لخدمة الفرد في المجال المدرسي ثلاثة أدوار هي:
الدور الإنشائي، والدور الوقائي، والدور العلاجي.
- الدور الإنشائي:
يتجاوز الدور الإنشائي في أهمية كل من الدورين الآخرين يتمثل في حفظ وتطوير الأهداف التربوية ويتحقق ذلك عن طريق:
١ـ اكتشاف أصحاب المواهب الممتازة في نواحي النشاط الترويحي من جهة أخرى للربط بين كافة أنواع المهارات وتنميتها حتى لا تذوب هذه المواهب في محيط المدرسة ويتحقق ذلك عن طريق إتاحة الفرصة لظهور القادة في جماعات الدراسة وأوقات الفراغ على السواء بحيث لا تكون المدرسة أداة للتلقين السلبي فكثير من التلاميذ ذوي القدرات ـ المعتدلة يقفون على هامش إدارة الجماعة لأنهم لا يملكون المقدرة على القيادة التنظيمية والواقع أن هؤلاء لا يحتاجون إلى أكثر من اكتشاف قدراتهم والعمل على إظهارها والطريق إلى ذلك هو أن تتاح لهم الفرصة لتولي المراكز الرئيسية في ظروف ومواقف خاصة.
٢ـ تهيئة الفرص التي تساعد على إيجاد روح الفريق وممارسة تجربة المشاركة الاجتماعية في المستوى الذي يساعد على تحقيق الفهم المتبادل بين الجميع كل حسب طاقته وقدراته.
٣ـ إتاحة الفرصة لكل فرد على حدة عن طريق الجماعات التعليمية من جهة وجماعات النشاط الترويحي المدرسي من جهة أخرى أي أن تجد الموقف الذي يهيئ له اتباع أنسب سلوك ممكن لمواجهة مواقف الحياة في المجتمع ويعني ذلك أن تكون البرامج نابعة من حاجات الأفراد من جهة وأن تعمل القيادة الواعية على تنمية وتعميم الاتجاهات الاجتماعية وذلك عن طريق الإحساس الفعلي المباشر بمشكلات البيئة والمجتمع المحلي.
٤ـ تمكن للتلميذ عن طريق القوة والحب من فهم القيم الحقيقية للمعايير الأخلاقية فالقيم والمعايير الجمالية والأخلاقية لا يمكن أن تلقن وإنما تمتص من الجو الإجتماعي المحيط بالفرد بحيث تمتزج بتصرفاته ومشاعره وبكل مقومات تفكيره وسلوكه.
وبالرغم من أن الحب يجب أن يبدأ من البيت إلا أن امتداد جو الرضا والحب داخل إطار المدرسة يساعد في تقوية الاستقلال الذاتي لدى الفرد.
٥ـ تهيئة سبل وأسباب الحرية الكافية للتعبير عن الذات داخل ميدان المدرسة ويعني بذلك اعتبار توفير النظام المدرسي وسيلة وليس غاية في ذاته ولا يقصد أن تتحول هذه الحرية إلى فوضى وإنما تهدف الحرية إلى بناء الشخصية وتدعيم مقوماتها دون أن يتحول النظام إلى كبت وقضاء العناصر الأساسية التي تميز شخصية كل تلميذ على حدة.
ويظهر دور الأخصائي الاجتماعي واضحا في هذه الناحية بالذات لأن التميز بين الواجبات والحقوق لا يأتي عن طريق التلقين أو المواعظ الأخلاقية وإنما يتحقق عن طريق الممارسة الواقعية لمراتب الحرية ومعانيها بحيث تصبح المدرسة مجالا لاهتمامات التلميذ ودوافعه إلى التملك وتساعد على إظهار العلاقات بين الأفراد.
٦ـتوجيه التعليم وبرامج النشاط بحيث تعمل على تلبية احتياجات البيئة وتحقيق أقصى درجات التوافق بين الأصول التربوية المعترف بها من جهة والحاجات الفعلية للمواطنين وللمجتمع المحلي من جهة أخرى.
