الكذب :
الكذب من الظواهر السيئة التي انتشرت في كل المجتمعات الموجودة على سطح الارض الاسلامية وغير الاسلامية، وهي ظاهرة مكتسبة وليست وليدة اليوم.
فبالتالي اصبح الكذب ظاهرة منتشرة انتشارا واسعا بين الطلاب وقد يكون ايضا بين الكباروالمعلمين ، ومعناه ان الطلاب ينكرون اعمالا قد قاموا بفعلها ويختلقون اعذارا وامورا ليس لها اساس من الواقع.
وهم يتعلمون الكذب من البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها ومن اساليب التربية الاجتماعية التي يخضعون لها في اسرهم ومدارسهم وبيئتهم.
ولذلك نقول ان الكذب ليس له سبب واحد بل له عدة اسباب مجتمعة بعضها مع البعض.
ونلاحظ ان الكثير من الآباء ينزعجون كثيرا من كذب اولادهم ويعتبرون ذلك بداية لعهد شرير ويرجعون هذه الظاهرة في اولادهم لأثر الوراثة او التربية السيئة من الطرف الآخر، كأنه ليس لهم يد في هذا الامر ولم يكونوا سببا فيه.
وقد يلجأ بعضهم للإذلال او الضرب ظنا منهم ان هذا النوع من العلاج كفيل بالقضاء عليه، ولكنه في الواقع علاج ظاهري وطريقة سطحية لاتعالج اسبابه الدفينة، وعوامله الفعالة، وسرعان مايعود الطفل للكذب من جديد لان الدافع الاساسي للكذب لايزال فعالا في نفسه لذا لا بد من القول انه قبل معاقبة الطفل على كذبه يجب ان نبحث عن الاسباب العميقة والدوافع النفسية التي حملته على الكذب، لان القضاء على الجرثوم خير من معالجة أعراض المرض الظاهرية.
أسباب ظهور الكذب:
ليس للكذب عند الطلاب سبب واحد ينتج دائما عنه، ولكن له اسباب كثيرة منها
1- القسوة والكبت: قد يكذب الطالب لانه اذا قال الحقيقة فان والده او والدته او معلمه سوف يعاقبونه بقسوة وعنف فهو هنا يستعين بعمليات الكبت لإخماد نزعاته في اللاشعور، وانه لم يستطع ان يعبر انفعاليا، ومعنى ذلك الكبت ان يعاني الطالب او الطفل من القلق الداخلي ويلجأ للكذب بطريقة يستهدف من ورائها اعجاب امه او ابيه او أخيه او مدرسه او خوفا من ان يقع تحت العقوبة والضرب والتخويف.
2- عدم اشباع غريزة التملك: - اذا شعر الطالب بان البيئة المحيطة لاتشبع في نفسه الميل لحب التملك في الوقت الذي يرى زملاءه يتملكون لعبا وادوات واشياء اخرى كالسيارة مثلا وهو محروم منها، هنا يلجأ للكذب فيحدث الآخرين من اصدقائه عن لعبه وادواته وممتلكاته وليس عنده منها شيء في الواقع، ومثل هذه الاكاذيب تجعله يعيش في جو فكري اشبع فيه حب التملك حيث يتحقق له في الفكر ما حرم منه في الواقع.
3- حب الظهور: من المعلوم ان الطلبة غير متساوين فهناك الفروق الفردية بينهم اذ قد يكون الطالب متفوقا على الآخر بسبب مستوى ذكائه او قد يكون مستوى اسرته الاقتصادية اقل من مستوى اسرة زميله الطالب, وهنا يتحدث الطالب عن اكاذيب مثل وصول عائلته الى مركز مرموق بها او غناها وفي كل هذه الاساليب تشعر النفس بأنها تكمل نقصها وتعظم ذاتها.
