مناهج المتأخرين دراسيا
يشكل هذا مظهرا من المظاهر الإدارية لمشكلات التأخر الدراسي ، ويتصل هذا المظهر اتصالا مباشرا بنوع الخبرات والتجارب التعليمية التي تلائم هذا النوع من التلاميذ ،كما يتصل بطرق تدريس هذه الخبرات وتقديمها إليهم ، فمن أسباب الصعوبات التي يعانيها المتأخرون دراسيا في المدارس العامة هو مطالبتهم بدراسة وتحصيل مواد على درجة معينة وتحتاج إلى مستوى لا يقل عن المتوسط من حيث الذكاء العام ، ولا شك أن تحديد حاجات هؤلاء التلاميذ ومستوياتهم وإعداد الخبرات والمعلومات والمهارات التي تسد هذه الحاجات وتلائم تلك المستويات أمر في غاية الصعوبة بالنسبة إلى المدرس العادي ولذلك فإنه لابد من أن يعمل المدرسون مع الموجهين والأخصائيين المختلفين وبالاشتراك مع الإدارة المدرسية لوضع أو اختيار المنهج المناسب ، وكلما تم التعرف على التلميذ المتأخر في وقت مبكر وأمكن تحديد نوع تأخره كلما سهل إعداد البرنامج الدراسي الملائم له .
إن أي منهج دراسي سواء للمتأخرين أو غيرهم لابد أن يأخذ في الاعتبار الأهداف التربوية الأساسية والتي ينبغي أن يكون من بينها ما يلي :
• تحقيق ذات الفرد وتأكيدها .
• تحقيق الكفاية الاقتصادية عن طريق تكوين المهارات الضرورية للمهن والأعمال المشروعة .
• الإعداد لتقلد المسئولية المدنية ولأداء الأدوار الاجتماعية كمواطن ايجابي .
• التزود بالمهارات اللازمة لعيش في مجتمع متطور .
وقد ناقش بلوم وموراي هذه المشكلة سنة 1957م وقدما طرقا متعددة يمكن أن يختار بينها عند وضع منهج للتلاميذ المتأخرين وتكاد تنحصر هذه الطرق فيما يلي :
1. الطرق النمائية : ترتكز هذه الطريقة على الخبرات التي لها تأثير فعال في الحياة العامة للتلاميذ المتأخرين دراسيا ، حيث تؤكد هذه الطريقة على الحاجات المستقبلية لهؤلاء التلاميذ والخبرات التي تشبع هذه الحاجات مع الوضع في الاعتبار حاجاتهم الحالية أيضا .
2. طريقة التعديل والتحوير : تركز هذه الطريقة على التغيير والتحوير في محتوى المنهج الدراسي العادي بهدف ملائمة المنهج لهؤلاء المتأخرين دراسيا ، مع مراعاة ان تشتمل نشاطات هذا المنهج على المحسوسات مع التأكيد على قاعدتين أساسيتين هما :
• أن تكون الخبرة مباشرة .
• أن تتمركز الخبرة حول أشياء واضحة ملموسة .
3. الطريقة المبسطة : تؤكد هذه الطريقة أهمية تدريس المنهج العادي لجميع التلاميذ مع مراعاة تبسيط المعلومات واختصارها وزيادة توضيحها للتلاميذ المتأخرين فلا تستدعي هذه الطريقة حذفا أو تغييرا لمحتوى المنهج أو خروجا على التتابع الذي يعتبر أصلا من أصوله ولكنها تقوم بعملية تطويع للمنهج العادي وتبسيط محتواه وعرضه بطريقة أكثر ملائمة للتلاميذ المتأخرين ، ويكاد يكون هذا التغيير في طرقية التدريس لا المحتوى .1
إن عملية إعداد مناهج للمتأخرين دراسيا الذين يواجهون صعوبات في دراسة المنهاج الموضوع لهم مسبقا ترتكز على قصر المعلومات أو المحتوى على ما هو ضروري ليسهم في تنمية الفرد وتحمله المسئولية وبناء الوطن ، والسعي لتقديم المحتوى المتاح بصورة بسيطة يستطيع المتأخرون من خلالها استيعاب المادة المطروحة ، حيث يتم التعامل مع هؤلاء التلاميذ وفق قدراتهم وامكانياتهم المتاحة ورفعا إلى أعلى مستوى دون الضغط عليهم للوصول إلى مستويات تفوق قدراتهم ، وفي هذا مراعاة للفروق الفردية للتلاميذ ، وحق كل تلميذ في التعلم والنجاح والتطور والبناء .
____________________________________________________________________________________________________
1-الخدمة الاجتماعية التعليمية ، د.فيصل محمود الغرابية ، الأردن ، الجنادرية للنشر والتوزيع ،2012، ص177-179.