إن جذور هذه المشكلة هي البيت، نوعية العلاقة بين الوالدين بعضهما ببعض ، ونوعية العلاقة بين الوالدين أو أحدهما بالأولاد، هذه هي الأساس ،كما أن نوعية علاقة الأسرة بالأقرباء والجيران من الناحية العاطفية تؤثر تأثيراً كبيراً سلباً أو إيجاباً في عملية الانطواء أو الانبساط والفروق الفردية من حيث التكوين الجسدي والنفسي والعقلي وما رافق الحياة من ظروف محيطة وخاصة، كل ذلك يحدد أيضاً ملامح شخصية الطفل المنبسطة أو المنطوية فكلما كان الطفل ذو تكوين جسمي سليم وقوي ونمو عقلي سليم وصحيح وكلما كانت حياة الطفل خالية من ظروف غير طبيعية وكانت و كانت علاقة الأبوين بعضها ببعض وبأفراد الأسرة جيدة وكانت علاقة الأسرة بالجوار والأقرباء طبيعية منتظمة كان الطفل أقرب إلى الانبساط منه إلى الانطواء ومثل هذا الطفل غالباً ما يكون طبيعياً في المدرسة فالطفل الاجتماعي في الأسرة والجريء لا يمكن أن يكون منطوياً في المدرسة، اما الطفل الذي رُبي تربية منعزلة فإننا نجد فيه تربة صالحة للانطواء حيث أن وجود معلمة شديدة أو مخيفة بشكلها أو تصرفاتها أو أقوالها يجعله ينكمش ويبتعد عن إقامة علاقات اجتماعية بزملائه وخاصة إذا كانت المعلمة تعاني من ظروف خاصة أو مشاكل تبقيها حزينة أو متوترة، وهذا طبعاً حالة شاذة أو خاصة يجب أن لا توجد في معلمة الطفل. وهناك حالات خاصة يحصل فيها الانزواء أو الانطواء بسبب سفر الوالد وبقاء البيت دون علاقات اجتماعية، وتعلق الطفل بالوالد أصلاً وبقاء البيت دون رجل يدخله حيث يكون أي إنسان غريب يراه الطفل مثيراً للخوف عنده وخاصة في بداية خروجه إلى الجو الاجتماعي إن كان في الروضة وخارجها، كما أن وقوع أحداث مخيفة إلى حد كبير تجعل الطفل يصاب بردة فعل تصل إلى درجة الانكماش عن كل شيء والانسحاب إلى الذات.
*بتصرف
فريد حسن: كيف نربي أطفالنا المشاكل السلوكية للطفل ، دار ربيع، حلب، 2003، ص31-32