المراهق و الانفعالات.
يمر الفرد في مرحلة المراهقة كما هو معروف بالعديد من الانفعالات المختلفة ، و هو ما يسمى بالنمو الانفعالي الذي يقصد به نمو في الحالة الوجدانية للمراهق اتجاه ذاته و اتجاه الآخرين ، و بلا شك فإن هذا النمو الانفعالي عند حدوثه يصاحبه تغير فسيولوجي و تغير سلوكي تعبيراً عن هذا النوع من الانفعالات.
و يعود سبب ظهور الانفعالات المختلفة لدى المراهق إلى عدة عوامل ترتبط بالتغير الهرموني في الجسم، و عوامل نفسية و اجتماعية مختلفة.. إلخ.
لذلك كان لا بد لكل إخصائي اجتماعي أن يكون على دراية و علم بالانفعالات المختلفة التي يشعر بها المراهق و توجه سلوكه بطريقة معينة، لذلك لا بد أن يراعي المراهق في انفعالاته الطبيعية هذا من جانب ، و من جانب آخر كون أن الإخصائي الاجتماعي يتعامل مع الكثير من مشكلات المراهقين التي قد يكون منشأها هذا الانفعالات ، أو أنها عوامل ساعدت على التأثير في حدوث المشكلة بشكل أو بآخر.
ومن هذه الانفعالات على سبيل الذكر لا الحصر:
العنف و عدم الاستقرار: فالمراهق قد يثور لأتفه الأسباب و هذا يؤدي به إلى إيذاء نفسه و الأخرين بمختلف أشكال العنف التي تودي به إلى المشاكل، كما أن درجة غضبه و عنفه يعتمد على البيئة التي تربى فيها و القيود التي وضعتها في التعبير ع انفعالاته. كما قد يبدو عليه عدم الاستقرار فقد تجده بين يأس و أمل و أهداف عريضة، و قد تراه أحياناً متدين و أحياناً في تشكك و صراع ديني و هكذا، و يرجع ذلك إلى حالة عدم التوافق التي يمر بها المراهق من صراع مع الاسرة و تغيرات جسمية و دوافع جديده و غيرها.
القلق و مشاعر الذنب: و هذا القلق قد يكون خوف من مجهول ما أو خوف من حدوث شي سيء له نتيجة دوافعه العارمة في تحقيق رغباته بطريقة لا يرتضيها المجتمع أي أنه صراع نفسي ، فمثلاً بعض المراهقين تظهر عليهم الدوافع الجنسية في مرحلة المراهقة لكنه لا يستطيع التعبير عنها عملياُ لارتباطها بمفهوم غير أخلاقي و مفاهيم القذارة و المرض و الشعور بالذنب ، لذا يجب أن يضع الإخصائي في الاعتبار هذه الانفعالات التي تجعل المراهق في حالة عدم تكيف نفسي أو اجتماعي.
التمركز حول الذات: التمركز حول الذات في المراهقة يختلف عن التمركز الذاتي في الطفولة، و يقصد به أن المراهق لا يستطيع أن يخرج عن إطاره الذاتي، فهو عندما يكتسب القدرة في حل مشكلاته والتفكير في حالته النفسية وفي النشاط العقلي الذي يخصه فإن هذا يمكنه من التفكير في حالات الاخرين النفسية و العقلية، و لكنه نتيجة لانعدام خبرته و انشغاله الشديد بنفسه في هذه المرحلة فإنه سيعتقد أن ما يشغل الاخرين هو نفس الاشياء التي تشغله و بالتالي تظهر العديد من الظواهر السلوكية التي يمكنك أن يلاحظها الإخصائي في المراهق مثل:
• استشعار الذات أو( الحساسية نحو الذات): و تعني أن المراهق إذا كان مشغول بمظهره مثلاً لما (يترتب عليه من جاذبية و كفاءة و مركز اجتماعي ) فإنه سيعتقد أن الآخرين جل ما يشغلهم هو مظهر هذا المراهق و هندامه فيصبح المراهق حساساً بشكل واضح لفكرة الآخرين عن ما يشغل باله هو.
• المراقب الوهمي: و يعني أن المراهق يستشعر وجود شخص يشاهده و يهتم بحركاته و كل ما يخصه، فتراه يتصرف بناءا على معتقده في مشاعر هذا المراقب الوهمي نحو المراهق نفسه ، و هذا فالحقيقة يعرضه للعديد من المشاعر السيئة ، فمثلا أذا قامت مراهقة بصرف الكثير من المال لشراء ثوب معين و كان في اعتقادها وجود مراقب وهمي سيمتدح هذا الثوب و يستحسنه فإنها قد تصدمها بعض ردود الآخرين في استهجان هذا الثوب.
و أهم ما يجب أن نشير إليه أن هذا التمركز الذاتي سيتلاشى عند وصله لعمر 15 أو 16 حيث يبدأ المراهق في إدراك ذاته و الآخرين بطريقة واقعيه.
المصدر: د. عماد الدين، إسماعيل، النمو في مرحلة المراهقة، الكويت، دار القلم، 1982، الطبعة الاولى.