أود أن أطرح هذا الموضوع لاهميته و توضيح مهنة الخدمة الاجتماعية في المدارس و أهميتها ...
أدخلت الخدمة الاجتماعية في المجالات التعليمية أوائل الخمسينيات كونها حق لكل مواطن وإذا كان الهدف في أول الأمر كان مجرد تفرغ المعلمين الذين يقومون بعمليات الإشراف لمواجهة تزايد عدد التلاميذ وبالتالي زيادة عدد الفصول فان الخدمة ألاجتماعية في المدرسة العربية استطاعت في فترة وجيزة أن تؤكد دورها الايجابي والإنشائي في العمليات التربوية والتكوينية للتلميذ وإذا كانت مفاهيم التربية الحديثة تتضمن النمو الاجتماعي والنمو النفسي إلى جانب التحصيل الدراسي فان الخدمة الاجتماعية في ضوء هذه المفاهيم تساهم في العلميات التربوية للمساعدة على الوصول إلى الأهداف المتكاملة التي تضعها المدرسة أمامها وتعمل بكافة السبل والوسائل لتوفيرها فاستعانت المدرسة بالأخصائيين النفسية في العيادات النفسية للكشف عن قدرات التلاميذ العقلية وتوجيه المتخلفين عقليا منهم إلى مدارس ضعاف العقول.
هكذا سار التصور في المدرسة العربية عندما استفادت بالأخصائي الاجتماعي فأشارت البرامج الخاصة بالخدمة الاجتماعية واستخدمت مبادئها كجزء من نظام متكامل يساير برنامج المدرسة العام.
ان أهمية الخدمة الاجتماعية في المجال التعليمي ترجع الى أنها تتداخل مع قطاعات كبيرة من أبناء المجتمع، كما أنها تحظى باهتمام كافة المسؤولين عن إعداد الجيل الجديد الذي سوف يتحمل مسؤوليات المستقبل فإذا نجحت الخدمة الاجتماعية في دورها البناء تكون قد ساهمت مساهمة أكيدة في تحقيق أهداف التنمية و تطور المجتمع.
إن الخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي مهنة احتاجت إليها المؤسسة التعليمية لتحقيق وظيفتها الاجتماعية بصورة ملحة أمام المتغيرات التي يكسبها المجتمع وتؤثر في حياة كل من يعيش في نطاق الخدمـــة الاجتماعـيـة المدرســيــة .
يعرف الأخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي بأنه : ذلك الشخص الفني والمهني الذي يمارس عمله في المجال المدرسي في ضوء مفهوم الخدمة الاجتماعية ، وعلى أساس فلسفتها ملتزماً بمبادئها ومعاييرها الأخلاقية ، هادفاً إلى مساعدة التلاميذ الذين يتعثرون في تعليمهم ، ومساعدة المدرسة على تحقيق أهدافها التربوية والتعليمية لإعداد أبنائها للمستقبل.
فدور الأخصائي الاجتماعي يختلف عن دور المدرس ، فدوره مهم جدا لا يتقيد بجدول المدرسة الرسمي ، إنما عمله ينحصرفي معالجة القضايا والمشكلات الاجتماعية والنفسية وغيرها للتلاميذ ، داخل المدرسة وخارجها ومتابعتها باستمرار طول مدة العام الدراسي ، والعام الذي يليه وهكذا ، ومفهوم الخدمة الاجتماعية هو تقديم خدمات معينة لمساعدة الأفراد والتلاميذ أما بمفردهم أو داخل جماعات ليتكيفوا على المشاكل والصعوبات الاجتماعية والنفسية الخاصة والتي تقف أمامهم وتؤثر في قيامهم بالمساهمة بمجهود فعال في الحياة وفي المجتمع ، وهي كذلك تساعدهم على إشباع حاجاتهم الضرورية وإحداث تغييرات مرغوب فيها في سلوك التلاميذ وتساعدهم على تحقيق أفضل تكيف يمكن للإنسان مع نفسه ومع بيئته الاجتماعية التي يترتب عليها رفع مستوى معيشته من النواحي النفسية والاجتماعية والعلمية وغيرها .
