أهمية التنشئة الاجتماعية:
أ. اكتساب المرء إنسانيته:
من طريق التنشئة، يتعلم الإنسان اللغة والعادات والتقاليد والقِيم السائدة في جماعته، ويتعايش مع ثقافة مجتمعه. أمّا إذا رُبِّي شخص في الغابات، فإن سلوكه وطباعه، سيكون لها شأن آخر؛ فلقد عثر العلماء على حالات لأطفال ربَّتهم الحيوانات (كالقردة) في الغابات، فشابه سلوكهم سلوكها؛ فلم يتسموا بأيٍّ من مظاهر التواد نحو الإنسان، ولا الابتسام، ولا الخجل من العري، ولا الخوف من الطلق الناري؛ كما كانوا يتناولون الطعام كالحيوانات. ولكن، بعد أن تعهد العلماء قِلَّة منهم بالتربية في وسط إنساني، استطاعوا ارتداء الملابس بأنفسهم، والتمييز بين الحار والبارد، والناعم والخشن. كما نمت لديهم انفعالات جديدة، كالود نحو الممرضة القائمة على رعايتهم؛ حتى إن أحدهم كان يبكي، ويصدر أصواتاً، تدل على الحزن، عند غيابها. وبدأو يتعلمون اللغة والحديث.
ب. اكتساب المجتمع صفات خاصة:
يتولى رجال إحدى القبائل مسؤوليات أُسَرية، تشبه الدور الاجتماعي للنساء في المجتمع العربي: إعداد الطعام، ورعاية الصغار. وتضطلع نساؤها بمسؤوليات، تشبه الدور الاجتماعي للرجال في مجتمعنا، مثل: الصيد والدفاع عن الأسْرة. وينطبق المبدأ نفسه على المجتمعات الشرقية، قياساً بالمجتمعات الغربية؛ فلكلٍّ منها خصائصه، التي تميزه عن غيره. وتكون التنشئة الاجتماعية مسؤولة عن رسوخها، والمحافظة عليها، ونقلها من جيل إلى آخر.
ج. تساعد التنشئة الاجتماعية على توافق الشخص ومجتمعه:
يسهم تعلم المرء لغة قومه وثقافتهم في اقترانه بعلاقات طيبة بأبناء مجتمعه وموافقته إياهم. فلقد بينت إحدى الدراسات، أن جماعة معينة، داخل المجتمع الأمريكي، عزلت نفسها عنه، ودربت أبناءها على أعمال العصابات والسطو؛ ما جعلهم عاجزين عن موافقة المجتمع.
د. توجد التنشئة الاجتماعية بعض أوجُه التشابه بين المجتمعات المختلفة:
(1) تتداخل عدة جماعات فرعية، لتنتظم في مجتمع إنساني، يقترن فيه بعضها ببعض بعلاقات مختلفة، وبدرجات متفاوتة.
(2) تسعى المجتمعات الإنسانية إلى تحقيق بعض الأهداف العامة، مثل المحافظة على كيانها واستقرارها وتماسكها.
(3) تنظم الجماعات أنشطة أبنائها، لتحقيق أهدافها العامة، وأهدافهم الخاصة.
(4) يتولى الراشدون تدريب الصغار على الأدوار الملائمة لمجتمعهم.
(5) تستهدف التنشئة، أساساً، خلق الشخصية المنوالية للمجتمع، أيْ الشخصية التي تجسد ثقافته؛ إذ توجد إطاراً مشتركاً يحدد ملامحه المتميزة.
