مشكلة الكذب:
كثيرا ما يشكو الآباء والمعلمين من لجوء بعض الأطفال إلى الكذب في موقف الحياة المختلفة ,وذلك باختلاقهم للأعذار أو سردهم لقصص غير الحقيقية .
ويعرف الكذب بأنه القول المخالف أو المغاير للحقيقة ,أو عدم مطابقة القول مع الواقع ,أو هو ذكر شيء غير حقيقي في القول والعمل والسلوك وبنية الغش أو خداع شخص آخر من أجل الحصول على فائدة أو التملص من أشياء غير سارة.
وخطورة الكذب تكمن في أن تعود الطفل على هذا السلوم يصبح أمرا من الصعب التخلص منه مستقبلا .كما أنه يخلق لدى الطفل شعورا بعدم تصديقه من قبل أبويه وأقرانه ومعلميه مما يولد عنده عدم حبه واحترامه من قبلهم ,وهذا بدوره يفقده التكيف والتوافق سواء كان الاجتماعي منه أو الدراسي.
أسباب الكذب :
تعددت الأسباب التي تؤدي بالفرد إلى سلوك الكذب ,غير أننا يمكننا القول أن الآباء أو المعلمين قد يكونا من أهم هذه الأسباب ,وذلك بقسوتهم على الطفل وخاصة في السنوات الأولى من حياته.
أما بالنسبة للأسباب التي تؤدي بالطفل إلى الكذب ,فيمكننا تحديد أهمها:
1)تقليد سلوك الراشدين ,الطفل قد يتعلم الكذب من قدوة سيئة سواء كانت هذه القدوة في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع . فمن المعروف أن الطفل يتعلم الصدق والكذب من الكبار والمحيطين به.
2) الصرامة في المعاملة ,فقد يؤدي قلق الوالدين على أطفالهم والتشدد في تنشئتهم على الصدق ,حين يدققون في كل صغيرة وكبيرة وفي كل عبارة تصدر عنهم مما يؤدي بالطفل إلى اللجوء إلى الكذب كمحاولة للطهور بالمظهر الذي يرغبه الوالدان .كما أن الإفراط في تدليل الطفل في صغره ثم تغيير أسلوب المعاملة بعد ذلك يشعر الطفل أن التدليل قد تغير, وهذا ما يرفضه الطفل مما يدفعه إلى التمارض والذب المرضي بغية العودة إلى ما كان عليه من تدليل.
3)شعور الطفل أو المراهق بالنقص في أحد جوانب شخصيته نتيجة وجود قصور أو عاهة خلفية أو نفسية تمنعه من التوافق بشكل صحيح مع زملاءه.
4)محاولة الفرد إشباع حاجات معينة ,كجذب انتباه الآخرين واهتمامهم به كادعائه بامتلاك سيارة أو مبالغ نقدية إلى غير ذلك من الأمور.
5)وقد يكون سبب الكذب هو الخوف من العقاب من بيدهم السلطة عليه كالوالدين في المنزل أو المدرس في المدرسة فيلجأ الطفل للكذب لحماية نفسه.
6)وقد يكون السبب هو كراهية الفرد للآخرين لشعوره بالغيرة منهم لتمتعهم بميزات لا يحضى هو بها.
دور المرشد التربوي في علاج مشكلة الكذب:
المرشد التربوي بإمكانه المساهمة في تقديم العون والمساعدة للتلميذ للتخلص من هذه المشكلة التي تكون ذات تأثير خطير على حياته إذا ما استمرت معه. ةيتخذ دور المرشد التربوي في علاج هذه المشكلة ثلاث مراحل أساسية وهذه المراحل هي كالتالي:
المرحلة الأول:يجب على المرشد التربوي القيام بتحديد نوع الكذب الذي يقوم به الطفل ,فليس كل الانواع يحتاج إلى إرشاد وعلاج ,إذ إن البعض منها يرتبط بمرحلة نمائية عندما يبلغها الطفل يتخلص من تلقاء نفسه من هذا النوع من الكذب, كالكذب الخيالي ,والكذب الالتباسي.
المرحلة الثانية: يقوم المرشد بتحديد الأسباب الرئيسة لكذب الأطفال ,إذا أن كل سبب من الأسباب السابقة يحتاج إلى طريقة معينة لمواجهته وعادة ما يلجأ المرشد التربوي إلى مشاركة الوالددين في تحديد الأسباب.
المرحلة الثالثة :هنا يتم استخدام الأساليب أو الفنيات التالية لمساعدة الطفل على التخلص من هذه العادة السيئة :
1)التدعيم:
حيث يستخدم المرشد التربوي كل من التدعيم الايجابي والسلبي , ويطلب من الوالدين استخدامها في المواقف التي يتأكدان من خلالها أن الطفل يقول الحقيقة.
التدعيم الايجابي :
أ)استخدام المعززات الغذائية : الحلوى والشكولا والايس كريم.
ب)المعززات الاجتماعية:المدح والثناء ,واللمسات الدالة على الرضا مثل الترتيب على الكتف والابتسامة.
ج)المعززات المادية:إعطائه النقود عند قوله للحقيقة.
أما التدعيم السلبي:
فهو يعني حذف شيء غير مرغوب عند الطفل مثل (العقاب أو تحفيف الألم والخوف أو غيرها من الأمور التي لا يحبها الطفل’ فالطفل عندما يقول الحقيقة نرفع عنه عقابا كان قد وقع عليه).
2)إعادة التغذية الحقيقة أو الواقعية :
عندما يقوم الطفل بسرد قصة طويلة يدعه الأب أم الأم أو المعلم يشعر بأنه مهتم وأنها قصة جميلة وشيقة .ثم يمكن مساعدة الطفل على التمييز بين الحقيقة والخيال من خلال الاستفسار هل هي حقيقة أم تشبه الحقيقة؟
وعندما يخبرنا الطفل بأنها غير حقيقة مثلا نتركه يذكر لنا قصة أخرى حتى يتعلم أن يفرق بين الخيال والحقيقة.
وإلى جانب الأساليب والفنيات السابقة ينبغي على المرشد التربوي توعية الوالدين إلى بعض الامور التالية التي ينبغي النتباه لها عند تمشئة أبنائهم ومنها:
1)البعد عن القسوة عند ارتكاب الطفل لخطأ ما.
2)عدم التفرقة بين الاخوة في المعاملة أو إقحامهم في موقف.
3)تنافسية تؤدي إلى إثارة الكراهية والحقد فيما بينهم.
4)عدم السخرية من الطفل أو الايتهزاء به.
5)حث الوالدين والأخوة بضرورة الالتزام بالصراحة والصدق فيما يقولون أو يفعلون أمام الطفل ,وتجنب أي محاولات الخداع والكذب أمامه مع محاولة تحقق رغبات الطفل كلما كان ذلك ممكنا.
6)تقديم قصص تدعم الصدق والوفاء والابتعاد عن الغش في القول أو الفعل.
االمرشد التربوي, د. هادي مشعان وآخرون ,ص72-80