ومن المسلم به أن المدرسة ليست مؤسسة تعليمية فقط وإنما هي مؤسسة تربوية تعليمية لها وظائفها الاجتماعية الهامة ، ومن الضروري أن يتم التفاعل بينها وبين المجتمع المحلي ، فهي جزء لا يتجزأ من واقع هذا المجتمع تتأثر به وتؤثر فيه وتعد أفراده للحياة وللمساهمة الإيجابية والخدمة الاجتماعية في المجال التعليمي تعني الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية على مستوى المدرسة وكذلك المستويات الإشرافية والتخصصية والإدارية وغيرها التي ينصب تأثيرها على المدرسة وهي تمثل مجموعة المجهودات والخدمات والبرامج التي تعمل على رعاية النمو الاجتماعي للطلاب بقصد تهيئة الظروف الملائمة لتقدمهم التعليمي والتربوي.
وبذلك يمكن القول أن الخدمة الاجتماعية المدرسية رسالة تربوية تقوم على :
- مساعدة الطالب – كحالة فردية وكعضو يعيش في المجتمع – لتحقيق النمو المتوازن المتكامل لديه والاستفادة من الخبرة التعليمية إلى أقصى حد ممكن ، وهي بذلك أداة لتنمية الطالب والجماعة والمجتمع .
- تنشئة الطالب اجتماعياً وتدريبه على الحياة والتعامل الإنساني الإيجابي .
- تزويد الطالب بالخبرات والجوانب المعرفية لإعداده لحياة اجتماعية أفضل .
- تعديل سلوكه وإكسابه القدرة على التوافق الاجتماعي السوي .
- مساعدة الطالب للتعرف على استعداداته وقدراته وميوله وتنميتها والاستفادة منها لأقصى حد ممكن .
- التكامل مع المجتمع من أجل استثمار الطاقات البشرية المتاحة وحفزها على العمل البناء ، وربط الطالب بالبيئة المحلية بما يحقق الرفاهية الاجتماعية .
وبهذا المعنى تكون الخدمة الاجتماعية المدرسية جانباً أساسياً محورياً في الوظيفة التربوية التعليمية للمدرسة .
أهداف الخدمة الاجتماعية المدرسية : يمكن تحديد أهداف الخدمة الاجتماعية المدرسية في :
1. اكتساب الطلاب مجموعة من الاتجاهات والمهارات والمعارف التي تتمثل في :
أ – اكتساب الطالب مجموعة من الاتجاهات الصالحة السليمة والتي من بينها :
- الإيمان بالله ورسله والإعزاز بالقيم الدينية التي تؤمن سلوكه .
- الانتماء للمجتمع المحلي والقومي والإنساني .
- الإيمان بالأهداف المشتركة .
- تنمية روح التعاون مع الآخرين والعمل بروح الفريق.
- القدرة على القيادة و تحمل المسؤولية و احترام النظام وتقدير قيمة الوقت والعمل والتفكير الواقعي السليم والقدرة على مواجهة المشكلات و اكتساب الطالب بعض المهارات اليدوية والفنية والفكرية و مساعدته على أن يتوفر لديه قدر مناسب من المعلومات والمعارف التي تعينه على فهم نفسه ومعرفة مجتمعه و شمول الرعاية للقاعدة الطلابية العريضة مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجاً والإسهام في تنمية إيجابية الطالب للاستفادة من العملية التعليمية و ربط المدرسة بالبيئة وبقضايا المجتمع .
المجالات الأساسية لعمل الأخصائي الاجتماعي المدرسي
في ضوء مفهوم الخدمة الاجتماعية المدرسية وأهدافها يتبين لنا أن عمل الأخصائي الاجتماعي يتم من خلال ثلاث جوانب رئيسية هي :
1. الجانب الإنشائي والتنموي ويتمثل في :
- تنظيم الحياة الاجتماعية للطلاب من خلال جماعات مدرسية وإتاحة الفرص لإشراك أكبر عدد من الطلاب فيها مما يكشف وينمي مواهبهم وميولهم وقدراتهم .
- تنظيم الخدمات الجماعية اللازمة لنمو الطلاب جسمياً ونفسياً وعقلياً واجتماعياً .
- تنمية المواهب والميول والقدرات وتشجيع الطلاب على ممارسة ألوان الهوايات المختلفة داخل المدرسة وخارجها .
2. الجانب الوقائي ويتمثـل في :
مجموعة الجهود التي تبذل لدراسة ومعالجة الظروف والأوضاع الاجتماعية والانفعالية التي قد تؤثر على الطلاب تأثيراً سلبياً بما يؤدي إلى وقايتهم من أسباب الانحراف ، ومعاونتهم على تجنب الصعوبات والمشكلات .
