعليمية , وعادة ما يستخدم التعزيز الآيجابي لهؤلاء التلاميذ ومكافأتهم بعد قيامهم بالسلوك الصحيح الذي يتدربون عليه.
المرجع/إسماعيل عبد المهيمن, مشاكل الاضطراب الانتباهي وطرق معالجتها, هلا للنشر والتوزيع. 2012