تأثر الجنين بسلوك أفراد الأسرة
هناك هوامل كثيرة تؤثر في نمو الجنين و تكوينه في أثناء فترة الحمل و تتعلق هذه العوامل بالنواحي الفسيولوجية و النفسية للأم الحامل بالإضافة للعوامل البيئية المحيطة , فعلى سبيل المثال يرى "ماكفارلان " أن تعرض الأم لفترات طويلة من الضغوط النفسية يزيد من حركة الجنين و توتره و تهيجه داخل الرحم وربما تستمر هذه الحالة المزاجية بعد ولاته على صورة مشكلات في تناول الرضعات, و يتأثر الجنين عضويا و عصبيا بشكل مباشر بسلوكيات الأم و تصرفاتها كالتدخين أو المخدرات أو إدمان الخمور في أثناء فترة الحمل .
أما من الناحية الفسيولوجية فإن مراحل نمو الجنين تحدث في ترتيبات و منظومات معينة و بطريقة دقيقة , هذه العمليات تعرف بالقنوات التوصيلية أو التي تعني الاستعداد الموجود لدى الجينات لتأخير أو إعاقة نمو بعض الخصائص السلوكية و البيولوجية عند الجنين و ما يؤثر ذلك على ظهور نوع من الخلل أو الاضطراب عند الطفل في المستقبل .
و في غالبية الأحوال فإن الآباء المتوقعين يتولد لديهم نوع من القلق على مستقبل الجنين و احتمالية تعرضه لأي مشكلات أو خلل في النمو , إلا أن الإحصائيات أظهرت أن (97.5% ) من المولودين حديثا ينمون نموا طبيعيا و يولدون بدون عيوب خلقية , و لكن نسبة ( 2.5%) من المواليد تتعرض لبعض العيوب الخلقية مثل زيادة عدد أصابع اليد أو القدم إلى ستة أو ظهور علامات واضحة على الجلد . و لكن هناك ما يعرف بعوامل الخطر التي تتضمن الخصائص البيولوجية للأم مثل العمر و الحالة الجسمانية و تعرض الأم أثناء الحمل للأمراض أو تعاطي المخدرات أو التوترات و الضغوط النفسية و أخطار البيئة بشكل عام مثل تلوث المياه و الهواء , و يمر الجنين في أثناء تكوينه بفترات حرجة تحدث أثناء المراحل الانتقالية للنمو حيث تشكل هذه التغيرات فرصة كبيرة لحدوث المشكلات في النمو , و تعتبر الحالة الفسيولوجية و النفسية للأم من أهم العوامل التي تؤثر في هذه الفترات الانتقالية لنمو الجنين , فنجد أن تعرض الأم لأي مشكلة أو صدمة صحية أو ممارستها للسلوكيات الغير مسؤولة مثل التدخين و إدمان المخدرات يمثل خطورة كبيرة على الجنين .
و هناك فترات زمنية في عمر الجنين يمكن يكمن أن يتعرض خلالها لحدوث عيوب خلقية رئيسية و فترات أخرى قد يحدث فيها عيوب خلقية ثانوية , بشكل عام خلال المراحل الأولى من نمو الجنين تكون هناك فرصة أكبر للتعرض لمشكلات خلقية في جميع أجهزة الجسم و مراكز الأعصاب .
المصدر : السلوك الإنساني و البيئة الاجتماعية بين النظرية و التطبيق , حسين حسن سليمان , ط1 ,ص ص93 94 .