3. الجانب العلاجي ويتمثل في :
مجموعة الجهود والخدمات التي تبذل لمساعدة الطلاب على حل مشكلاتهم المختلفة والتي قد تعوق نموهم ولإفادتهم من الحياة المدرسية كاملة .
هذا ويتطلب العمل في إطار الجوانب الثلاث السابقة أن يتعامل الأخصائي الاجتماعي مع الطالب في المجالات التالية :
أولاً : مجال العمل مع الحالات الفردية :
ويتضمن تناول حالات الطلاب السلوكية والاجتماعية والمدرسية والصحية والاقتصادية .. بهدف تهيئة ظروف ملائمة تساعدهم على التوافق الاجتماعي وتقبلهم للخبرة التعليمية ومواجهة كل ما يعترض تحقيق هذا الهدف من خلال برامج وقائية وتنموية وعلاجية .
ثانياً : مجال العمل مع الجماعـات :
ويتضمن تكوين الجماعات المدرسية المنوعة وإتاحة الفرص لاشراك أكبر عدد من الطلاب فيها والإشراف على الجماعات ذات الطابع الاجتماعي ، والعمل على إيجاد نوع من التفاعل البناء بين أفراد الوسط المدرسي من خلال هذه الجماعات بما يكفل تنمية شخصية الطـالب وتعديل سلوكه من ناحية ، وبما يساعد على ربط المدرسة بالبيئة المحيطة بها من ناحية أخرى .
ثالثاً : مجال العمل مع المجتمع :
ويتناول العمل مع التنظيمات المدرسية لمساعدتها على تحقيق أهدافها المرجوة بما يساعد على ربط الطلاب بالمدرسة والمجتمع المحلي ، وإيجاد صلات قوية بين الطلاب وبيئتهم ، وإتاحة الفرص لهم لمواجهة المواقف الحقيقية في الحياة العامة التي تصقل شخصياتهم وتساهم في تنشئتهم وإعدادهم بما يعود على المجتمع بالرفاهية المرجوة .
وينبغي مراعاة أن العمل الاجتماعي بالمدرسة في المجالات الثلاث السابقة يتطلـب القيام ببعض الدراسات والبحوث للتعرف على الواقع والاحتياجات الفعلية ، كما يتطلب التخطيط الاستراتيجي والمتابعة وعمليات تنظيمية وإدارية .
خدمة الفرد المجال المدرسي
تختلف خدمة الفرد في المدارس عنها في الميادين الأخرى في أن الطالب لا يتقدم في الغالب بنفسه لطلب المساعدة في إيجاد حل لمشكلة معينة ، لأن معظم الحالات التي تعرض على الأخصائيين الاجتماعين بالمدارس تحول عادة من أحد أعضاء هيئة التدريس ، أو بعرض من ولي أمر الطالب على الأخصائي الاجتماعي ، أو من خلال اكتشاف الأخصائي لحالة الطالب نظراً لعلاقاته بالطلاب ، وملاحظته لظواهر السلوك المختلفة التي تبدر منهم .
وفي هذه الحالات لا يجد الأخصائي الاجتماعي مفراً من التدخل ومحاولة توضيح المشكلة للطالب ومساعدته على إيجاد حلول ملائمة للتغلب على هذه المشكلات ، وهذا ما يعبر عنه الأخصائي الاجتمـاعي بدور إيجابي لمواجهة المشاكل التي يكون الطلبة غير متبصرين بها ..
وتختلف المشكلات الفردية باختلاف شخصية الطالب والموقف الذي يواجهه فقد تكون المشكلة دراسية أو نفسية أو أسرية أو اقتصادية أو صحية .. الخ ، وقد تكون المشكلة عارضة أو مستمرة ، ويتعامل الأخصائي الاجتماعي مع هذه المشكلات مستعيناً بالإمكانيات الداخلية بالمدرسة سواء المادية منها أو البشرية وقد يلجأ إلى طلب المساعدة من بعض المؤسسات بالمجتمع والتي تقدم خدمات تساهم في حل المشكلة .
المرجع:
أحمد مصطفى خاطر و محمد بهجت حاد الله كشك، الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية في المجال التعليمي، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية 1999.