وظائف التنشئة الاجتماعية:
الوظيفة الأساسية للتنشئة الاجتماعية هي نمو الفرد اجتماعياً بحيث يتكيف مع المجتمع ويتشرب عاداته وسلوكياته ويصبح عضواً منتمياً إليه موالياً له. وتتحقق هذه الوظيفة من خلال النقاط التالية:
1. اكساب الفرد ثقافة المجتمع:
من وظائف التنشئة اكساب الفرد اللغة، العادات، التقاليد، أنماط السلوك السائدة، القيم الخاصة بالمجتمع وبذلك تتحدد هويته الاجتماعية ويتحول إلى كائن اجتماعي حاملاً لثقافة المجتمع... قادراً على نقلها بعد ذلك للأجيال الأخرى كما نقلت إليه... ثم يقوم أفراد المجتمع بتطوير هذه الثقافة والإضافة إليها أو الحذف منها لتساير التقدم الانساني في كل عصر....
2. اشباع حاجات الفرد:
فما تحويه الثقافة (عادات - سلوكيات – أفكار...) يجب أن يشبع حاجات الفرد وطموحه ورغباته حتى يكون منسجماً مع نفسه وأفراد مجتمعه. وإذا لم تلبي التنشئة حاجات الفرد المعرفية والوجدانية والمهارية في ظل الثقافة السائدة في المجتمع تظهر هناك فجوة بين الفرد وبين مجتمعه، حيث يميل بعض الأفراد إلى العزلة والاغتراب والانطواء وحتى الهجرة....
3. التكيف مع الوسط الاجتماعي:
وهى عملية تكيف الفرد مع الوسط المحيط به سواء أكانت الأسرة أو مكان العمل أو جماعة الرفاق (الشلل – التقليعات ...)
4. تحقيق عملية التطبيع الاجتماعي:
ترتبط عملية التطبيع الاجتماعي بالدور الوظيفي الذي يلعبه الفرد في المجتمع أو بالوظيفة التي يشغلها. فكل وظيفة أو منصب يكون هناك قيم وسلوكيات وعادات أقرها المجتمع تحكم هذه الوظيفة وعلى كل من يشغل هذه الوظيفة أن يكتسبها (المدرس – الطبيب – الممرضة – الجندي ...). وبذلك فإن التطبيع الاجتماعي يرتبط بنمط السلوك المرغوب والمتوقع من أى فرد يشغل وظيفة معينة.
آليات التنشئة الاجتماعية :
تستخدم الأسرة آليات متعددة لتحقيق وظائفها في التنشئة الاجتماعية ، وهذه الآليات تدور حول مفهوم التعلم الاجتماعي الذي يعتبر الآلية المركزية للتنشئة الاجتماعية في كل المجتمعات مهما اختلفت نظرياتها وأساليبها في التنشئة ، ومهما تعددت وتنوعت مضامينها في التربية .
و للتنشئة خمس آليات هي :
* التقليد /
فالطفل يقلد والديه ومعلميه وبعض الشخصيات الإعلامية أو بعض رفاقه .
* الملاحظة /
يتم التعلم فيها من خلال الملاحظة لنموذج سلوكي وتقليده حرفياً .
* التوحد /
يقصد به التقليد اللاشعوري وغير المقصود لسلوك النموذج .
* الضبط /
تنظيم سلوك الفرد بما يتفق ويتوافق مع ثقافة المجتمع ومعاييره .
* الثواب والعقاب /
استخدام الثواب في تعلم السلوك المرغوب ، والعقاب لكف السلوك غير المرغوب .( خلدون النقيب ، 1985 : ص62 )
أشكال التعلم المؤثرة في التنشئة الاجتماعية:
ومنها،التعلم المؤثر:
حيث النمط السلوكي المتعلم يكون متبوعا بتدعيم،ليكون موافقا للمعايير والقيم المرغوب فيها.
التعلم المباشر:
وهو عبارة عن توجيه مخطط ومقصود للسلوك وممارسة
التدعيم؛التعلم العرضي:
وهو نتيجة لتعلم و تدعيم غير مباشرين و مقصودين؛ آثار العقاب: استعمال العنف لتلافي أنماط السلوك غير المرغوب فيها؛
التعلم من النماذج:
وهو عبارة عن تقليد ومحاكاة لأنماط ونماذج سلوكية معينة؛ التقمص:وهو تقليد لأنماط سلوكية وأدوار اجتماعية معينة .