مشكلة الإنتحار :
مفهوم الإنتحار :
ذهب بعض الباحثين في تعريفهم للإنتحار إلى التمييز بين نوعين من الإنتحار هما :
- الإنتحار الحقيقي : وهو قتل الإنسان لنفسه عمدا
- الإنتحار النفسي : هو نوع من الإنتحار غير الصريح حيث يزهد البعض بالحياة تماما ويبغضونها وتدفعهم عوامل اليأس إلى تدمير أنفسهم فيصابون بحالات مرضية .
التفسيرات الإجتماعية للإنتحار :
إن تناول ظاهرة الإنتحار بإعتبارها ظاهرة نفسية بحتة يجعل المشكلة أحادية البعد ، ويعزل الفرد كجهاز مغلق عن بقية المثيرات الإجتماعية التي تحيط به والتي تؤثر فيه بما قد يدفعه للسلوك الإنتحاري كما يحدث لدى الكثيرين . وعلى هذا الأساس قام علماء الإجتماع بتقديم تفسيرات إجتماعية لظاهرة الإنتحار .
فقد ذهب إميل دور كايم إلى ان ظاهرة الإنتحار إجتماعية ترتبط أساسا بالنظام الإجتماعي وما يطرأ عليه من ظروف تغير مفاجئ أو ما يجري على الجماعات الاجتماعية . وقد اقترح ( دور كايم ) اربعة أنواع لإنتحار جميعها تؤكد على قوة أو ضعف علاقات الشخص أو روابط بالمجتمع فالإنتحار الأناني يحدث حينما تكون للفرد روابط قليلة جدا بالمجتمع ولم تحقق له مطالب الحياة . ويحدث الإنتحار الإيثاري حينما تكون للشخص روابط إجتماعية قوية جدا لدرجة أنه يضحي بنفسه من أجل الجماعة . أما الإنتحار اللامعياري يحدث حينما تتحطم فجأة العلاقات المعتادة بين الفرد والمجتمع مثل وقوع صدمة أو فقد مباشر للعمل أو فقد صديق حميم أو ثروة ويحدث الإنتحار الجبري من تنظيم متزايد يفرض على الأشخاص مثل العبيد حين لا يرون بصيص أمل للحرية في المستقبل .
ويختلف (دوجلاس ) مع وجهة نظر دور كايم إلى أن المعاني الإجتماعية للإنتحار تختلف بشدة فكلما تكاملت المجموعة على نحو جماعي أكبر زاد إشمئزازها من الإنتحار .
العلاقة بين الإنتحار وبعض التغيرات النفسية :
يعتبر الإكتئاب من أهم العوامل المرتبطة بالإنتحار ويعد الإكتئاب من أكثر التشخيصات النفسية مرتبطة بالإنتحار إذ إن المكتئب شخص محيط ورافض للحياة وينتحر حوال ( 15% ) ممن لديهم إكتئاب شديد ومن بين المنحرين لوحظ أن ( 80% ) منهم كانوا يعانون من الإكتئاب . كما لوحظ أن (25%) من المنحرين كانوا مدمنين حيث يطلق إدان بعض المواد المثبطات لدى المرضى المكثرين فجعلهم يقدمون على الإنتحار .
وبالرغم من أن غالبية حالات الإنتحار قد لاتقع ضمن أي تصنيف مرضي معين فإن الإضطرابات الاكتئابية والهوس والقلق واضطرابات الذعر وغير ذلك من الإضطرابات النفسية تكون متعلقة ببعض أشكال الإنتحار . ويعتبر الإكتئاب أكثر الإضطرابات النفسية تكرارا لدى محاولي الإنتحار .
كما أنه كلما كان اليأس ملازما للإكتئاب وتفاعلا معا فإن هذا من شأنه أن يزيد من درجة الانتحار بشكل أكثر مقارنة بتأثير أحدهما على الإنتحار .
المصدر / دلال ملحس ، عمر موسى سرحان : المشكلات الاجتماعية ، دار وائل ، عمان ( الأردن) ، 2012م ، ص ( 96-97) .