بسم الله الرحمن الرحيم
اما بعد : اضع بين ايديكم موضوع هام وطارئ يتحدث عن احدى الظواهر الخطيرة والتي انتشرت في الاونه الاخيرة في مجتمعاتنا الاسلامية وبين اطفالنا و شبابنا في المدارس ، وهي ظاهرة الايمو .. وسوف اقوم بتناول ابعاد الظاهرة كالتالي :
مصطلح الإيمو(emo):
والإيمو: اختصار لكلمة ايموشنال "emotional" وهي مصطلح يطلق على الشاب أو الفتاة ذات الشخصية المتمردة والنفسية الحساسة، وغالباً ما يبدو صاحبها حزيناً متشائماً كئيباً وصامتاً وخجولاً، أطلقت بالبداية على نوع من الموسيقى التي تبدأ منخفضة وهادئة ثم ترتفع بشدة, ثم أصبحت تسمية لجماعة تتبع نظام لبس معين، وموسيقى معينة وتسريحة شعر معينة, وقد أخذت هذه الظاهرة بالانتشار بين الشباب المراهقين بين عمري 12-17عاما.
النشأة:
بدأت أوائل التسعينيات، وهي عبارة عن فرَق موسيقية كانت تغني أغاني عاطفية، كان لها أثر في جذب الأطفال، والشباب الذين يشعرون بالحرمان، والهجران, فانبثق عن ذلك فرقة تُعنى خاصة بأغاني الأطفال, وقد سميت باسم فرقة (Weezer) اشتهرت أغانيها بين الأطفال، والشباب، حتى حصل قائد هذه الفرقة على لقب "آلهة الإيمو", وقد تميزت هذه الفرق وأتباعها بلباس معين، وشكل معين مميز، فالملابس ضيقة، والشعور داكنة محترقة, والمكياج خاص, وقد اكتنف هذه الفرقة جو من الغموض والسرية ظهر بعد ذلك في حادثة أثارت الرأي العام، وهي حادثة انتحار فتاة تدعى "هنا بوند" ، تنتسب لهذه الفرقة, وقد تبين أن لهذه الموسيقى - "الإيمو" - سبب في إقدامها على الانتحار.
فقد تبين خلال التحقيق أن هذه الفتاة كانت تناقش "روعة الانتحار" في صفحتها على الإنترنت؛ بل شرحت لوالديها بأن إيذاءها لنفسها كان فقط جزءًا من كونها "إيمو".
وعلى إثر هذه الحادثة: خرجت تقارير تبيّن خطر فرق "الإيمو" , وأثرها على الأطفال، والمراهقين, وخصوصاً من يعيش اليتم والحرمان, فقامت بعض الدول بمنع هذه الفرق, وحظرت أي شكل من أشكال "الإيمو".
ثم تطورت هذه الفرق الموسيقية إلى اتجاه سلوكي, حتى صارت السمة البارزة لهذه الفرقة: إيذاء النفس بتشريط وتقطيع الجسم عند المعصم، أو الذراع، أو الساق، أو البطن، أو القيام بحرق الجسم بسيجارة، أو كبريت مشتعل.
والدافع لهذا الإيذاء: محاولة لتحمل الألم العاطفي، أو الضغط الشديد من قبَل والديهم - مثلاً - أو المشاكل في العلاقات والحب.
وقد تكون نتيجة لمشاعر قوية لا يعرف الشخص كيف يعبر عنها، كالغضب، والألم، والعار، والاستياء، أو الإحباط، أو لفراغ روحي تكون نهايته الإيذاء والانتحار.
عبادة الشيطان:
الايمو ليس لهم ديانة محددة، يقول البعض: إنهم عبدة الشيطان لأن الوشم والرسومات التي يرسمونها على أجسامهم توحي إلى الشياطين، خاصة أن بعض المنتسبين إلى هذه المجموعات قد انحرف بآرائه وأفكاره إلى عبادة الشيطان، لكن الإيمو بحد ذاته ليس دينا، وإنما ثقافة ثانوية، ينتمي إليها مراهقون عاديون ذو أديان مختلفة، كما أنهم لا يمارسون طقوسا أو يقومون بأعمال تشير إلى انتمائهم إلى مثل هذه الأمور. وبالتالي لا يمكن اتهامهم بهذا الأمر.