ـ الدور الوقائي:
يتمثل الدور الوقائي لخدمة الفرد كمنهج في الخدمة الإجتماعية المدرسية في المسائل الرئيسية الآتية:
ـتجنب التلميذ مساوئ السلوك اللا سوي بتهيئة الجو الذي ينمي مظاهر السلوك الاجتماعي بشتى صوره.
ـتهيئة المواقف التي يشعر فيها التلميذ بالآمن والطمأنينة وذلك بفهم إمكانياته وخبراته ودرجة توافقه الانفعالي والاجتماعي لتهيئة أوجه النشاط الذي يشبع الميول والاهتمامات المتباينة والتدرب على الاستقلال الذاتي ومواجهة مواقف المنافسة في محيط الأسرة من جهة وفي المجتمع الواسع من جهة أخرى.
كما أن النشاط المدرسي الذي يتيح التنفيس عن الدوافع والطاقات الكامنة يعتبر عامل وقائي بالغ الأهمية ويظهر ذلك في الآتي:
(أ) يساعد الانطواء تحت لواء الجماعات المدرسية في تلبية الدافع إلى الظهور والتعبير عن الذات ولهذا تقع على عاتق الأخصائي الاجتماعي في المدرسة مهمة التعرف على التلميذ المنطوي أو الخجول أو المنعزل عن المشاركة الجماعية ومساعدته على تذوق النشاط المدرسي حتى تتهيأ له فرص اختيار أنسب ألوان النشاط ملائمه له.
(ب) يساعد نظام مجالس الفصول ومجلس الصف والاتحادات الطلابية في تدريب التلاميذ على ممارسة الحكم الذاتي والمعروف أن التدريب على الاستقلال في التفكير وفي الحكم إحدى عناصر الوقاية التي يتعهدها طريقة خدمة الفرد في إدارة الجلسات وفي تنظيم المناقشة وفي وجود الفرصة للتعبير عن الآراء الفردية وتقديم المقترحات اللازمة لتقدم الجماعة ويجد التلاميذ فرصة طيبة لممارسة الميل إلى القيادة أو التبعية حسب مقومات شخصيته واستعداداته الموروثة والمكتسبة ووفقا لدرجة النمو العقلي والوجداني.
(ج) تعتبر الدوافع التي تؤدي إلى المنافسة والمنازلة والمقاتلة من أقوى لطاقات التي تحتاج إلى قيادة حكمية وتوجيه اجتماعي سوى حتى لا تنصرف إلى مسالك غير مشروعة أو تأخذ عدوانية لا يرضى عنها الجميع.
(د) تنمية علاقات ودية طيبة بين المدرسة والتلميذ لما لذلك من أثر عميق في وقاية الناشئ من الانطواء تحت لواء العصابات والجماعات المنحرفة التي قد يجد لديها الإشباع النفسي الذي يفقده.
ويعتبر نظام المشرف الزائر إحدى الوسائل الناجحة لربط البيت بالمدرسة والعناية بالتلاميذ كأفراد، فعن طريق التعرف على الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية التي يعيش التلميذ في دائرة تأثيرها يمكن توجيه نشاطه وطاقاته من جهة تربطه بالمدرسة وتشعره بأهميتها.
- الدور العلاجي:
يقع على عاتق الأخصائي الاجتماعي في المدرسة مهمة الكشف عن المشكلات التي تدل على اضطراب سلوكي أو انفعالي لدى التلميذ ومهما تشابهت هذه المشكلات لدى تلاميذ في نفس السن أو المستوى التحصيلي أو المستوى الطبيعي فإنها تحتاج إلى دراسة فردية للوصول إلى الجذور الحقيقية للمشكلة والعقبات التي تعوق نمو الطالب المادي والوجداني وبهذا يمكن اختيار الأسلوب الأمثل في علاج كل حالة على حدة.
(الخدمة الاجتماعية المعاصرة ، د.نظيمة أحمد محمود سرحان ، ص381-385)