في هذا الموضوع نركز على الاعمال الداخلية للمدارس غير الآمنة مع ذكر انماط المعلمين الذين يدعمون المشاغبة ومع تحديد ما يحدث خارج المدرسة عندما يتم الكشف عن المشاغبة وكيفية التعامل مع هذا المكون الخارجي في المدارس وبالتالي ننظر الى الآباء وخاصة آباء ضحايا المشاغبة.
الآباء ضحايا آخرين:
فالآباء هم ضحايا ثانوين للمشاغبة ويمكن تهميشهم عن طريق المراهقين المعنيين والمدرسة، وعندما يتم مشاغبة طفلهم فإن الآباء يريدون وقفها وفي حين ان الطفل يشعر بالعجز نجد الاباء يغضبون وسوف يتخذون خطوات مثل الذهاب للمدرسة في محاولة لحل المشكلة وعندما يقومون بهذا فأحيانا تعاملهم المدرسة كما لو كانوا جزءا من المشكلة ولكنهم يريدون ان يكونوا جزءا من الحل. وتنتعش المشاغبة في ثقافة السرية والقوة غير المتكافئة والتخويف المستمر فالضحايا بوجه عام لا يبلغون عن المشاغبة واذا اخبروا المعلم بحدوث المشاغبة لهم فاحيانا يقال لهم ان يتعاملوا معها بأنفسهم او ان يذهبوا ولا يرووا حكايا. ولا يميل المراهقون الى الكشف لآبائهم عن ما يحدث في حياتهم وما يزعجهم لعدد من الاسباب:
1- لا يريدون ان يبدوا غير متلائمين.
2- يريدون معالجة مشاكلهم بأنفسهم.
3- لايريدون التسبب في قلق آبائهم.
4- يخافون من الآباء يبالغون في ردة فعلهم وسيجعلون الامر اسوأ.
5- ربما يشعرون ان الخطأ خطئهم.
6- ربما يفتقرون الثقة ولا يعرفون ما ينبغي ان يفعلوه.
7- لانهم خائفون من ان المشاغبين سوف يكتشفون انهم تحدثوا الى راشد.
وبالتالي تحظى المشاغبة باهتمام وانتباه الآباء عندما تتحول الى ازمة ففي هذه اللحظة تنشط الطاقة الوقائية للأباء ويسألون عن رد فعل المدرسة وعن ما فعله طفلهم. وعندما يقرر الوالدان الاتصال بالمدرسة فإنهم يعالجان هذا الامر وهما يشعران بالاهتمام والواجب واحيانا باليأس ومع ان هناك آباء يبالغون في الحماية الا ان هذا الصنف نادر فمعظم الآباء يهتمون بشكل كبير بما يحدث لأطفالهم ويقدرون كل الجهود التي تقوم بها هيئة المدرسة لصالح اطفالهم. واحيانا يجد الآباء انه من الصعب الذهاب الى المدرسة عند حدوث المشاغبة لأطفالهم ذلك لأنهم:
1- يفتقرون الى الثقة بالنفس.
2- لا يشعرون بان لهم حقوق.
3- اميون او عاجزون عن الكلام.
4- يشعرون بالخوف من المدرسة.
5- ينحدرون من ثقافة اخرى.
7- يتحدثون لغة اولى اخرى.
وعند الاقتراب من عضو هيئة المدرسة، غالبا ما يضطر الآباء الى التعامل مع مشاعرهم الخاصة بالخوف والشعور بالظلم، وعندما يقوم الوالدان بالإبلاغ عن الاشتباه في المشاغبة من الاقران فإنهم يتوقعون ان المدرسة سوف تتخذ مدخلا عبقريا في حل المشكلة فإذا انكرت المدرسة وجود مشكلة مشاغبة بها او شعرت الخوف من تدخل الوالدين لسبب اخر فسوف تقوم بوضع عراقيل في طريق الوالدين وسوف تحدث عملية تعطيل وفي نفس الوقت ربما يقول المدير او المعلم المعنى" اترك الموضوع لنا، سوف نتعامل معه" وهذا حسن ولكن ماذا لو كانت هذه الكلمات مجرد كلمات بلا افعال؟
واحدى الاستجابات التي يضطر اليها المراهقون عند سؤال الاباء لهم عن المشاغبة هي الشعور بالتشوش وتغطية الاحراج بالكذب، فغالبا ما ينكرون حدوث المشاغبة ضدهم وعند الوصول الى حد الازمة فلن يستطيعوا انكارها ولكنهم لن يكونوا صادقين بشأن التفاصيل والمدى والعواقب وعندما يسألهم الاباء عما فعلوه حيال المشاغبة فربما يشعرون بالنقص عند هذه النقطة ويعتقدون انهم كان ينبغي ان يتصرفوا بشكل اكثر فعالية ( كان ينبغي ان ادافع عن نفسي) وربما يزينون جهودهم لكي يتعاملوا مع الموقف، ويقولون انهم قد اخبروا المعلم، وهذا سوف يكون بداية لصراع عندما يقترب الآباء من المعلم والمعلم لا يعرف عن اي شي يتحدثون وهذا سوف يضعف ثقة الوالدين في طفلهم وفي المعلم ونظرة المعلم للطالب.
وبعد التحدث مع المعلم يعتقد الوالدان ان "طفلي قد بالغ في الامر" او ان المعلم يكذب او ان هذه مدرسة منحلة، فلم يحدث شي رغم شكوى طفلي".
من خلال قولهم انهم اخبروا المعلم، فإن الضحية تحاول اسقاط الشعور بالعجز والسلبية وما يفعلوه في الحقيقة هم انهم يضعون انفسهم موضع اللوم ويتحول الانتباه الى كذبهم وليس الى المشاغبة التي سبقت ذلك.
وعندما يواجه الاباء سوء فهم من جانب المدرسة، فإنهم يصبحون غاضبين وذلك لان طفلهم قد وقعت ضده مشاغبة ولم يستطيعوا حمايته وكذلك لان المدرسة لم تحميهم وكذلك لان هناك شخص ما يكذب ولا يعرفون من هو وكذلك غاضبون من الطفل ومن المدرسة عند هذه النقطة فربما يسعون لايجاد حلول مع آباء المشاغبين وبالتالي يعقدون المسألة بشكل اكبر.
واذا لم يغضب الآباء فانهم سوف يستسلمون وربما يقفزون فوق كل العقبات التي تضعها المدرسة، يذهبون الى الاجتماعات، يقومون بالاتصالات التليفونية، ويقدمون تقارير مكتوبة ولا يزالون غير قادرين على حل مشكلة المشاغبة وفي النهاية يستسلمون لانهم قد اصبحوا منبوذين من المدرسة واحيانا من المجتمع الاوسع اذا لاحقوا قضيتهم بشكل عنيف.
وعندما يأتي الاباء الى المدرسة ويجدون اسوار عالية وعوائق وحواجز في طريقهم فإن هناك شي خطأ في المدرسة ولان الاباء هم ضحايا ثانوين فينبغي ادراجهم واشراكهم والمدارس من خلال تجاهلهم تجعل الامور اسوأ.
( سلوك المشاغبة في المدارس الثانوية ماهيته وكيفية ادارته، كيث سوليفان، ماري كلاري، جيني سوليفان، ترجمة: د. طه عبد العظيم حسين، دار الفكر، الطبعة الاولى 1428-2007، ص 102-104).