وتجدر الإشارة هنا أن عدم فهم هذه القضية جيدا يؤدي إلى إساءة تصرف البعض مع هؤلاء الشباب والفتيات؛ فيزدادون في انحرافاتهم وآرائهم الشاذة، لذلك يجب إدراك أن الايمو ثقافة غربية يساعد على تبنيها حالة نفسية يعيشها الشباب، حيث يعتقد فيها الخلاص مما يعاني وليس بالضرورة أن يتحول عن عقيدته ودينه في هذه الأثناء لكنه ولا شك على خطر عظيم.
خطورة الإيمو:
على الرغم من خطأ اتهام الإيمو بعبادة الشيطان – وإن وجدت مجموعات منهم تعبد الشيطان- إلا أن ظاهرة الإيمو تحمل مخاطر شديدة تهدد بنية أي مجتمع، إذ إنها تصبغ الشباب والفتيات بصبغة تدعو إلى إبراز العاطفة بأي صورة كان هذا الإبراز حتى ولو تجرد من الآداب والأخلاق والقيم والعقائد، ومن ثم يبدأ هؤلاء الشباب في ممارسات شاذة تحت دعوى ضرورة إظهار العاطفة وعدم الخجل منها، وهكذا يتمّ توظيف العاطفة بشكل خاطئ بين هؤلاء الشبان الصغار؛ فتروّج الدعوة إلى الشذوذ الجنسي، والإلحاد، والألم الجسدي، وهم يرون أنّ أحدهم إذا أصابه ألم نفسي فإنّ عليه أن ينساه بالألم الجسدي وإيذاء الجسد وتعذيبه، وقد يستعيضون بالألم الجسدي عن الألم النفسي، فيجرحون أنفسهم ليتألّموا جسديًّا، ويغلب ألم الجرح ألمهم النفسي، كما يدّعون، ولدى هؤلاء نزعة إلى الانتحار نتيجة الانسحاب والعزلة، وعدم التعامل مع المحيط الاجتماعي وتضخيمهم للمشاكل واستدعائهم ذكرياتهم الأليمة وقد تصل الأمور في كثير من الأحيان إلى الانتحار كما وقع للفتاة التي تدعى "هنا بوند".
الانتشار:
نشأت الايمو في أمريكا الشمالية، ومنها انتقلت إلى أوروبا ونتيجة لضعف المناعة الفكرية التي تعاني منها الأجيال الناشئة في مجتمعاتنا، بالإضافة إلى حالة الانفلات الإعلامي غير المنضبط بأي قواعد ولا آداب، فقد انتقلت هذه الظاهرة إلى مجتمعاتنا ورأينا مجموعات من هؤلاء الشباب والفتيات في الشوارع والأماكن العامة والمدارس.
ففي مصر وقبل عام ونصف ألقت قوات الأمن المصرية القبض على مجموعة كبيرة تنتمي إلى الإيمو أثناء ممارستهم لطقوسهم الغريبة من جرح للنفس وتعذيب للذات، وكشف الشباب المقبوض عليه أنهم تأثروا بثقافة الايمو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
نفس الأمر تكرر في الكويت، وفي العراق أشارت تقارير عربية وعالمية إلى انتشار هذه الظاهرة بين الشباب والفتيات بشكل كبير، خاصة في محافظتي بغداد وبابل، الأمر الذي دفع عدد من الجماعات المسلحة في ظل حالة الانفلات الأمني إلى استهداف هؤلاء الشباب.
