مع انطلاقة كل عام دراسي، يعود المشهد اليومي الحزين، حيث التلاميذ في مختلف المراحل التعليمية، يمشون بخطى بطيئة، يحملون حقيبتهم المدرسية الثقيلة على اكتافهم او يجرونها يمينا ويسارا، متكبدين عناء لابد منه.
هل هي حاجة تربوية.. ام موضة تجارية؟!
فمن اطلالة سبتمبر من كل عام تعج الاسواق بآخر الموديلات من الحقائب المدرسية، بعضها كبيرة الحجم، واخرى تطل بألوان متنوعة ورسومات مختلفة تجذب الزبائن، ويتهافت اولياء الامور على شراء هذه الحقائب، غير مدركين لمدى خطورتها صحيا على ابنائهم.
اختصاصية علاج طبيعي تحذِّر: تؤثر في تلاميذ المراحل التعليمية الأولى ..
قالت اختصاصية العلاج الطبيعي والتأهيل والروماتيزم د. سارة سيف الدين ان ثقل الحقيبة المدرسية التي يحملها التلميذ على ظهره، تتسبب بشد عضلي في العمود الفقري للمنطقتين العنقية والقطنية (اسفل العمود الفقري).
وقالت ان الحقيبة تتسبب بمزيد من الانحناء لجسم الطفل للأمام نتيجة ثقل الحقيبة.
واضافت ان الحقيبة التي تجر تبقى عوارضها الصحية اقل من تلك التي تحمل على الظهر، مشيرة في الوقت نفسه الى ان تلك الحقيبة ايضا تتسبب بانحناء الجسم الى اليمين اذا كان التلميذ يجر الحقيبة على اليمين، وهذا الأمر على المدى الطويل ليس صحيحا. ونبهت الى ان الحقيبة التي يحملها التلميذ على كتفه اليمين، يتسبب بانحناء العمود الفقري على الجانب المعاكس.
وحذرت من مخاطر ثقل الحقيبة المدرسية على الطلبة في المراحل التعليمية الاولى، خاصة الابتدائية، حيث العمود الفقري لم يتكون تماما، وبالتالي فإحداث أي ضرر للعمود الفقري في هذا العمر خطر. وختمت حديثها قائلة ان الحقائب المدرسية ليست حاجة اساسية للتلاميذ، وقد أصبحت اليوم موضة تجارية.
من جهة أخرى : تؤدي إلى بروز عظام الظهر وتقوّسه
العوضي: تنعكس على طريقة السير مستقبلاً
أكد مدير ادارة العلاج في الخارج د. يوسف العوضي ان مشكلة ثقل الحقيبة المدرسية تم حلها في المدارس الاجنبية، وتحديدا الاميركية والانكليزية، مؤكدا ضرورة ان تتخذ وزارة التربية من هذه المدارس مثالا يحتذى، وتسعى الى تطبيق تجاربها في المدارس الحكومية.
وقال العوضي في حديث لــ القبس ان التلاميذ في المدارس الاجنبية لا يتكبدون عناء ثقل الحقيبة المدرسية، فمعظم الكتب الدراسية يتركونها في المدارس، في الخزانات المخصصة لهم، من دون اغفال ان كثيرا من المواد التي يدرسونها تتم الكترونيا حيث الاعتماد كثيرا على السي دي.
واضاف ان الحقائب المدرسية لا تزال مشكلة تؤرق اولياء امور التلاميذ في المدارس الحكومية، محذرا من الاخطار الصحية التي تعود بها هذه الحقيبة على التلاميذ، لاسيما في المراحل التعليمية الاولى، اي الابتدائي والمتوسط. واضاف ان ثقل الحقيبة المدرسية يؤثر في المدى الطويل في تقوس الظهر ويضر العمود الفقري، موضحا ان حمل الحقيبة والمشي بها لمسافات بشكل يومي وعلى مدى سنوات، سيؤدي الى اضرار لا تظهر الا بعد فترة. واوضح الدكتور العوضي ان الحقيبة المدرسية الثقيلة تؤثر في طريقة مشي التلميذ، لا سيما الاطفال منهم، وتصبح طريقة سيرهم جانبية وغير منتظمة نتيجة تأثر العضلات بثقل الحقيبة.
انحراف العمود الفقري
واشار الى ان ذلك يؤدي الى الانحراف في العمود الفقري، موضحا انه على الرغم من ان المشي يعتبر افضل رياضة، لكن ثقل الحقيبة المدرسية، التي يحملها الطفل ويمشي بها لمسافات، فإن ذلك سيؤثر سلبا في العمود الفقري وتقوس الظهر، والذي سيظهر لكن بعد فترة طويلة.
واعتبر ان الحقيبة المدرسية هدفها تجاري بحت، فحتى الحقيبة التي تجر ولا تحمل على الكتف تسبب انحناء العمود الفقري.
ونبه الى أن ثقل الحقيبة المدرسية، على مدى سنوات عديدة، يتسبب بتشوهات في القوام كبروز عظام الظهر وتقوسه، ويؤدي ذلك بالطبع لآلام قد تستمر ولا تزول.
ثقافة طبية
وشدد العوضي على ضرورة وجود ثقافة طبية لدى اولياء الامور، والتنبه للكتب التي يحتاجها ابناؤهم يوميا في المدرسة، والكتب التي يمكن ابقاؤها في المنزل، بهدف التخفيف من ثقل الحقيبة، اضافة لضرورة تحرك ادارات المدارس، والسعي الى التنبيه على المعلمين بالحرص على تخفيف ثقل الحقائب المدرسية للطلبة. وختم قائلا: الكتب المدرسية واشكالها وتصاميمها هي في النهاية هدف تجاري، يتصارع عليه التجار، الذين لا يفكرون في صحة الناس والطلبة والاطفال، وهمهم الاول والاخير هو هذه الحقائب بأسعار متنوعة، قبل انطلاقة العام الدراسي على وجه التحديد.
_ وهذا ينطبق بالفعل على مدارسنا في سلطنة عمان كذلك _
المرجع : جريدة القبس ، جريدة كويتية يومية سياسية شاملة ، رئيس التحرير: وليد عبداللطيف النصف