4- الغيرة او (التفرقة بين الاطفال): الطفل البكر الذي يحظى بمنزلة خاصة من أبويه وبعطفهما ورعايتهما يغار من اخيه الصغير الذي جاء لينافسه في هذه المكانه وذلك الحب, وهنا يلجأ الطفل للكذب مدفوعا بالغيرة من اخيه الصغير المنافس فيدعي المرض مثلا ليجلب العطف والاهتمام، وهذا المرض لجأ الطفل الى ادعائه ليثلج به صدره.
5- حب الانتقام، ورغبة الطفل في السيطرة: يلجأ الطالب احياناً الى الكذب عندما يجد طفلا آخر متفوقاً عليه او قام بأذاه فيلجأ الى ادعاء الكذب بان ذلك الطالب قد قام بأعمال سيئة او منافية لآداب المجتمع وذلك ليوقع به الأبوين او المعلمين مما يريح نفسه ويشفي غيظه.
6- الكذب التخيلي: يلجأ بعض الاطفال والطلاب الى هذا الكذب لانهم في حقيقة الامر لايفرقون بين الواقع والخيال فعندما يقص احد الآباء على الطفل قصة ما فيلجأ في قراره الى تحويل هذه القصة حتى تظهر فيها شخصية ثانية تختلف عن الاولى احياناً تمام الاختلاف.
والمسؤولون عن علاج الكذب هم الآباء والمربون لأن التعاون بين البيت والمدرسة ضروري ومطلب هام في سبيل القضاء على هذه الظاهرة السيئة التي انتشرت بين أبنائنا الطلاب.
كيف تكتشف الأسرة أو الأخصائي الكذب عند الطالب و طرق علاجه:
1- يجب ان يتبين الاخصائى أو اسرة الطالب اذا ماكذب الطالب ان كان كذبه نادراً ام متكررا وان كان متكررا، فما الدافع اليه، وان يمتنعوا عن علاج الكذب بالضرب او التأنيب او السخرية وانما يعالجوا الدوافع الأساسية ،التي دفعته اليه ويغلب ان يكون العامل المهم في تكوينها هو بيئة الطالب كالأبوين او المعلمين.
2- ان الطفل اذا نشأ في بيئة تحترم الصدق ويفي افرادها دائما بوعودهم، وإذا كان الابوان والمعلمون لايتجنبون بعض المواقف باعذار واهية كادعاء المرض والتغيب وبعبارة اخرى إذا نشأ الطالب في بيئة شعارها الصدق قولا وعملا فطبيعي جدا ان ينشأ امينا في كل اقواله وافعاله.
3- اذا توفرت له عوامل تحقيق حاجاته النفسية والطبيعية من اطمئنان وحرية وتقدير وعطف وشعور بالنجاح، واسترشاد بتوجيه معتدل.
اذا توفر هذا كله فان الطالب لايلجأ الى التعويض عن نقص او التغليف ضد قسوة او الانتقام من ظلم او غير ذلك من الاتجاهات التي تجد في انواع الكذب صوراً مناسبة للتعبير عنه.
دور المدرسة في علاج الكذب:
للمدرسة دور هام في التربية فهي بيت الطالب الثاني ولها تأثير قوي على الطلاب، لذا يجب على المعلمين ان يعوا ان دورهم ليس التدريس فقط بل التربية اولاً، فيجب عليهم حث الطلاب على الصدق وتثبيت العقيدة الاسلامية في نفوسهم وتوجيههم الوجهة الصالحة وان يكونوا قدوة لطلابهم في جميع تصرفاتهم لأن الكثير من الطلاب يقتدون بمعلميهم.
والدور الكبير الذي يجب على المدارس القيام به هو عقد الندوات والمحاضرات وإلقاء المواضيع والعبارات والكلمات الدينية والأحاديث التي تحث الطلاب على الصدق والابتعاد عن الكذب.
- د. هدى الحجازي
- جامعة الملك سعود \ مقرر الخدمة الاجتماعية المدرسية