اذا كان ترابط المجتمع البنائي و تساند مؤسساته الوظيفي من شأنه النهوض بالمجتمع و الإسراع بنمائه فان اقرب هذه المؤسسات جميعا للمدرسة هي الاسرة حيث ان وظيفتهما متداخلتين و متشابكتين في جوانب متعددة أهمها تربية النشء و تعليمه و اعداده للحياة و قد سبق القول بأن الاسرة القديمة كانت بكل هذه الوظائف وحدها حين كانت تنقل لأبنائها تجارب الماضي و تراثه الثقافي و لكن ظهرت المدرسة كمؤسسة اجتماعية أقامها المجتمع لمقابلة الاحتياجات المتزايدة للأفراد و الجماعات و لم يكن يقصد بذلك نقل وظيفة التربية و التعليم كليا من الاسرة الى المدرسة و انما أراد ان تشارك بعد ان اعجزها التطور عن أداء وظائفها السابقة و بعد ان زادت مسؤولياتها و تعقدت أدوارها و ناءت بهذا العبء الكبير .
و تخصصت المدرسة في تحمل المسئوليات التي تتمشى مع أهدافها و اغراضها بحيث يظل للأسرة بعض الأدوار التي تؤديها نحو أبنائها و بذلك تتكامل الأدوار و تتساند الوظائف بحيث تتمنك المدرسة من أداء وظائفها الاجتماعية التي تتمشى مع المجتمع الذي يتغير بسرعة كبيرة مما يجعل الاسرة عاجزة عن مسايرة هذا التغير الحضاري الكبير بجهودها المحدودة و لذلك أسندت مسئولية التربية و التعليم الى شركة تسهم فيها كل من الاسرة و المدرسة نصيب موفور .
فالأسرة تقوم بتنشئة الطفل و تطبيعه اجتماعيا عن طريق تنمية قدراته و مهاراته و اشباع حاجاته و اكسابه الكثير من الخبرات التي تعده التفاعل مع الحياة الى ان يحين وقت الالتحاق بالمدرسة و عندئذ تسير للمدرسة مهمتها و تساعدها على تحقيق رسالتها ثم تستمر الاسرة في تعاونها مع المدرسة و تستمر في أداء مسؤولياتها نحو الأطفال و تحاول جاهدة تهيئة افضل الظروف و احسنها حتى تتمكن المدرسة من أداء وظائفها و استكمال عملية التنشئة الاجتماعية التي يكون للمدرسة بجماعاتها المختلفة الأثر الكبير في تدريب الطفل و تهيئته للتعامل مع المجتمع الكبير .
و كلما كان هناك اتصال مستمر بين المنزل و المدرسة كلما زاد التفاعل بينهما في الوقاية من الكثير من المشكلات الخطيرة التي تعترض الكثير من التلاميذ و التي كانت سببا في كراهيتهم للمدرسة او فشلهم في المدرسة و كثيرا من هذه المشكلات تعجز المدرسة بمفردها عن علاجها و لذلك فلا بد من ترابطهما و تساندهما حتى تنجح عملية التنشئة الاجتماعية بجزئيها الاسري و المدرسي .
المرجع
الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي للأستاذ الدكتور عبد الخالق محمد عفيفي , صفحة 83