]size=18]يتطلب بناء الإنسان العصري غرس مجموعة من القيم و الاتجاهات في نفوس الطلبة على اختلاف مستوياتهم التعليمية وز تزويدهم بحصيلة من المعارف و المهارات التي تمكنهم من المسامة الإيجابية في صنع المستقبل و تهيئة المناخ العلمي الذي يساعدهم على البحث و التجديد و الابتكار.
و لعل من أهم القيم التي يلزم غرسها في نفوس الطلبة قيمة العلم ذلك لأن العلم في ذاته قيمة أساسية من قيم المجتمع المعاصر و يمكن أن يتم ذلك بتعويد الطلبة على اتباع الأسلوب العلمي في التفكير و الالتزام بالدقة و الحياد و الموضوعية و نبذ التفكير الارتجالي و الاتكالي ذلك لأن هذه الأنواع من التفكير تكبل عقل الأنسان و تحد من طموحه و تعوق تقدمه.
و من الضرورة أن تقوم المدرسة بتزويد الطلبة بأحدث المعارف العلمية و تعريفهم بالمنجزات التي حققتها العلوم البيولوجية و الطبيغية و الرياضية و تزويدهم بالمهارات الفعلية و العملية التي تساعدهم على التجديد و الابتكار و تنمية أساليب جديدة لحل المشكلات.
و قد أشار تقرير ( إدجار فور) الذي أصدرته اليةنسكو تحت عنوان( تعلم لتكون ) إلى هذه النقطة بقوله :" لا بد من التسليم بأن وظائف المدرسة في هذا المجال لها طابع أعم و أشمل إذ تهدف إلى توفير أساس متين من المعلومات و المعارف التي من شأنها أن تساعد على تفتح قابليات متعددة و على إنماء القدرات العقلية و حفز الروح الخلاقة و فهم المبادئ العلمية و القدرة على تطبيقها على الصعيد التقني و الإسهام في تنمية بعض المهارات العامة و خلق المواقف الإيجابية إزاء العمل و الأخلاق "
و لا يعني الاهتمام بالعلوم البيولوجية و الطبيغية و الرياضية إهمال العلوم الإنسانية ذلك لأن هذه العلوم هي التي تتيح للطلبة فهما أعمق بما يدور في المجتمعات الإنسانية من أحداث و هي التي تساعدهم على التفاعل مع تجارب العصر و معطياته و تجعلهم يتعرفون على المشكلات و القضايا الداخلية و الخارجية كما تخرجهم من نطاق العزلة إل ى نطاق المحدودة إلى أفاق أوسع و أرحب
و إلى جانب الاهتمام بالعلوم الطبيعية و الإنسانية ينبغي العمل على تضيق الهوة بين العلوم الطبيعية و الأدبية .
و من الضروري أيضا أن تعمل المدرسة على تشكيل الشخصية الانسانية على أساس ديموقراطي،و لا يتأتى ذلك إلا إذا اتخذت المدرسة من الفرد محورا للعملية التربوية و جعلت من المبادئ و القيم الديموقراطية أسلوبا لها.
و ينبغي أن تكون السلطة المدرسية بعيدة عن النظام الصارم و معتمدة على التسامح حيث أشارت الدراسات الحديثة إلى أن العلاقات التسلطية بين المدرس و الطالب تتناسب تناسبا عكسيا مع قدرة الطالب الابتكارية و الإبداعية .
و ينبغي أن تعمل المدرسة على تأكيد المقومات الأساسية للشخصية القومية و أن تعني بغرس القيم و الاتجاهات الدينية في نفوس الطلبة.
المرجع: دراسات في علم الاجتماع التربوي ، ناصر ثابت ، الطبعة الأولى 1413هـ 1993م [/size]