وفي السعودية حذرت وثيقة حكومية من انتشار ظاهرتي "الإيمو" و"البويات" في أوساط طلاب التعليم العام والجامعي في المملكة، وطالبت نحو عشرين جهة حكومية ذات علاقة بمتابعة الظاهرتين وتطبيق نظام رادع بحقهم.
وتناولت الوثيقة، التي أعدتها جهة مختصة بوزارة الداخلية، تفاصيل وسلوكيات الأشخاص المنتمين للظاهرتين، حيث أعطت أوصافا لمنتحلي شخصية "الإيمو" بأنهم يرتدون ملابس فاقعة اللون أو قاتمة السواد، ويتركون شعر الرأس منسدلاً من الأمام ليغطي العين اليسرى، سواء كانوا أولاداً أم بناتا.
وأكدت الوثيقة التي جاءت بعنوان "بشأن معالجة بعض السلوكيات المنحرفة بفئة الشباب والبنات"، انتشار ظاهرة "الإيمو" التي اعتبرتها وافدة على المجتمع وسلوكاً منحرفاً برز في بعض مناطق المملكة، وتمارس بشكل خفي.
وحللت الوثيقة تلك الظاهرة من خلال وجود منتديات إلكترونية كثيرة "تدعو للانسلاخ عن عادات وتقاليد المجتمع، استخدمت التقنية في غير ما خصصت له، ويجب التصدي لها".
وطالبت المسؤولين بالجامعات ووزارة التعليم العام بمحاربة الظاهرة عبر إجبار أصحابها على كتابة تعهد خطي بعدم العودة لها، ولا يسمح لهم بالدراسة (ولد أم بنت) إلا بعد إصلاح ذاته.
كما طالبت الوثيقة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراقبة الأماكن العامة، ومراعاة التقيد بالنظام لمحاربة ظاهرة "الإيمو".
وفي سوريا انتشرت هذه الظاهرة بين شباب الجامعات، وقد دشن هؤلاء الشباب صفحة لهم على موقع التواصل الاجتماعي بعنوان "إيمو شباب وصبايا سوريا" حيث تهدف هذه الصفحة إلى تعارف مجموعات الإيمو بعضها على بعض وتحقيق نوع من الترابط فيما بينهم.
العلاج:
وعلاج هذه الظاهرة ينبغي أن يكون على أكثر من مستوى:
فعلى المستوى الأسري يجب أن يحرص الوالدان على أن يمدوا جسور التواصل مع أبنائهم، وأن يوفروا لهم الأجواء الأسرية الآمنة، وأن يسود جو من المودة والآلفة والمحبة.
وعلى المستوى المجتمعي يجب أن تسن القوانين التي تحد من هذه الظواهر، وتحمي الشباب من الانحراف وتكون رادعة للمنحرفين، كما يجب لمؤسسات المجتمع الشرعية والاجتماعية والتعليمية الإعلامية أن تقوم بدورها وتوفر الرعاية والحماية والتوعية والتوجيه لأفراد المجتمع، كما يجب أن يوفر المجتمع للشباب الأنشطة الهادفة لكي يقضوا أوقات فراغهم بما يعود عليهم بالنفع وعلى مجتمعاتهم.
على المستوى المدرسي ينبغي توفير البيئة الصالحة والمناخ المناسب لتنشئة اجتماعية وتربوية سليمة، وأن يدرك المعلم والمشرف التربوي أدوارهما جيدا في بناء شخصية الطالب.
وعلى المستوى الفردي يجب تقوية صلة الفرد بربه، وتقوية إيمانه وعقيدته، كما يتحتم اللجوء للعلاج النفسي للأفراد الذين يعانون من مشاكل التكيف والعزلة والاكتئاب؛ حتى يتم شفائهن من هذه الأمراض، ويعودوا عناصر فاعلة ومشاركة في المجتمع.
المصادر:
- موسوعة ويكيبيديا.
- موقع الإسلام سؤال وجواب، ما رأيكم في ظاهرة الإيمو؟
- موقع ملتقى طلاب سورية.