الخوف
إن المشكلات الانفعالية تكاد تكون أهم المشكلات التي عانت ولازالت تعانى منها المجتمعات الإنسانية إلا أنها في وقتنا الراهن أخذت تغزو كل المجتمعات بلا استثناء بصورة سريعة وقوية ولعل ذلك يرجع أساسا إلى ابتعاد الناس عن التركيز على العملية التربوية وفقا للأسس التربوية ولعلها إحدى نتائج الحياة الحضارية الجديدة التي نعيشها الأن فكما أن للحياة الحضارية جوانب إيجابية تتمثل في سهولة الحياة والتطور العلمي والصناعي وما إلى ذلك، فإن لها نواحي سلبية تتمثل في ضعف العلاقات الاجتماعية والانشغال الدائم بمستلزمات الحياة ومن الابتعاد نوعا ما عن الحياة الأسرية مما يضعف من النتاج الأسري ويعمل على خلخلة الركائز الاجتماعية ومن هذه الانفعالات والتي تظهر بصورة واضحة في مجتمعاتنا وخاصة لدى الأطفال وهي مشكلة الخوف عندهم أو ما تعرف بالمخاوف المرضية عند الاطفال.
والخوف هو عبارة عن استجابة انفعالية على درجة كبيرة من الشدة متعلقة بمراكز عصبية في المهاد أو الدماغ المتوسط، وهو شعور بالخطر يدفع الفرد لرد فعل يبعده عن الخطر والأذى.
وهو أيضا خبرة عامة شاملة يتعرض لها كل الناس، إنها خبرة ذاتية قد يشعر بها الفرد نتيجة للوحدة والعزلة.
أسباب الخوف:
إن للخوف أسباب كثيرة ومتعددة ومن أهم هذه الأسباب التالية:
1. قد تكون أسباب المخاوف خبرات مؤلمة أو أحداث مفزعة تعرض لها الفرد من الطفولة المبكرة، أو من خلال أي فترة من حياته إن مثل هذه الاحداث وخبرات تكبت من اللاشعور وتسبب للفرد العقد النفسية والمخاوف المرضية.
2. غياب الأم المتكرر وتركها الطفل فترات طويلة مما يشعره بفقدان السند وتهديد شعوره بالأمن فينجم عن ذلك مخاوف متعددة.
3. استماع الطفل إلى قصص مخيفة عن الحيوانات المفترسة والوحوش الكاسرة والأشباح والفيلة التي تظهر في الظلام وكذلك رؤية للأفلام المرعبة التي يراها على شاشة التلفزيون.
4. تأثير الطفل بمخاوف الآخرين فتنتقل عدوى الخوف عندما يرى طفلا خائفا ويكون الخوف أكثر شدة عندما يرى الكبار يخافون، مما يوحي إليه بوجود خطر داهم يحيط به ولا يستطيع الكبار تفاديه. فخوف الم من الحيوانات والحشرات ومن الظلام ينتقل لطفلها بالإيحاء والمحاكاة.
5. حرص الوالدين الشديد على الطفل وعلى حياته، فكثيرة التهديدات والمحظورات التي توحي بالخوف تثبت لدى الطفل مشاعر الخوف، فكثير من الآباء يكثرون من التحذيرات لأطفالهم " لانتظر من النافذة" " لا تخرج للشارع خوفا من التعرض للبرد" وغيرها من العبارات .
مثل هذه التحذيرات والتهديدات المتكررة والتي لا يكف الآباء عن ترديدها لأطفالهم كفيلة بترسيب مشاعر الخوف لدى الأطفال.
سمات الخوف:
يستجيب المريض الخواف بالرعب الشديد لمواقف أو لموضوع معين لا يمثل في حد ذاته مصدرا للقلق وتظهر على الخواف زملة من الأعراض التالية والي تختلف في حدتها طبقا لخطورة المصدر ودرجة استجابة الخواف له:
1. سرعة دقات القلب.
2. عرق ورعشة.
3. عرق بارد.
4. دوار وشعور بالضيق.
5. ضعف الثقة بالنفس.
6. الشعور بالنقص وعدم الشعور بالأمان.
7. صعوبة التنفس.
8. القلق والتوتر.
9. الامتناع عن بعض مشاعر السلوك العادي كالامتناع عن الأكل في المطاعم و عن مغادرة المنزل.
10. السلوك التعويضي مثل النقد والسخرية.
11. الأفكار الوسواسية والسلوك القهري.
علاج مخاوف الاطفال:
يمكن تقسيم العلاج كالآتي:
العلاج الجسدي: ذلك بأن صاحب البنية الضعيفة والأعصاب الهشة والمريض هو أقرب إلى الخوف من غيره من الأسوياء. وقد يكون العلاج حين إذن دواء مقويا واستعادة للصحة والنظرة المتفائلة للحياة.
ضبط الخيال: ذلك بان الخوف يتحكم في الإنسان بواسطة الخيال و الوهم. إن الوهم هو الذي يخضعنا لتأثر الأشباح والعفاريت ولذلك كان من واجب المربي إن يعود الطفل ضبط خيالة دون القضاء عليه.
العادة: وهي وسيلة هامة من وسائل القضاء على المخاوف، وذلك بتعويد الطفل السير في الظلام ومواجهة الامور التي تخيفه فالعادة تذهب الرهبة بيد انه لابد من كثير من اللباقة والكياسة لتعويد لاسيما بعد حصول الخوف.
الإيحاء: وينحصر الإيحاء الذاتي في أن يكرر الخائف القول لنفسه بأنه لا يخاف وأنه شجاع، وأن يتصرف تصرف الشجعان ويتخذ مواقفهم وأوضاعهم الجسدية على حد السواء. وفي حالة الأطفال فإن على المربي أن يحملهم على القول بأنهم شجعان لأنفسهم ولغيرهم، وأنهم لا يهابون موضوع خوفهم وقد يساعدهم الراشدون مساعدة كبرى بأن يعلنوا بأنهم أي الأطفال شجعان لا يخافون، مثيرين بذلك كبريائهم وعزة نفسهم.
المعرفة :أخيرا تبقى وسيلة أساسية وهامة وهي تعريف الطفل بموضوع خوفه ومساعدته بأن يراه على حقيقته. ولاشك بأن حسن المحاكاة وصحة الإدراك واللجوء إلى العلم وتعويد الطفل ضبط النفس أسس هامة لكل وقاية وكل علاج.
د. فيصل محمود الغرايبه، الخدمة الاجتماعية التعليمية، الجنادرية للنشر والتوزيع، عمان – الاردن، ط1، 2012م، ص236 ص249 ص252 ص263.