الصدمة المدرسية : اللقاء الأول بين الطفل والمدرسة.
يشكل اللقاء الأول بين الطفل والمدرسة نوعا من الصدمة الوجودية بالنسبة للطفل حيث ينتقل وللمرة الأولى إلى عالم جديد تسوده قوانين وقيم غير هذه التي عرفها في إطار أسرته. في أجواء هذه الصدمة النفسية يجد الطفل نفسه في غمرة علاقات جديدة تتطلب منه وإلى حد كبير الاعتماد على ذاته في التكيف مع الآخرين كما تتطلب منه إدراكا لحدود حريته وعلاقته بالآخر فالحدث المدرسي يترك في نفس الطفل انطباعات مؤلمة تترك بصماتها في وجدان الطفل وفي بنيته السيكولوجية على مدى الحياة. وبقدر ما يستطيع الطفل تجاوز هذه الصدمة يستطيع في المستقبل أن يحقق توافقا كبيرا مع عالم المدرسة ومع مقتضيات النجاح فيها. وفي هذه المرحلة يتوجب على ذوي الأطفال وعلى المعلمين أيضا أن يبذلوا قصارى جهدهم في تقديم الدعم العاطفي والإنساني لمساعدة الطفل على تجاوز الصدمة الفطامية الأولى : قد تكون هي المرة الأولى التي يغادر فيها الطفل منزله ويترك أبويه للتكيف مع عالم جديد وغريب ومختلف عن عالمه الأسري إلى حد كبير أو صغير. ويدرك الأهل غالبا أن دخول الطفل إلى المدرسة سيشكل بداية لمعاناة جديدة حيث تبدأ الصعوبات غالبا مع هذه المرحلة العمرية ويعتقد اليوم أغلب الباحثين أن المدرسة الابتدائية تلعب دورا حاسما في حياة الطفل وفي تحديد مسار حياته المدرسية فالسنوات الخمس أو الست الأولى التي يقضيها الطفل في أحضان المدرسة الابتدائية تساعد الطفل في عملية اكتساب الأدوات الأساسية للمعرفة : كالتعبير الشفوي والكتابي والقراءة والحساب والحس النقدي والقدرات الفيزيائية والرياضية. وفي هذه المرحلة يتوجب على الآباء والمعلمين تحقيق درجة عالية من التنسيق في سبيل احتواء الصعوبات التي يواجهها الطفل في المدرسة وتمكن الطفل من السيطرة على عالمه الجديد وامتلاك معايير السلوك والتكامل مع وسط المدرسة بما ينطوي عليه هذا الوسط من تناقضات وإشكاليات.
المصدر:
د. الشهاب , علي جاسم وآخرون : علم الاجتماع المدرسي – بنيوية الظاهرة المدرسية ووظيفتها الاجتماعية - , 2004م , ط (1) , بيروت – لبنان , مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.