مشكلات سلوكية في المدرسة الابتدائية
(السرقة - التخريب - الغش - العدوان)
مما لا شك فيه أن للطريقة التي يربى بها الطفل في سنواته الأولى دور مهم في تكوينه النفسي؛ فأسلوب التربية الذي يثير مشاعر الخوف وانعدام الأمن في مواقف التفاعل يترتب عليه تعرض الطفل لمشكلات نفسية أو سلوكية، أو تأخر في نواح مختلفة من النمو.
فالطفل الذي يصبح مشكلةً سلوكية دائمة في روضته أو في مدرسته قد يُشخّص على أنه طفل "مُشكل" أي: يسلك سلوكاً مختلفاً عن الآخرين ممن هم في مثل سنه، ومن أكثر المشكلات السلوكية شيوعاً بالمدرسة: اضطرابات السلوك، كالسرقة، والتخريب، والغش، والعدوان.
فالسرقة تعنى استحواذ الطفل على ما ليس له فيه حق وبإرادة منه، وذلك باستغفال مالك الشيء المراد سرقته أو تضليله.
والسرقة والأمانة من السلوكيات التي يكتسبها الطفل من بيئته، وتبدأ كاضطراب سلوكي واضح في الفترة العمرية 4- 8 سنوات، وقد يتطور الأمر ليصبح جنوحاً في عمر 10- 15 سنة، وقد يستمر حتى المراهقة المتأخرة.
ويمكن التغلّب على هذه المشكلة عن طريق القيام بدراسة حالة للطفل يحدد بها نوع وشكل السرقة، وكذا العوامل الكامنة خلف ذلك السلوك (أسرية، جماعة مرجعية، شعور بنقص ودونية، وسائل إعلام متطرفة، هوس السرقة أو رد فعل عدواني تجاه الآباء والزملاء أو غيره) مع الاهتمام بالتربية الدينية، وعدم إهمال الطفل في الأسرة، مع عدم التطرف في الحماية، من خلال إقامة علاقات مثالية قائمة على الديمقراطية، وعلى مبدأ إعطاء المعلومات وليس التعليمات، مع ردع الطفل عن فعل السرقة، ومساعدة الطفل على اختيار رفاقه، واحترام ملكية الآخرين، وتوجيه الأبناء لما يشاهدوه من أفلام.
أما التخريب فهو من اضطرابات السلوك ويتمثل في رغبة بعض الأطفال ظاهرياً في تدمير وإتلاف بعض الممتلكات الخاصة بالآخرين، أو المرافق العامة.
ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال عمل دراسة الحالة بعناية لتحديد مدى ونوعية التخريب، وكذا محاولة تحديد الدافع خلف هذا السلوك التخريبي (عوامل شعورية أم لا شعورية، مثل النشاط الزائد، واختلال الغدد الصماء كالدرقية والنخامية، وظهور مشاعر الغيرة، ومقت الطفل لبعض الناس أو لفئة معينة، وحب الاستطلاع والنمو الجسمي الزائد مع انخفاض مستوى الذكاء، وشعور الطفل بالنقص أو بالظلم، والشعور المكبوت بالضيق من النفس وكراهية الذات).
علاوة على توفير لعب بسيطة للطفل تكون متقنة الصنع، ويمكن تفكيكها وتركيبها دون أن يلحقها تلف مع توفير المكان الفسيح المناسب للعب، والابتعاد عن كثرة تنبيه الصغير وتوجيهه، فخير الأمور الوسط، فالطفل يحتاج إلى حزم بغير عنف ومرونة بدون ضعف، مع بيان ما هو خير وما هو شر، وعرض الطفل على طبيب للتأكد من طبيعة الغدة الدرقية والتعرّف على مستوى ذكاء الطفل .
أما الغش والتزوير فهو اضطراب سلوكي يهدف الطفل من وراءه إلى التحايل على واقع الحال، بحيث يؤدى ذلك إلى إظهار حقائق الأمور بشكل غير حقيقي، بغرض الوصول إلى غاية معينة، أو تغطية العجز أو التقصير أو الإهمال، وغالباً ما يحقق الطفل بهذا الأسلوب مكاسب مؤقتة.
وقد وُجد أن أكثر من 50% من الطلاب يمارسون نوعا من الأفعال يمكن اعتبارها غشاً، وقد تتحول أفعال الغش هذه إلى وسيلة ممتعة وطريقة مثلى لاقتناص ما ليس له حق فيه، وعند ذلك يصبح مثل هذا السلوك سلوكاً شاذاً مضطرباً.
وتكمن الخطورة الأكبر هنا - من السلوك الملتوي والأساليب المنحرفة التي تمكنه من تحقيق مكاسب سريعة ودون جهد - أن يكون نتاج ذلك مواطن اتكالي يقوم بممارسة نظائر هذا السلوك في عمله أو وظيفته في المستقبل، مما يؤثر على تحضر المجتمع وتقدمه.
وللتغلّب على هذه المشكلة يجب تعريف الطالب وتوعيته بأن أي عمل فيه ناجح وراسب، وتدريبه لأن يكون الفشل حافزاً للنجاح في المرات التالية، وإعداد قصص دينية وأناشيد للأطفال عن نتائج الغش والعقاب في الدنيا والآخرة نتيجة ممارسته، وتوفير القدوة الحسنة للطفل، والبعد عن العقاب كوسيلة غير مفيدة لعلاج الغش عند الأطفال.
أما العدوان وهو سلوك يقصد به المعتدى إيذاء الآخر، ومن ثم فهو فعل يتسم بالعداء تجاه الموضوع أو الذات، ويهدف إلى التدمير، وهو سلوك متعلم.
ورغم وجود صفات سالبة في العدوان إلا أنه ينطوي على إيجابيات، فهو يدل على حيوية ونشاط وجرأة الطفل، ويتعلّم من خلال الشجار خبرات مثل وجوب احترام حقوق الغير، ودور الصدق، وسلبيات الكذب، وينمى القدرة على ضبط النفس، وإثبات الذات والسيطرة.
ويمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال الاكتشاف المبكر للميول العدوانية لدى الأطفال، وتوفير جو غير متساهل من خلال مراقبتهم ومحاسبتهم على ما يصدر منهم من سلوك عدواني، والحد من النماذج العدوانية، وتعزيز السلوك اللا عدواني، وإبداء الاهتمام بالشخص الذي وقع عليه العدوان، مع إعطاء الوقت الكافي للعب، مع المتابعة وتعاون الأسرة.
منقول من موقع المربي