إشكالية العلاقة بين التلفزيون و المدرسة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدأ التلفزيون يدب في المدرسة في الكثير من جوانب عملها و نشاطها و فعاليتها التربوية، و بدأت المنافسة تطرح نفسها كإشكالية تربوية بالغة الأهمية و الخطورة.
و يمكن تحديد الوجوه الإشكالية للعلاقة بين التلفزيون و المدرسة في المستويات التالية:
1إن التلفزيون يهيمن على عقل الطفل و مشاعره في مرحلة مبكرة لا وجود فيها للمدرسة_ ما فبل المدرسة- إذ يتعرض الطفل لتأثير الصورة التلفزيونية منذ الأشهر الأولى لولادته و تبدأ مشاهدته في الثانية من العمر، و قبل دخول الطفل إلى المدرسة يكون قد قضى في مشاهدة التلفزيون في حدود 2000 ساعة كما تقدر الأبحاث. و هذا من شأنه أن يعطي التلفزيون أهمية خاصة بالقياس إلى المدرسة. و مثل هذه العلاقة المبكرة يعني في جملة ما تعنيه أن شخصية الطفل قد تشكلت إلى حد كبير على نحو تلفزيوني قبل دخوله إلى المدرسة، أي أنه تشرب منظومة من القيم و الاتجاهات و المفاهيم الخاصة بمعروضات الشاشة. فالطفل يصل إلى المدرسة و هو مشبع بتلك القيم التلفزيونية التي تتعارض على حد كبير مع قيم المدرسة و إتجاهاتها.
2-العلاقة بين الطفل و التلفزيون لا تتوقف عند حدود دخول الطفل إلى المدرسة، بل تستمر هذه العلاقة بقوة و عمق، و ذلك يشرح من جديد استمرارا عميقا للإشكالية السابقة:و هي حمل الطالب في طياته تناقضات حادة تبرز في التباين الذي يقوم بين معروضات الشاشة و معروضات المنهج المدرسي التي تكون متناقضة إلى حد كبير. وذلك ينعكس سلبا على سلامة النمو النفسي و المعرفي عند الأطفال.
3-هناك تباين بين اسلوب العرض بين التلفزيون و المدرسة، فالمدرسة تبني مناهج تربوية تعليمية، لا يمكن أن تضاهي عنصر التشويه و الجاذبية التي يتميز بها التلفزيون. فالحال يبين وجود هوة عميقة بين الأطفال و المدرسة، إذ لا يجد الأطفال في المدرسة ما يلبي طموحهم، و يشبع احتياجاتهم المتنافية للقيم في بعض الأحيان، و على خلاف ذلك فإنهم يجدون ذلك في مضامين النصوص التلفزيونية.
4-تبين الدراسات الجارية اليوم أن نسبة كبيرة من الأطفال في المجتمعات الغربية الذين نشأوا في عهد التلفزيون يتركون مدارسهم في سن مبكرة، و السبب ليس في الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية السيئة، بل يتمثل في أن طفل اليوم هو طفل التلفزيون، فالتلفزيون يقدم ظروفا جديدة لتكيف بصري منخفض و اشتراك مرتفع الأمر الذي يجعل أساليب التعليم القديم صعبة للغاية، و في هذا الصدد يقول مارشال ماك لوهان:" إن هؤلا اللذين يتركون المدرسة يمثلون رفضا لتكنولوجيا القرن التاسع عشر كما تظهر في المؤسسات التعليمية الغربية"
5-و يلاحظ اليوم أن الأطفال يقضون غالبية أوقات فراغهم في مشاهدة التلفزيون بعد العودة من المدرسة، و ذلك ينعكس سلبا على مستوى تحصليهم و اهتماماتهم المدرسية. و غالبا ما يذهبون بشكل متأخر إلى مخادعهم، تحت تأثير التلفزيون، و ذلك من شأنه أن يؤثر أيضا في مستوى نشاطهم المدرسي في الصباح.
6-و يضاف إلى ذلك كله، أن هناك تعارضا كبيرا بين القيم الأخلاقية و السلوكية التي يتلقاها الطفل عبر النصوص التلفزيونية. و هذه هي التي يجب عليه العمل بمقتضاها في حياته المدرسية. و من هنا نشأت إشكالية التواصل بين الطفل و المدرسة و من هنا أيضا نشأت هوة عميقة بين المدرسة و أجيال التلفزيون اللذين ينظرون إلى المدرسة بوصفها مؤسسة ثقافية تعاني من الشيخوخة و الضعف، و ينظرون إلى الحياة المدرسية بوصفها كابوسا يجثم على صدورهم.
و في هذا الخصوص يقول مارشال لوهان:" إن المدرسة كانت المكان الذي يأتيه الناس لإمتاع بما يوجد فيها من أشياء رائعة جميلة"(1)
و من خلال الاشكاليات السابقة تبين لنا أن التلفزيون يؤثر سلبا في أداء الطفل المعرفي و لا سيما في المدرسة، و هو بالتالي يؤثر في الأطفال بطريقة تجعل مهمة المدرسة صعبة في أداء دورها التربوي....
و الآن دعونا نتكاتف و نبحث عن:
الآثار السلبية للتلفزيون على الطلبة؟
، و طرق الوقاية من هذه الآثار؟
، و ما هو دورك أنت و أنتي كأخصائي إجتماعي في الحد من تلك الأثار؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أفيدونا بآرائكم و ردودكم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع:كتاب علم الاجتماع المدرسي، د. علي أسعد وطفة و آخرون، 2004، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعيةللدراسات و النشر و التوزيع.