دور المدرسة في رعاية وتعزيز الإبداع:
تعتبر المدرسة البيئة الثانية التي يواصل الإنسان فيها نموه ويتم إعداده خلال مراحل تعليمه للحياة المستقبلية لأن هذا الإنسان سوف يواجه مشكلات لا وجود لها الآن. لذلك نحن في أمس الحاجة إلى ثورة في نظامنا التعليمي لإعداد جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل، يملك استقلالية الفكر والرأي، ويتسلح بالفكر الإبداعي، و المعرفة الصحيحة التي تنمي روح المبادرة والإبداع.
إن تعليم الإبداع عملية حيوية لإعداد أجيال لهذا الوطن تماثل ما حققته وتحققه الدول المقدمة ودول العالم الثالث، وهي عملية تطلب جسارة الجميع على الإقدام، حتى في ظل كل المشكلات التي تواجهنا و التي ستواجهنا سواء داخلية أو خارجية أو تأثيرية، فالأحداث المحيطة بنا و المحدقة بكل مقدراتنا تجعلنا مفتوحي العقل و العقل و العين على كل ما يحدث لتحقيق أقصى منفعة لهذا الوطن، ولا يتأتى ذلك إلا بتعليم الإبداع للناس، حتى يتدربوا على كيفية الفكير و المواجهة التي هي طريقة سوف تغير أشياء كثيرة في حياتنا، سواء كان الثقافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، فإعمال العقل هو الذي سيحدد مسار أمتنا وتوجهانا نحو الرقي و التقدم إن أردنا إصلاحا، ويمكن تنمية وتشجيع التفكير الإبداعي في النظام التعليمي من خلال:
1. ضرورة الاهتمام بمدارس الحضانة لأنها توفر للأطفال مجالات إيجابية للعب مع غيرهم من الأطفال وعن طريق الألعاب و التمثيل و الغناء يعبر الأطفال عن قدراتهم الإبداعية وعما لديهم من طاقة وحيوية. وقد أكدت الدراسات التي قامت بها وزارة التربية و التعليم الفرنسية أن الكتابة في سن مبكرة تضر يد الطفل،وتؤذي أصابعه وتجعله يبذل مجهودا يفوق إمكاناته في هذه المرحلة العمرية المبكرة، بالإضافة إلى أنها تقتل في نفسه أي موهبة فطرية يمتلكها، وتصيبه بالاكتئاب أحيانا خاصة إذا جاءت النتائج غير مرضية.
2. الاهتمام بالتعليم وتطويره منهجا و أسلوبا خاصة في العلوم والرياضيات، و يكون التلميذ هو أساس العملية التعليمية، و الاعتماد على المناقشة و التفكير المنطقي وإجراء التجارب واستخدام تكنولوجيا التعليم .
3. مسؤولية المدرسة –بما فيها الأخصائي الاجتماعي والمعلمين- في التعرف على الموهوبين واكتشافهم، لأنهم أهم مصادر الثروة و القوة في المجتمع، ومن ثم وجب علينا حمايتهم وتقديم ألوان الرعاية المتكاملة لهم.
4. ضرورة توفير المناخ المدرسي القادر على إظهار التلاميذ المبدعين مع ضرورة إدراج الأنشطة المختلفة الخاصة بتنمية التفكير الإبداعي، ويفضل إضافة أي نسبة إلى مجموع الثانوية العامة لمن ينطبق عليهم الإبداع العلمي أو الإبداع الأدبي أو الفني، أو التفوق الرياضي.
5. الاهتمام بإعداد مرشد أو أخصائي نفسي أو أخصائي اجتماعي داخل المدرسة، ليتمكن من اكتشاف الموهوبين ورعايتهم ومساعدتهم، وتوفير المناخ المناسب لهم داخل المدرسة، بالإضافة إلى الإنصات لهم باهتمام إلى ما يعبرون به عن أفكارهم، ومساعدتهم على فهم وتقبل انطلاقهم ومحاولة التقليل من عزلتهم عن زملائهم، مع مساعدة الآباء والمعلمين وإدارة المدرسة على فهم مشكلات التلاميذ المتميزين في الإبداع مع إنشاء سجل لكل طالب موهوب يجمع فيه كافة المعلومات التي عن الطالب في ترتيب زمني على مدى السنوات الدراسية له.
6. تنمية روح الفريق لدى التلاميذ في لمدرسة وتوضيح أهمية العمل الجماعي في كافة المجالات خاصة في مجالات الإبداع الفكري العلمي، لأن العمل الجماعي ينمي ويشجع الإبداع، نظرا لتبادل الأفكار والخبرات والتجارب و المعلومات في ظل مناخ نفسي مناسب بين الأفراد، يفتح ويعظم قدراهم الإبداعية.
7. ضرورة إعادة تأهيل المعلمين فلا إصلاح للتعليم بدون معلم، ويجب دراسة كل الطرق المؤدية إلى الارتقاء بمستوى المعلم، ماديا وأدبيا ومهنيا، مع توفير المكانة و التقدير المناسبين للمسؤولية الكبيرة التي يقومون بها، ويجب أن يتم إعدادهم إعدادا جيدا و إيفادهم إلى دورات تدريبية للتدريب في المجالات المختلفة على الجديد في الطرق الحديثة في التعليم، حيث لم تعد وظيفتهم نقل المعلومة فقط بل الاهتمام بالجانب الإبداعي. ومن أهم ما ينبغي توجيه الاهتمام إليه وهو تنشيط وتنمية القدرات الإبداعية عند المعلم، ويمكن أن يتم ذلك من خلال برامج مستقلة أو من خلال صياغة البرامج والمقررات التي تقدم له.
8. تطوير الإدارة المدرسية بتوفير المناخ المدرسي القادر على تطوير الإبداع لدى المعلمين.
9. تطوير أساليب القويم و الامتحانات، ويا حبذا لو تخلينا عن تلك الأساليب التي تختبر قدرة الطالب على الحفظ ، واستبدلنا بها تلك الأسئلة التي تستثير تفكير الطالب وقدراه النقدية وآراءه الإبداعية أي تساعده على التحول من ثقافة الذاكرة إلى ثقافة الإبداع.
المرجع: كتاب تنمية الإبداعية ، للكاتب، لواء أركان حرب/سعد الدين خليل عبدالله،الطبعة الثالثة، 2006م،دار النشر:دولارس للآداب و الفنون والإعلام، مصر، ص161+162+164+165.